أمضى الضابط السابق "حمدان الناصر" 17 عاماً من عمره في معتقلات النظام على خلفية اتهامه بتدبير عملية انقلاب على "حافظ الأسد" مع مجموعة من رفاقه الضباط بعد أن شرع الثاني ببيع الجولان وبدأ بإقصاء القيادات السنية وتهميشها بهدف فسح المجال لقيادات من طائفته.
نشأ "الناصر" في قرية "كفر عميم" التابعة لبلدة "سراقب" عام 1945 وسنحت له الفرصة بدراسة الطب خارج البلاد، ولكنه رفض ذلك وأصر على الالتحاق بالكلية الحربية.
وروى ابنه "محمد الناصر" لـ"زمان الوصل" أنه شعر بعد تخرجه برتبة ملازم أول هو ورفاقه بالظلم داخل الجيش، وعلونته بشكل واضح، وبدأ حافظ الأسد مع بداية وصوله للسلطة بزجّ القيادات الطائفية لقيادة الفرق والألوية العسكرية.
وكشف محدثنا أن والده خاض مع رفاقه المتذمرين حرب تشرين عام 1973 وكانوا شهود عيان على تسليم "حافظ الأسد" للجولان وقصف المدافع السورية للواء الذي كانوا فيه بعد وصولهم إلى ضفاف بحيرة "طبرية"، وحينها أعطى حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع أوامره بانسحاب الجيش من أطراف البحيرة في الجولان باتفاق مع الإسرائيليين ليستولي على السلطة فيما بعد، ولتتم إبادة أرتال من الجيش من قبل الطيران الصهيوني، وكانت هذه الأرتال تتجه شرقاً ما بين بلدتي "بحتة" و"تل الساقي" على مسافة 5 كم غرباً.
وأردف "الناصر" أن والده أصيب في القنيطرة بدبابته التي ضربت من الخلف من قبل عملاء الأسد وشركائه في الخيانة، واستشهد ثلاثة من رفاقه وبقي حياً.
بعد تأزم العلاقة بين حافظ الأسد والعراق اجتمعت المجموعة المؤلفة من 20 شخصا في "دوما"، وروى "الناصر" أن المجتمعين اتفقوا آنذاك على الانشقاق بالفرقة السابعة التي كان تتركز على حدود العراق وتشكيل كيان للجيش واتصالات مع قيادات في باقي الفرق من رفاقهم والالتحاق بالفرقة السابعة والعودة لإسقاط نظام البعث، وفي اليوم التالي للاجتماع تم اعتقال أفراد المجموعة من قبل "شفيق فياض" و"علي دوبا" في دمشق، حيث جردوا من رتبهم وتم سجنهم في المزة 12 عاماً وفي "صيدنايا" 5 سنوات بعد أن اتهمهم حافظ الأسد بالخيانة العظمى.
ومضى محدثنا قائلاً إن والده ورفاقه تلقوا في سجن "المزة" العسكري كافة أنواع التعذيب والإهانات ولم يُعرضوا على أي محاكمة، مضيفاً أن عائلته تمكنت من زيارته بعد ستة أشهر من اعتقاله وفي عام 1985، تم نقله دون دراية أحد وعند زيارته أُخبروا بنقله إلى "صيدنايا"، وهناك مُنع عنه وعن رفاقه كل شيء، الكتب والأطباء حتى لو مات أحد منهم.
وبعد أحداث الثمانينات–بدؤوا –كما يقول- يعانون من التضيق إلى درجة أن من كانوا يرونه يصلي يعدمونه على الفور فكانوا يضطرون للصلاة بأعينهم وهم نائمون، ومن يُكشف أنه يحفظ سورة "الأنفال" منهم يُعدم على الفور وهي السورة التي تتضمن آيات الجهاد، وكان الهدف -كما يقول- محاربة الدين حتى داخل السجون.
وروى محدثنا أن "علي دوبا" و"شفيق فياض" اجتمعا بالضباط في الفرقة السابعة للاحتفال بانتهاء مشروع "الناصرية" وفي الحفل صب الخمر على المائدة وبدؤوا بمراقبة كل ضابط لا يشرب الخمر.
وتابع "بعد تعبئة الكؤوس رفع شفيق فياض كأسه ونظر إلى والدي وقال له بصحتك حمدان الناصر، فقام والدي برفع كأس من الماء فما كان من فياض إلا أن قال له "لماذا لا تشرب الخمر" فرد عليه: "أنا لا أشرب"، واستدرك محدثنا أن رموز النظام كانوا يختبرون الضباط السنة حتى بالخمر ويسجلون عليهم المواقف.
في عام 1992 أُفرج عن "الناصر" وكان عليه مراجعة فرع الأمن العسكري كل أسبوع، وظل على هذه الحال سنة كاملة وبعد تغير رئيس الفرع واستلام ضابط كان قد تخرج معه من الكلية الحربية أعفاه من المراجعات.
وتابع محدثنا أن الضابط المذكور عرض على والده الالتحاق برابطة المحاربين القدماء وهي رابطة أسسها النظام ليعمل الضباط السابقون تحت إمرته مع راتب شهري، فرفض وأبلغه بأنه يريد أن يعمل بالزراعة ولا رغبة له بالأمر.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية