أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

برواية قريبته.. قصة الطبيب الذي قُتل تحت التعذيب على كرسيه المتحرك

اعتقل وهو على هذه الحالة وقتل تحت التعذيب - زمان الوصل


ترك الطبيب "لؤي ثلجي" عمله في المملكة العربية السعودية وعاد إلى سوريا بعد أن أصيب بشلل نصفي إثر جلطة دماغية ألمت به، فتم اعتقاله على الحدود اللبنانية السوري أواخر تشرين الثاني نوفمبر/2017 ليتحول إلى رقم في أعداد ضحايا التعذيب في سجون النظام بعد أيام قليلة من الاعتقال ولم تسلم جثته لذويه شأنه شأن الآلاف من المعتقلين في أقبية وزنازين النظام. 

ولد د. ثلجي في مدينة "سلقين" بريف إدلب بتاريخ 18/1/1955 ونشأ وسط أسرة مؤلفة من أربع بنات وثلاثة شبان كان هو الأوسط بينهم ودرس في ‏ثانوية "المتنبي" بإدلب‏ ثم في ثانوية "الفتح العربي" بـ"سلقين" ودخل كلية الطب البيطري في حماة‏ لينال منها ‏بكالوريوس طب وجراحة الحيوان‏ عام 1982 وبعد تخرجه عمل كطبيب في بعض المراكز الصحية وافتتح عيادة للطب البيطري في "سلقين" فيما بعد، وكان خلال هذه الفترة منتمياً لحزب يساري محظور ومن معارضي البعث وممن شهدوا أحداث حماة نظراً لدراسته هناك، ما جعل مخابرات النظام تراقبه وتضايقه باستمرار -كما تروي قريبة له فضّلت عدم ذكر اسمها لـ"زمان الوصل"- مما دفعه للهجرة إلى الإمارات العربية المتحدة بداية عام 1990، ثم إلى المملكة العربية السعودية ليعمل في مجال اختصاصه، حيث افتتح عيادة هناك باسم "ند الشبا" للطب البيطري، وكان يتنقل بين المدن السعودية ودول الخليج تبعاً لمهرجانات ونشاطات الخيل والهجن، كما عمل في المجلس الوطني السوري "Syrian National Council".

ورغم ذلك لم تكف مخابرات النظام وشبيحته عن مضايقته وإيذائه حيث اقتحم 15 عنصراً منهم منزله في "سلقين" الذي يقطنه أبناؤه الشبان الذين كانوا يدرسون للحصول على شهادة البكالوريا.

وتضيف محدثتنا أن عناصر الشبيحة دخلوا إلى المنزل وقيدوا أبناء الشهيد وسلبوهم جوالاتهم و70 تنكة زيت كانت معدة للبيع من مزرعة والدهم وبعد فترة -كما تقول- دخل جيش النظام إلى سلقين واحتلوا منزله ومنزل أهله وجميع بيوت أقاربه وحرقوا محل ألبسة لأحد أبنائه. 

مع بداية الثورة كان الشهيد "ثلجي" على تواصل مع الكثير من الناشطين والثوار وأعلن تأييده لهم على العلن، وكان -حسب المصدر- يترقب يوم الجمعة ليتابع المظاهرات السلمية التي كانت تخرج في إدلب وريفها.

وبدأ شبيحة النظام يرسلون التهديدات له بعدم المجيء إلى إدلب وإلا ستتم تصفيته، وتم تعميم اسمه على الحدود وفي مطار دمشق الدولي، ولكنه لم يكن يبالي لهذه التهديدات التي اعتاد عليها.

وتضيف محدثتنا أن ثلجي أصيب بثلاث جلطات قلبية أدت إلى شلل في يده وقدميه وبات يستخدم كرسياً متحركاً، وحينها قررالعودة إلى سوريا مهما كان الثمن، وأرسل لمعارفه وأصدقائه ليسألهم إن كان مطلوباً، فأكد بعضهم أنه غير مطلوب بينما حذره آخرون من المجيء، ولكنه حزم أمره واتجه مع عائلته إلى بيروت ومنها استقل سيارة، خاصة باتجاه الحدود اللبنانية السورية وعند معبر "العريضة" الحدودي -كما تقول- أوقف عناصر المخابرات السيارة وطلبوا الجوازات، وجاء بعدها عنصران وطلبا 10 آلاف ليرة من زوجته كضمان -حسب قولهم- ثم جاء عنصران آخران، وأمسكا بيد الدكتور "لؤي" وأجبراه على التبصيم على أوراق كانت بأيديهم، ثم جاء آخرون وطلبوا منهم مبلغ 15 ألف ليرة سورية وبعد دقيقة حضرت سيارة "فان" ونزل منها أربعة عناصر فتحوا باب السيارة وحملوا "لؤي" وأدخلوه فيها بعنف وحينما حاولت زوجته اللحاق به أبعدوها بعنوة وقالوا إنهم ذاهبون إلى الأمن العسكري في طرطوس. 

وأضافت محدثتنا نقلاً عن زوجة الشهيد أنها لحقت بسيارة الأمن بالسيارة التي كانت تقلها وعند أول حاجز أوقفوها وأعادوها لعدم وجود بطاقة شخصية معها بعد أن سلبوها -كما تقول- ما تملك من مصاغ ذهبي ومبلغ 15 ألف ليرة، وعادت إلى حماة وبعد يومين بدأت رحلة البحث عن زوجها مع شقيقته -مديرة أحد البنوك- وتتابع أنهما عانيا لشهر ونصف في السؤال والبحث ما بين طرطوس واللاذقية ودمشق ودفعا أموالاً طائلة دون نتيجة وعلمتا أخيراً أنه موجود في فرع "فلسطين" ويحتاج لدفع 4 ملايين ليرة سورية للإفراج عنه، وعندما تم تأمين المبلغ وذهبت شقيقته لاستلامه فوجئت بوفاته تحت التعذيب بتاريخ 30/9/ 2017 أي بعد تسعة أيام من اعتقاله، ورفضت سلطات النظام تسليم جثته واكتفت بتسليم جواز سفره وشهادة وفاته بالجلطة القلبية.

وبدوره روى الصحفي "بسام حجي مصطفى" لـ"زمان الوصل" في لقاء سابق أنه تعرف على الراحل "لؤي ثلجي" في مدينة "سلقين" أوائل الثمانينات، وكانت معرفته به -كما يقول- بداية لشراكة في التمرد على الظلم الاجتماعي والسياسي. ولفت محدثنا إلى أن "ثلجي" كان منذ نعومة أظفاره ناشطاً في صفوف اليسار السوري، ولطالما عرفه باسماً جميلاً وشجاعاً يضج بالحياة والتحدي.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(277)    هل أعجبتك المقالة (253)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي