أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إيران والربيع العربي (3).. فؤاد حميرة*

الكاتب: استغلت إيران ظهور فصائل عسكرية تتبنى الفكر المتطرف لتزيد تدخلها في الملف السوري

مع قيام ثورات الربيع العربي وجدت إيران الفرصة سانحة للتغلغل في أوردة المجتمع السوري عبر تقديم الدعم لحليفها اللدود بشار الأسد، ولكن ليس قبل أن يشعر بضعفه وبأنه لن يتمكن من الصمود دون دعمها فانتظرت النظام حتى ترنح وأوشك على السقوط، فتدخلت في لحظة اختارتها طهران بكل دقة، ذلك أن سوريا البلد العربي الرئيس في المنطقة ومدخل إيران إلى الوطن العربي والبحر المتوسط من الأفضل أن تكون ضعيفة بقيادة رئيس مترنح يحتاج لمساعدتها كي يبقى، والأهم أن يدرك هذا الرئيس أن سحب اليد الإيرانية من ظهره ستعني سقوطه وقد أدرك الأسد هذه الحقيقة، فأراد اللعب على أوتار المصالح المتناقضة بين طهران وموسكو وطلب تدخل الجيش الروسي، فيكون بذلك في مأمن من الفخاخ التي ينصبها له سادة حكم الملالي في طهران، ولذلك كان التدخل الإيراني في بداية الثورة فاترا حتى أن دمشق كانت على بعد خطوتين من السقوط بيد الثوار، فكان التدخل الإيراني عبر حزب الله في وقته المناسب سواء لصالح النظام أو لصالح نظام الملالي.

عملت إيران منذ البداية على أن يكون تدخلها على طريقتها التي تسعى من خلال إلى تطبيع البلد وفقا لطابعها العسكري والديني والاجتماعي، فعملت على تشكيل فرق الدفاع الوطني، وقامت بتدريب عناصرها وتسليحها وتقديم رواتبها وحرصت على أن تكون هذه التشكيلات الوليدة على شاكلة حزب الله، فكان يتم نقل العناصر الجديدة إلى إيران لتلقي التدريبات هناك، فيما كان من الممكن بل ومن الأولى عسكريا تقديم التدريب على الأراضي السورية أو على أقل تقدير ترك مهمة تدريب العناصر الجديدة لضباط في الجيش السوري، إضافة إلى الدعم العسكري وتمويله قدمت إيران دعما نفطيا كبيرا كما غطت أجزاء كبيرة من تكاليف صفقات السلاح التي احتاجتها عمليات إعادة تأهيل الجيش السوري.

كل ذلك الدعم حوّل بشار الأسد ونظامه إلى دمية بيد طهران شبيهة بالدمى التي تحكم العراق منذ حكومة المالكي وحتى الحكومة الحالية.

لقد استغلت إيران ظهور فصائل عسكرية تتبنى الفكر المتطرف لتزيد تدخلها في الملف السوري بحجة محاربة الإرهاب والتطرف واستفادت من كل الأوضاع الصعبة التي عصفت بالنظام وهزته حدّ التهديد بالسقوط لتأمين تغلغلها في جميع مفاصل القرار في البلاد ولتتحول سوريا عبر النظام المهزوز إلى جنة لنظام الملالي.

حرص حافظ الأسد على التحكم بعلاقته الاستراتيجية مع إيران ومنع تحول سوريا إلى ساحة سهلة تسمح لطهران بإملاء إرادتها على السياسة السورية، ولكن مع مجيء بشار الأسد تغيرت العلاقة ومالت الكفة بشكل كبير لصالح طهران بعد أن كان الأسد الأب يديرها بطريقة تجعل من طهران خادمة لأهدافه في حماية حكمه، مستفيدا من حاجة إيران إلى حليف عربي يساعدها في محاصرة عراق صدام حسين والتخفيف من قبضة الحصار الخليجي عليها. و لازالت القيادة في إيران تنظر إلى دمشق على أنها الساحة الأهم في سعيها لإحكام سيطرتها على المنطقة، ذلك أن سوريا وبحكم موقعها الجغرافي تعتبر حبة العقد الرئيسية التي ستسمح لإيران بنشر عقيدتها، لكن فات طهران أن سوريا فقدت الكثير من أهمية موقعها الاستراتيجي وخسرت الكثير من مقوماته اللوجستية بسبب كثافة التدخل الدولي وصراع النفوذ العالمي على أراضيها ما جعل منها ساحة صراع لقوى هي أكبر من إيران بما لا يقاس ما يعني التشويش على مخططاتها، وربما إنهاء نلك المخططات إلى الأبد عبر إصرار المجتمع الدولي على خروج إيران من سوريا وإنهاء فترة نفوذها في هذا البلد العربي الهام.

*من كتاب "زمان الوصل"
(178)    هل أعجبتك المقالة (178)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي