أعرب القائم بالأعمال السوري في قطر عربي أسعيد عن تطلعه لنجاح القمة العربية الحادية والعشرين المقرر عقدها في الدوحة نهاية الشهر الجاري بكل المقاييس، وأن تكون قمة للتضامن العربي، وتعزيز العمل العربي المشترك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وأن تعمل على إزالة كافة المعوقات التي تقف في طريق التكامل الاقتصادي العربي.
وقال أسعيد في حديث مع «العرب»: إنني على يقين بقدرة وحكمة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى على قيادة سفينة العمل العربي المشترك إلى بر الأمان لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية جمعاء، والتاريخ يشهد لسموه بحرصه على التضامن العربي من خلال مواقفه القومية الثابتة تجاه جميع القضايا العربية المصيرية، متمنياً لدولة قطر مزيداً من النجاح والتوفيق في هذه المهمة.
وأكد أسعيد أن سوريا تحرص على إنجاح القمة العربية في قطر، منوهاً في هذا الصدد بالعلاقات بين بلاده وقطر، ووصفها بأنها تشكل مثالاً يحتذى به لكافة الدول العربية، وتشهد تطوراً ونمواً على كافة الأصعدة.
من ناحية أخرى أكد أن دمشق لن تتخلى عن دعمها للمقاومة «لأن من لا يدعم المقاومة لا يريد سلاماً»، مضيفاً أن سوريا تريد سلاماً عادلاً وشاملاً على أساس الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، وإعادة كافة الأراضي العربية المحتلة.
وتابع أن «سوريا تدعم مرجعية السلام الموجودة في مبادرة السلام العربية، لكن تفعيل هذه المبادرة يتطلب أن تقبل إسرائيل المبادرة، وتنفذ متطلبات السلام الموجودة فيها».
وحول الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، أكد دعم دمشق للحوار بين الأشقاء، معبراً عن أمله في أن يتوصل أطراف الحوار إلى إقامة حكومة وحدة وطنية.
وفيما يلي نص الحوار:
تُسلم دمشق رئاسة القمة إلى الدوحة خلال الأيام القادمة بكل ملفاتها الأساسية، ما هي الإنجازات التي حققتها دمشق خلال رئاسة القمة العشرين؟ وما هي تطلعاتكم لقيادة قطر للقمة المقبلة مع كل ما تحمل من ملفات وأزمات ما زالت عالقة؟
بداية أشير إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد أكد في كلمته التي ألقاها في افتتاح القمة العربية العشرين في دمشق يوم 29/3/2008 أن «انعقاد القمة في سوريا في هذه المرحلة هو شرف ومسؤولية كبرى، نعتز بها انطلاقاً من إيماننا بأهمية العمل العربي المشترك وحيويته».
فحديث السيد الرئيس كان عنواناً لمرحلة ترؤس سوريا للقمة العربية، وعلى هذا الأساس سارت سوريا بخطوات ثابتة نحو تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن العربي منذ شرعت رئاسة القمة العشرين، وكانت باكورة الإنجازات التي حققتها سوريا خلال تلك الفترة دورها الفعال في مساندة دولة قطر الشقيقة على جمع الفرقاء اللبنانيين، والتوصل إلى اتفاق الدوحة الذي أنجز في أبريل 2008.
كما أن سوريا خلال الفترة الماضية وقفت إلى جانب العراق ضد كافة المحاولات الرامية إلى تقسيمه، وعملت على دعم وحدة وسيادة العراق، وطالبت باستمرار بضرورة انسحاب القوات الأجنبية منه.
وقد قدمت سوريا الدعم والمساندة بكل أشكالها للأشقاء في غزة إبان العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها.
ومن الإنجازات التي حققتها دمشق ما قام به السيد الرئيس من اتصالات مكثفة مع العديد من قادة دول العالم من أجل وقف العدوان فوراً، وفتح المعابر، كما دعا سيادته وسمو أمير دولة قطر، ومنذ بدء العدوان، إلى قمة عربية طارئة، وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح في عقد قمة غزة بالدوحة، والتي دعا بيانها الختامي إلى إدانة إسرائيل بشدة، ومطالبتها بالوقف الفوري لجميع أشكال العدوان، وتحميلها المسؤولية الجنائية الدولية، والتأكيد على ضرورة فتح المعابر، ورفع الحصار غير المشروع، كما دعا جميع الأطراف الفلسطينية إلى التوافق، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
وكان رئيس الجمهورية في كلمته أمام قمة غزة قد أكد أن سوريا لن تتخلى عن دعمها للمقاومة، لأن من لا يدعم المقاومة لا يريد سلاماً، وأن سوريا تريد سلاماً عادلاً وشاملاً على أساس الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، وإعادة كافة الأراضي العربية المحتلة.
وتدعم سوريا الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وتأمل أن يتوصل أطراف الحوار إلى إقامة حكومة وحدة وطنية، لمواجهة المخطط الصهيوني، وخاصة بعد فوز اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتشكيل حكومة إسرائيلية.
وقد شاركت سوريا في اللجنة العربية الإفريقية المشكلة لبحث أزمة دارفور، ودعمت جهود دولة قطر في هذا المسعى، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الحكومة وبعض الفصائل السودانية.
كما أنها لم توفر جهداً في دعمها للسودان الشقيق، ووقوفها ضد القرار الجائر الصادر عن محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس البشير.
ولا بد من التأكيد أن سوريا، ورئيسها المفدى، بذلت جهوداً كبيرة خلال ترؤسها القمة من أجل لم الشمل العربي وتحقيق التضامن العربي والمصالحة العربية، حيث زار سيادته العديد من الدول العربية من أجل تحقيق هذا الهدف.
كيف تقيم مسيرة العمل العربي في اتجاهه العام، خاصة أن أطراف العام الحالي شهدت تغيراً جذرياً للمواقف العربية من الشقاق إلى الوفاق.. والتحول المفاجئ إلى المقاربات واللقاءات الحميمة؟
لنكن موضوعيين قليلاً ونقول: إن مسيرة العمل العربي المشترك سادها بعض الفتور خلال العام الماضي، إلا أن النظرة الثاقبة والحكمة التي يتحلى بها السيد الرئيس بشار الأسد تجاه قضايانا المصيرية جعلته يتحرك ومنذ ترؤسه للقمة العربية، للعمل على إعادة الروح إلى مسيرة العمل العربي المشترك.
ولا شك أن ما نشهده الآن من حراك سياسي تقوم به سوريا لتعزيز التضامن العربي، وتحقيق المصالحة العربية، وتنقية الأجواء يجعلنا متفائلين بعودة الوئام والوفاق للصف العربي، وخاصة قبيل انعقاد قمة الدوحة أواخر الشهر الحالي.
كيف تنظرون إلى أجواء المصالحات التي سبقت قمة الدوحة؟
أعود مرة أخرى إلى الكلمة التي ألقاها السيد الرئيس بشار الأسد في افتتاح قمة دمشق، حيث قال: «لا شك أن هناك عقبات تواجه رغباتنا وتطلعاتنا إلى تحقيق ما نريد، ذلك أنه وعلى الرغم من اتفاقنا في معظم الأحيان حول الأهداف، فإن ثمة تقديرات متباينة في الرؤية وطريقة المعالجة، وهذا ليس مشكلة عندما يتوفر الحوار الصادق.
فالسيد الرئيس دعا إلى الحوار الصادق ولم الشمل العربي، والمصالحة العربية التي بدأت في قمة الكويت الاقتصادية، حيث أكد سيادته في هذه القمة أن الخلافات في الآراء يجب ألا تؤدي إلى الخصام.
ثم جاءت قمة الرياض الرباعية -التي كانت بناءة- وسادت فيها الأجواء الإيجابية، كما أكدت سوريا خلالها على مواقفها المبدئية والثابتة حول مختلف القضايا العربية.
وفي إطار التشاور والتنسيق المستمر بين سوريا وقطر قام السيد الرئيس بزيارة إلى دولة قطر، واجتمع مع سمو الأمير حيث تم التأكيد على ضرورة تنقية الأجواء العربية، وترسيخ التضامن العربي، وبذل الجهود لإنجاح قمة الدوحة أواخر الشهر الحالي.
وفي نفس السياق تأتي زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الأردن ولقائه بالملك عبد الله الثاني.
وإننا نرجو أن تكلل هذه الاتصالات بين القادة العرب بالنجاح وتوحيد الصف العربي في مواجهة التحديات التي تعصف بالأمة العربية في هذه المرحلة الدقيقة.
ما هي تطلعاتكم لما بعد القمة الحادية والعشرين؟
لا شك أنني -كمواطن عربي- أتمنى لهذه القمة برئاسة دولة قطر، أن تنجح بكل المقاييس، وأن تكون قمة للتضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وإزالة كافة المعوقات التي تقف في طريق التكامل الاقتصادي العربي.
وإنني على يقين بقدرة وحكمة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على قيادة سفينة العمل العربي المشترك إلى بر الأمان لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية جمعاء، والتاريخ يشهد لسموه حرصه على التضامن العربي من خلال مواقفه القومية الثابتة، تجاه جميع القضايا العربية المصيرية، متمنياً لدولة قطر مزيداً من النجاح والتوفيق في هذه المهمة.
كيف تقيم العلاقات السورية - القطرية التي تميزت في المواقف المشتركة، وقد شهدت مشاورات مكثفة بين القيادات مع الأزمات المتتالية؟
الحديث عن العلاقات السورية القطرية طويل جداً، والإجابة تتطلب وقتاً أطول، ولكن أود الإشارة إلى أن هذه العلاقة التي رسم معالمها القائدان العربيان السيد الرئيس بشار الأسد وحضرة صاحب السمو أمير دولة قطر، تشكل مثالاً يحتذى به لكافة الدول العربية، حيث انعكست العلاقة الأخوية بين الزعيمين على العلاقات بين الشعبين الشقيقين السوري والقطري، وفي مختلف المجالات.
ويمكنني القول باختصار: إنها علاقات متطورة ومتميزة على كافة الأصعدة، وهي تعزز أواصر الصداقة والأخوة والتعاون بين البلدين.
وتوصف العلاقات السورية - القطرية بأنها نموذج للعلاقات العربية الأخوية القائمة على التنسيق والانسجام في كافة المواقف المشتركة تجاه القضايا العربية والدولية، والتي تتميز بالتشاور والتنسيق بين قياديي البلدين.
ويمثل الانسجام السياسي في العلاقات السورية القطرية وجهاً من وجوه تلك العلاقات الوطيدة التي تشمل الاستثمارات التجارية المتبادلة، واتفاقيات التعاون المشترك في أكثر من مجال، وأبرزها إنشاء لجنة عليا مشتركة، واتفاقيات التعاون العلمي والفني، وتشجيع الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي.
وشهدت السنوات الأخيرة ازدهاراً مضطرداً على مختلف الصعد كان من نتيجته إنشاء أول بنك قطري سوري إسلامي، والتعاون الإعلامي، فضلاً عن توقيع اتفاقية تأسيس الشركة السورية القطرية للاستثمار برأسمال بلغ نحو 500 مليون دولار، وهي مناصفة بين البلدين، الأمر الذي سيتمخض عنه تأسيس عدة شركات مساهمة أخرى من المتوقع أن يصل رأسمالها إلى أكثر من مليار دولار، وقد بلغ حجم التبادل بين البلدين عام 2006 نحو 4.5 مليارات ليرة سورية. ويبحث البلدان عن سبل زيادة هذا الرقم بالنظر إلى الرغبة المشتركة بينهما.
وجاء توقيع 13 اتفاقية انسجاماً مع الرؤية المشتركة للبلدين، وركيزة لتعاون ثنائي اقتصادي وتجاري واستثماري على أسس جديدة واعدة، ساهمت الزيارات المتبادلة والمكثفة بعد ذلك في الوصول به إلى مرحلة متقدمة جدا، بحيث أصبحت قطر الأولى عربيا على الخريطة الاستثمارية السورية.
وجاء المؤتمر الأول للتعاون الاستثماري السوري القطري الذي عقد في دمشق عام 2006 محطة انطلاق للاستثمار في سوريا من قبل المستثمرين القطريين، ووصل حجم التبادل بين البلدين في نفس العام إلى حوالي 3499 مليون ليرة سورية، مع توقعات بأن يصل حجم الاستثمارات القطرية في سوريا خلال السنوات القليلة القادمة إلى 12 مليار دولار.
وأطلقت شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري مؤخرا مشروع «ابن هانئ» السياحي بمدينة اللاذقية، بتكلفة إجمالية 350 مليون دولار على مساحة تصل إلى 244 ألف متر مربع، وفي عام 2005 تأسست الشركة السورية القطرية المساهمة المشتركة القابضة، برأسمال قدره 200 مليون دولار، مدتها ثلاثون عاما قابلة للتجديد، بالإضافة إلى دخول بنك قطر الإسلامي إلى سوريا، والمساهمة في تأسيس بنك سوريا الدولي الإسلامي الذي بدأ أعماله برأسمال قدره 5 مليارات ليرة سورية، والتوقيع على الاتفاقية النهائية لعقد تأسيس البنك القطري السوري الدولي برأسمال قدره 100 مليون دولار.
وتنفذ الشركة السورية القطرية القابضة مشروع ديار دمشق وسط مدينة دمشق بتكلفة 8 مليارات دولار، كما تنفذ شركة الديار القطرية في مدينة تدمر مشاريع بقيمة 5 مليارات دولار، وهناك دراسات لإقامة مشاريع صناعية مشتركة كبرى بين البلدين الشقيقين.
إضافة إلى ذلك يرتبط البلدان بعدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادية، والتجارية، والعلمية، والفنية، والسياحية، والزراعية، والصناعية، وحماية الاستثمارات المتبادلة، والمواصلات، والطاقة، واتفاق ثقافي يتضمن برامج تتعلق بالتربية، وتبادل الخبرات العلمية والتعليمية في المناهج وطرق التدريس.
التوجه الدولي ينحو باتجاه السلام والحوار.. ما هي سياسة سوريا بهذا الصدد، خاصة فيما رشح من منهج إدارة أوباما القادمة، والتصريحات التي تخرج من واشنطن وتدفع باتجاه الحوار في المنطقة؟
سوريا تؤكد دائماً أنها تعمل من أجل السلام العادل والشامل، وفق مرجعية السلام، وقد أشار السيد وليد المعلم وزير الخارجية في حديثه لقناة الجزيرة منذ أيام إلى أن سوريا تدعم مرجعية السلام الموجودة في مبادرة السلام العربية، لكن تفعيل هذه المبادرة، يتطلب أن تقبل إسرائيل المبادرة، وتنفذ متطلبات السلام الموجودة فيها، لافتاً إلى أنه لولا قرار قمة الدوحة بتعليق مبادرة السلام، وتأكيد السيد الرئيس في خطابه أن إسرائيل قتلت هذه المبادرة، لما لمسنا اهتماماً أوروبياً وأميركياً بها، كما نسمع اليوم.
سوريا تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري، إلى حدود الرابع من يونيو 1967، كما تطالب بإعادة كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حق العودة للفلسطينيين، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
وبالنسبة لإدارة أوباما، نلاحظ وجود مبادرات حسن نية جيدة، مقارنة بالإدارة السابقة، وكلنا تابعنا زيارات عدد من الوفود الأميركية والأوروبية رفيعة المستوى خلال شهر فبراير الماضي إلى سوريا، حيث أكدت سوريا خلال هذه اللقاءات على مواقفها الثابتة والمبدئية من كافة قضايا المنطقة.
ولا شك أن المواطن العربي أدرك أن الموقف السوري لم يتغير وظل ثابتاً، ولكن الآخرين هم الذين بدلوا مواقفهم، وهذا يؤكد مصداقية المواقف السورية التي تعمل من أجل السلام العادل والشامل، ولكنها لا تفرط بالحقوق الوطنية والقومية
وقال أسعيد في حديث مع «العرب»: إنني على يقين بقدرة وحكمة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى على قيادة سفينة العمل العربي المشترك إلى بر الأمان لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية جمعاء، والتاريخ يشهد لسموه بحرصه على التضامن العربي من خلال مواقفه القومية الثابتة تجاه جميع القضايا العربية المصيرية، متمنياً لدولة قطر مزيداً من النجاح والتوفيق في هذه المهمة.
وأكد أسعيد أن سوريا تحرص على إنجاح القمة العربية في قطر، منوهاً في هذا الصدد بالعلاقات بين بلاده وقطر، ووصفها بأنها تشكل مثالاً يحتذى به لكافة الدول العربية، وتشهد تطوراً ونمواً على كافة الأصعدة.
من ناحية أخرى أكد أن دمشق لن تتخلى عن دعمها للمقاومة «لأن من لا يدعم المقاومة لا يريد سلاماً»، مضيفاً أن سوريا تريد سلاماً عادلاً وشاملاً على أساس الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، وإعادة كافة الأراضي العربية المحتلة.
وتابع أن «سوريا تدعم مرجعية السلام الموجودة في مبادرة السلام العربية، لكن تفعيل هذه المبادرة يتطلب أن تقبل إسرائيل المبادرة، وتنفذ متطلبات السلام الموجودة فيها».
وحول الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، أكد دعم دمشق للحوار بين الأشقاء، معبراً عن أمله في أن يتوصل أطراف الحوار إلى إقامة حكومة وحدة وطنية.
وفيما يلي نص الحوار:
تُسلم دمشق رئاسة القمة إلى الدوحة خلال الأيام القادمة بكل ملفاتها الأساسية، ما هي الإنجازات التي حققتها دمشق خلال رئاسة القمة العشرين؟ وما هي تطلعاتكم لقيادة قطر للقمة المقبلة مع كل ما تحمل من ملفات وأزمات ما زالت عالقة؟
بداية أشير إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد أكد في كلمته التي ألقاها في افتتاح القمة العربية العشرين في دمشق يوم 29/3/2008 أن «انعقاد القمة في سوريا في هذه المرحلة هو شرف ومسؤولية كبرى، نعتز بها انطلاقاً من إيماننا بأهمية العمل العربي المشترك وحيويته».
فحديث السيد الرئيس كان عنواناً لمرحلة ترؤس سوريا للقمة العربية، وعلى هذا الأساس سارت سوريا بخطوات ثابتة نحو تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن العربي منذ شرعت رئاسة القمة العشرين، وكانت باكورة الإنجازات التي حققتها سوريا خلال تلك الفترة دورها الفعال في مساندة دولة قطر الشقيقة على جمع الفرقاء اللبنانيين، والتوصل إلى اتفاق الدوحة الذي أنجز في أبريل 2008.
كما أن سوريا خلال الفترة الماضية وقفت إلى جانب العراق ضد كافة المحاولات الرامية إلى تقسيمه، وعملت على دعم وحدة وسيادة العراق، وطالبت باستمرار بضرورة انسحاب القوات الأجنبية منه.
وقد قدمت سوريا الدعم والمساندة بكل أشكالها للأشقاء في غزة إبان العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها.
ومن الإنجازات التي حققتها دمشق ما قام به السيد الرئيس من اتصالات مكثفة مع العديد من قادة دول العالم من أجل وقف العدوان فوراً، وفتح المعابر، كما دعا سيادته وسمو أمير دولة قطر، ومنذ بدء العدوان، إلى قمة عربية طارئة، وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح في عقد قمة غزة بالدوحة، والتي دعا بيانها الختامي إلى إدانة إسرائيل بشدة، ومطالبتها بالوقف الفوري لجميع أشكال العدوان، وتحميلها المسؤولية الجنائية الدولية، والتأكيد على ضرورة فتح المعابر، ورفع الحصار غير المشروع، كما دعا جميع الأطراف الفلسطينية إلى التوافق، وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
وكان رئيس الجمهورية في كلمته أمام قمة غزة قد أكد أن سوريا لن تتخلى عن دعمها للمقاومة، لأن من لا يدعم المقاومة لا يريد سلاماً، وأن سوريا تريد سلاماً عادلاً وشاملاً على أساس الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، وإعادة كافة الأراضي العربية المحتلة.
وتدعم سوريا الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، وتأمل أن يتوصل أطراف الحوار إلى إقامة حكومة وحدة وطنية، لمواجهة المخطط الصهيوني، وخاصة بعد فوز اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتشكيل حكومة إسرائيلية.
وقد شاركت سوريا في اللجنة العربية الإفريقية المشكلة لبحث أزمة دارفور، ودعمت جهود دولة قطر في هذا المسعى، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين الحكومة وبعض الفصائل السودانية.
كما أنها لم توفر جهداً في دعمها للسودان الشقيق، ووقوفها ضد القرار الجائر الصادر عن محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس البشير.
ولا بد من التأكيد أن سوريا، ورئيسها المفدى، بذلت جهوداً كبيرة خلال ترؤسها القمة من أجل لم الشمل العربي وتحقيق التضامن العربي والمصالحة العربية، حيث زار سيادته العديد من الدول العربية من أجل تحقيق هذا الهدف.
كيف تقيم مسيرة العمل العربي في اتجاهه العام، خاصة أن أطراف العام الحالي شهدت تغيراً جذرياً للمواقف العربية من الشقاق إلى الوفاق.. والتحول المفاجئ إلى المقاربات واللقاءات الحميمة؟
لنكن موضوعيين قليلاً ونقول: إن مسيرة العمل العربي المشترك سادها بعض الفتور خلال العام الماضي، إلا أن النظرة الثاقبة والحكمة التي يتحلى بها السيد الرئيس بشار الأسد تجاه قضايانا المصيرية جعلته يتحرك ومنذ ترؤسه للقمة العربية، للعمل على إعادة الروح إلى مسيرة العمل العربي المشترك.
ولا شك أن ما نشهده الآن من حراك سياسي تقوم به سوريا لتعزيز التضامن العربي، وتحقيق المصالحة العربية، وتنقية الأجواء يجعلنا متفائلين بعودة الوئام والوفاق للصف العربي، وخاصة قبيل انعقاد قمة الدوحة أواخر الشهر الحالي.
كيف تنظرون إلى أجواء المصالحات التي سبقت قمة الدوحة؟
أعود مرة أخرى إلى الكلمة التي ألقاها السيد الرئيس بشار الأسد في افتتاح قمة دمشق، حيث قال: «لا شك أن هناك عقبات تواجه رغباتنا وتطلعاتنا إلى تحقيق ما نريد، ذلك أنه وعلى الرغم من اتفاقنا في معظم الأحيان حول الأهداف، فإن ثمة تقديرات متباينة في الرؤية وطريقة المعالجة، وهذا ليس مشكلة عندما يتوفر الحوار الصادق.
فالسيد الرئيس دعا إلى الحوار الصادق ولم الشمل العربي، والمصالحة العربية التي بدأت في قمة الكويت الاقتصادية، حيث أكد سيادته في هذه القمة أن الخلافات في الآراء يجب ألا تؤدي إلى الخصام.
ثم جاءت قمة الرياض الرباعية -التي كانت بناءة- وسادت فيها الأجواء الإيجابية، كما أكدت سوريا خلالها على مواقفها المبدئية والثابتة حول مختلف القضايا العربية.
وفي إطار التشاور والتنسيق المستمر بين سوريا وقطر قام السيد الرئيس بزيارة إلى دولة قطر، واجتمع مع سمو الأمير حيث تم التأكيد على ضرورة تنقية الأجواء العربية، وترسيخ التضامن العربي، وبذل الجهود لإنجاح قمة الدوحة أواخر الشهر الحالي.
وفي نفس السياق تأتي زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الأردن ولقائه بالملك عبد الله الثاني.
وإننا نرجو أن تكلل هذه الاتصالات بين القادة العرب بالنجاح وتوحيد الصف العربي في مواجهة التحديات التي تعصف بالأمة العربية في هذه المرحلة الدقيقة.
ما هي تطلعاتكم لما بعد القمة الحادية والعشرين؟
لا شك أنني -كمواطن عربي- أتمنى لهذه القمة برئاسة دولة قطر، أن تنجح بكل المقاييس، وأن تكون قمة للتضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وإزالة كافة المعوقات التي تقف في طريق التكامل الاقتصادي العربي.
وإنني على يقين بقدرة وحكمة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على قيادة سفينة العمل العربي المشترك إلى بر الأمان لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية جمعاء، والتاريخ يشهد لسموه حرصه على التضامن العربي من خلال مواقفه القومية الثابتة، تجاه جميع القضايا العربية المصيرية، متمنياً لدولة قطر مزيداً من النجاح والتوفيق في هذه المهمة.
كيف تقيم العلاقات السورية - القطرية التي تميزت في المواقف المشتركة، وقد شهدت مشاورات مكثفة بين القيادات مع الأزمات المتتالية؟
الحديث عن العلاقات السورية القطرية طويل جداً، والإجابة تتطلب وقتاً أطول، ولكن أود الإشارة إلى أن هذه العلاقة التي رسم معالمها القائدان العربيان السيد الرئيس بشار الأسد وحضرة صاحب السمو أمير دولة قطر، تشكل مثالاً يحتذى به لكافة الدول العربية، حيث انعكست العلاقة الأخوية بين الزعيمين على العلاقات بين الشعبين الشقيقين السوري والقطري، وفي مختلف المجالات.
ويمكنني القول باختصار: إنها علاقات متطورة ومتميزة على كافة الأصعدة، وهي تعزز أواصر الصداقة والأخوة والتعاون بين البلدين.
وتوصف العلاقات السورية - القطرية بأنها نموذج للعلاقات العربية الأخوية القائمة على التنسيق والانسجام في كافة المواقف المشتركة تجاه القضايا العربية والدولية، والتي تتميز بالتشاور والتنسيق بين قياديي البلدين.
ويمثل الانسجام السياسي في العلاقات السورية القطرية وجهاً من وجوه تلك العلاقات الوطيدة التي تشمل الاستثمارات التجارية المتبادلة، واتفاقيات التعاون المشترك في أكثر من مجال، وأبرزها إنشاء لجنة عليا مشتركة، واتفاقيات التعاون العلمي والفني، وتشجيع الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي.
وشهدت السنوات الأخيرة ازدهاراً مضطرداً على مختلف الصعد كان من نتيجته إنشاء أول بنك قطري سوري إسلامي، والتعاون الإعلامي، فضلاً عن توقيع اتفاقية تأسيس الشركة السورية القطرية للاستثمار برأسمال بلغ نحو 500 مليون دولار، وهي مناصفة بين البلدين، الأمر الذي سيتمخض عنه تأسيس عدة شركات مساهمة أخرى من المتوقع أن يصل رأسمالها إلى أكثر من مليار دولار، وقد بلغ حجم التبادل بين البلدين عام 2006 نحو 4.5 مليارات ليرة سورية. ويبحث البلدان عن سبل زيادة هذا الرقم بالنظر إلى الرغبة المشتركة بينهما.
وجاء توقيع 13 اتفاقية انسجاماً مع الرؤية المشتركة للبلدين، وركيزة لتعاون ثنائي اقتصادي وتجاري واستثماري على أسس جديدة واعدة، ساهمت الزيارات المتبادلة والمكثفة بعد ذلك في الوصول به إلى مرحلة متقدمة جدا، بحيث أصبحت قطر الأولى عربيا على الخريطة الاستثمارية السورية.
وجاء المؤتمر الأول للتعاون الاستثماري السوري القطري الذي عقد في دمشق عام 2006 محطة انطلاق للاستثمار في سوريا من قبل المستثمرين القطريين، ووصل حجم التبادل بين البلدين في نفس العام إلى حوالي 3499 مليون ليرة سورية، مع توقعات بأن يصل حجم الاستثمارات القطرية في سوريا خلال السنوات القليلة القادمة إلى 12 مليار دولار.
وأطلقت شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري مؤخرا مشروع «ابن هانئ» السياحي بمدينة اللاذقية، بتكلفة إجمالية 350 مليون دولار على مساحة تصل إلى 244 ألف متر مربع، وفي عام 2005 تأسست الشركة السورية القطرية المساهمة المشتركة القابضة، برأسمال قدره 200 مليون دولار، مدتها ثلاثون عاما قابلة للتجديد، بالإضافة إلى دخول بنك قطر الإسلامي إلى سوريا، والمساهمة في تأسيس بنك سوريا الدولي الإسلامي الذي بدأ أعماله برأسمال قدره 5 مليارات ليرة سورية، والتوقيع على الاتفاقية النهائية لعقد تأسيس البنك القطري السوري الدولي برأسمال قدره 100 مليون دولار.
وتنفذ الشركة السورية القطرية القابضة مشروع ديار دمشق وسط مدينة دمشق بتكلفة 8 مليارات دولار، كما تنفذ شركة الديار القطرية في مدينة تدمر مشاريع بقيمة 5 مليارات دولار، وهناك دراسات لإقامة مشاريع صناعية مشتركة كبرى بين البلدين الشقيقين.
إضافة إلى ذلك يرتبط البلدان بعدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادية، والتجارية، والعلمية، والفنية، والسياحية، والزراعية، والصناعية، وحماية الاستثمارات المتبادلة، والمواصلات، والطاقة، واتفاق ثقافي يتضمن برامج تتعلق بالتربية، وتبادل الخبرات العلمية والتعليمية في المناهج وطرق التدريس.
التوجه الدولي ينحو باتجاه السلام والحوار.. ما هي سياسة سوريا بهذا الصدد، خاصة فيما رشح من منهج إدارة أوباما القادمة، والتصريحات التي تخرج من واشنطن وتدفع باتجاه الحوار في المنطقة؟
سوريا تؤكد دائماً أنها تعمل من أجل السلام العادل والشامل، وفق مرجعية السلام، وقد أشار السيد وليد المعلم وزير الخارجية في حديثه لقناة الجزيرة منذ أيام إلى أن سوريا تدعم مرجعية السلام الموجودة في مبادرة السلام العربية، لكن تفعيل هذه المبادرة، يتطلب أن تقبل إسرائيل المبادرة، وتنفذ متطلبات السلام الموجودة فيها، لافتاً إلى أنه لولا قرار قمة الدوحة بتعليق مبادرة السلام، وتأكيد السيد الرئيس في خطابه أن إسرائيل قتلت هذه المبادرة، لما لمسنا اهتماماً أوروبياً وأميركياً بها، كما نسمع اليوم.
سوريا تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري، إلى حدود الرابع من يونيو 1967، كما تطالب بإعادة كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حق العودة للفلسطينيين، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
وبالنسبة لإدارة أوباما، نلاحظ وجود مبادرات حسن نية جيدة، مقارنة بالإدارة السابقة، وكلنا تابعنا زيارات عدد من الوفود الأميركية والأوروبية رفيعة المستوى خلال شهر فبراير الماضي إلى سوريا، حيث أكدت سوريا خلال هذه اللقاءات على مواقفها الثابتة والمبدئية من كافة قضايا المنطقة.
ولا شك أن المواطن العربي أدرك أن الموقف السوري لم يتغير وظل ثابتاً، ولكن الآخرين هم الذين بدلوا مواقفهم، وهذا يؤكد مصداقية المواقف السورية التي تعمل من أجل السلام العادل والشامل، ولكنها لا تفرط بالحقوق الوطنية والقومية
متحف الفن الاسلامي بالدوحة - زمان الوصل
العرب القطرية - الدوحة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية