أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من حمورية وليندهولم.. صورتان للعار عن الموت السوري*

أحد عناصر الدفاع المدني ينقل طفلاً جريحاً في حمورية - رويترز

ما زلنا رغم تراجع الخبر السوري - في وكالات الأنباء وعلى الشاشات الأنيقة- نحصد جوائز الموت بلا منازع، وما زال موتنا حفلة شغف تتصدر ما بقي من وجدان العالم الذي يركض نحو هاوية عاره، وأما الإنسانية فتغط من اقتراب نهاية العام في أحلام احتفالات سباتها، وتسجل أحطّ أيام حيادها الآدمي.

الصورة الأولى هي الفائزة بجائزة اللقطة الصحفية الأولى لعام 2018 من بلدة حمورية بغوطة دمشق ونشرتها وكالة رويترز لعنصر من الدفاع المدني ينقذ طفلاً من تحت أنقاض بيته الذي دمرته الطائرات الوطنية..!

الصورة الثانية للجزيرة النائية الدنماركية (ليندهولم) التي ستكون موئل السوريين المهاجرين إلى أغنى دول أوروبا بعد أن صدرت القرارات الأخيرة المثيرة للذعر حول مصيرهم المنتظر، وأما المعلومات حولها فهي منفى بشري للمجرمين والمنفيين ومحمية طبيعية للحيوانات، وأما حال السوريين فليست سوى انتظار أن تلقي بهم أقدارهم المتوحشة في مجاهيل العالم الحر.

بين الصورتين ثمة صور أكبر من القهر والموت أوصلت هؤلاء الذين نحن منهم إلى هذا المصير الموحش، وثمة بلاد تكسرت وتحطمت تحت القصف والصراخ، وبشر كافحوا الموت من بلد إلى آخر، وقد ظنوا أنهم نجوا منه لكنهم اليوم يواجهون مصائر مجهولة وأكثر وحشية.

يصفق العالم المحايد لصورة الفتي الناجي من محرقة البراميل، والذي ستحتل صورته صفحات التواصل والشاشات وصحف العالم الحر، وربما تنفر دمعة من عين أمّ أو صرخة من فم عجوز نجا أيضاً من محرقته، وهكذا سينتهي نهار التعاطف دون أن يعود أحد إلى بيته أو يحاسب قاتل، ودون أن يلمس أحد وجه هذا الطفل الذي ربما تكون الأقدار قادته إلى الدانمارك حيث المصير الآخر المجهول في جزيرة نائية.

صورة العار الأخرى هي المنافي التي رحبت بالهروب السوري وتراه اليوم عبئاً عليها، ولم تشفع لذاك الخارج من موته كل إنجازاته بالانتصار على آلامه، والتغلب عل عوامل اللغة والمجتمع الجديد وحملات العنصرية، وقبوله بأن يذهب إلى جوار القطب المتجمد حالماً بليل دون رصاص.

اليوم تتداعى أوروبا الهانئة إلى طرد هؤلاء تارة بحجة عودة الاستقرار إلى وطنهم، وأخرى بالعبء الذي لم تعد تحتمله، وحتى البلدان والشعوب الشقيقة باتت تحرض على السوري في أنه يأخذ حصتهم من الخبز والماء والهواء، فيما هو في بعض هذه البلدان الخاوية يصنع المستحيل، ويقدم كل إرثه الحضاري والإنساني ليكون مختلفاً يأكل من تعبه دون أي يكلف أحداً وزر قدره.

بين حمورية وليندهولم...لن يحرك أحد ساكناً لتغيير مصائر هؤلاء البشر..هنا في قلب الغوطة أخمدت النار لكن الآهات لم تزل شاهقة في سماء المكان، وفي البحر الذي التهم أجساد الفارين ما زالت الأجساد الطافية والملقاة على الشواطئ تلعن القتلة والتجار، وأما (ليندهولم) الموحشة الباردة فهجرة جديدة قاتلة.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(187)    هل أعجبتك المقالة (185)

أنس

2018-12-07

هذه الجزيرة ليست محمية طبيعية و لكنها جزيرة تابعة لمعهد الطب البيطري الدنماركي و يتم فيها اجراء بحوث على امراض الحيوانات و من ضمنها انفلونزا الخنازير و الامراض الخطيرة الاخرى. و كان لا يسمح لاي حيوان يدخلها ان يخرج منها بل يتم اعدامه في الجزيرة كي لا ينشر الامراض خارجها. و تقول الحكومة الدنماركية ان تطهير الجزيرة من الامراض يحتاج لحوالي سنتين و لذلك ستسقبل الجزيرة ضيوفها الجدد بعد عام ٢٠٢٠..


زمان الوصل

2018-12-08

ترفع لكم القبعات احتراما لهذه الاقلام..... ارجو لكم الدوام.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي