أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يوم وصفَ حافظ الأسد نفسَه بالمتآمر والجبان!... ماهر شرف الدين*

الكاتب: كانت قوَّة فضولي تتجه إلى معرفة المفردات التي انتقاها الأسد لإدانة الجريمة

عند إقفالها النهائي، قبل سنتين، قامت جريدة "السفير" اللبنانية بنشر جزء كبير من أرشيفها القديم، والمهمّ أيضاً، كون الجريدة وصاحبها طلال سلمان كانا شاهدَيْن فاعلَيْن في كثير من مفاصل الحياة السياسية في لبنان. والحقّ أنني يومذاك دوَّنتُ بعض التواريخ التي شهدتْ أحداثاً مفصلية لأبحث عنها في أرشيف الجريدة فأعرف المزيد عن تفاصيلها وما الذي كُتِبَ عنها في وقت حدوثها. ومن بين تلك التواريخ تاريخ 17 آذار 1977، وهو يوم اغتيال قائد "الحركة الوطنية اللبنانية" كمال جنبلاط على يد الضابط السوري إبراهيم حويجة بأمر مباشر من حافظ الأسد.

ومع أنني أعرف بأن حافظ الأسد قد أنكر علاقته بالجريمة واستنكرها، على الرغم من ثبوت ضلوعه فيها بالدليل والبرهان، إلا أنني أردتُ أن أقرأ بشكلٍ حرفيّ ما الذي قاله الأسد آنذاك في استنكاره لجريمة اقترفها بنفسه على مرأى العالم ومسمعه.

ولم يتأخر البحث، حيث وجدتُ برقية تعزية (كذا) أرسلها الأسد إلى وليد جنبلاط، نجل الشهيد، منشورةً في كعب الصفحة الأولى من جريدة "السفير" في ذلك اليوم.

كانت قوَّة فضولي تتجه، في الدرجة الأولى، إلى معرفة المفردات التي انتقاها الأسد لإدانة الجريمة. فقد توقَّعتُ أن يكون حذراً جداً في انتقاء الكلمات فلا يُسرف في استعمال التعابير القاسية كون الجميع يعلم بأنه هو القاتل، وأنَّ كلَّ تعبيرٍ سيقوم باستخدامه هو بمعنى ما وصفٌ لنفسه وسلوكه.

لكن، وعلى العكس مما توقَّعتُ، استعمل حافظ الأسد أقبح المصطلحات وأسوأها لوصف الجريمة ومرتكبها!

فقد وصفَ حافظ الأسد مرتكبَ الجريمة (أي أنه وصفَ نفسَه) في برقية التعزية بـ: الآثم، المتآمر، الجبان، المخرّب لمسيرة الأمن والسلام في لبنان، والخادم لمخطَّطات أعداء الأُمَّة العربية!

ولو طُلِبَ من أشدّ كارهي حافظ الأسد أن يصفه، لما أجاد في ذلك كما أجاد الأسد في وصف نفسه!

***

وللمفارقة (الطبيعية)، وبعد مرور 34 عاماً على تاريخ تلك البرقية الوقحة، خرجَ السوريون علانيةً لاستعمال المفردات القبيحة ذاتها لوصف حافظ الأسد وابنه بشار، في ثورة شعبية عارمة صار العالم بعدها غير ما كان قبلها.

وبصيغة البرقية أيضاً، وفي مشهدٍ شهيرٍ لا يمكن لسوريّ نسيانه يوم 25 آذار 2011، كانت قدمُ ذلك المتظاهر الشجاع تركل وجه حافظ الأسد في الصورة العملاقة التي اعتلتْ مدخل "نادي ضبَّاط حمص"، وكأنها تصيح به: أيُّها الآثم... أيُّها المتآمر... أيُّها الجبان!

*معارض سوري - من كتاب "زمان الوصل"
(534)    هل أعجبتك المقالة (371)

حكيم

2019-01-03

حلال على "الحاكم بأمر العجل" ،، لا ينفع مع الحرباء والتلوّن إلا النار، والضفدع وليد "أسوة سيئة " أخطأ "الحاكم" كيف تركه،.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي