أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كلمة حول صمتنا القاتل.. فؤاد حميرة*

أرشيف

لم يكن صمتنا خيبة فقط بل هو صمت شيطان أخرس جعل القاتل يتمادى ويتمرد على القيم الثورية باسم الثورة، لم يكن صمتنا إلا فسحة للقاتل يكمل عبرها تفاصيل لوحة الوجع المسموم بالقهر سكتنا فتمادى الموت، صبرنا فكان جزاؤنا الخسران.

اكتفينا بالتنديد على صفحات التواصل الاجتماعي حين كانت تردنا أخبار استشهاد أبناء ثورتنا بيد أبناء ثورتنا..اغرب عن وجهي لا تقل لي إنهم لا يمثلون الثورة إذا كنت متقنعا فعلا بهذا الكلام فدعنا نتحرك دعنا نقل للقاتل كفى، قلناها لنظام الاستبداد والقمع وسنقولها لخفافيش الظلام والتخلف لطيور العمالة والقتل المأجور، صمتنا على من سبقوا وسنبقى نصمت حتى يصل الرصاص إلى صدورنا حينها سيتلهى الآخرون أيضا بالعويل والندب على صفحات التواصل الاجتماعي.

منذ أن سكتنا لائتلاف الخيانة والفشل ولهيئة البيع والشراء بثورة الحرية بدأت الخسارات تترى وتتالت بيارق الراحلين قنصا وخنقا وسجنا واعتقالا باسم الدين تارة، وباسم الثورة تارة أخرى، وقد يقول البعض إن ذلك سمة الثورات في التاريخ ويدفع بمثال الثورة الفرنسية في وجهي ليفحمني ويؤكد لي ضلالية طرحي، فالثورة الفرنسية قتلت أبناءها أيضا..ولكن أيها المتراخي عن قراءة التاريخ أيها المتكاسل عن رؤية الحقائق أيها الغافل عمدا عن تشوّف ما أخفته صفحات التاريخ من حقائق، هل تعلم ما هي التسمية التي اطلقها الفرنسيون أنفسهم والأوربيون عامة على الثورة الفرنسية؟ لقد أسموها ثورة الرعب، هذا هو التاريخ امامك فلا تتغافل عنه.

ثم إنك تتعامل مع مثال الثورة الفرنسية كمن يتعامل مع آية "لا تقربوا الصلاة..."، فلم لا تكمل المثال إلى آخره؟ أنت تعلم أن من نتائج الثورة الفرنسية عودة الحكم الملكي بشخص الامبراطور نابليون بونابرت وعودتها ثانية مشخصة بابن أخيه لوي نابليون أو ما اتفق على تسميته بنابليون الثالث أسوة بالثوري الذي قضى على الثورة الفرنسية أصلا وأقصد نابليون بونابرت عينه.

ثم وهنا الأمر الأهم، إذا كانت الثورة الفرنسية مثالك فهل علينا أن نعيد أخطاء التاريخ؟ ألا ينبغي لنا أن نتعلم من أخطاء الثورات الأخرى أم أنه لا بد من السير في خطى تلك الثورات وتقليدها بالحرف الواحد؟ 

لا شبيه لثورتنا ولا مثال لها فكثيرة هي المياه التي جرت في نهر التاريخ وكثيرة هي التغييرات التي عاشتها البشرية منذ ثورة فرنسا وحتى الآن، ولسنا ملزمين بتقليد أحد، وإنما ملزمون بالاستفادة من الأخطاء وتفاديها، أن تقوم جهة تدعي أنها جزء من الثورة باغتيال خيرة شباب الثورة دون أن نسمع حتى اللحظة تنديدا من الائتلاف أو هيئة التفاوض بأي جريمة سابقة ولن نسمع أيضا أي شيء عن تلك المؤسستين الفاشلتين العميلتين في الجرائم القادمة، فتلك كارثة ثورية وكارثة إنسانية وكارثة سياسية وكارثة أخلاقية وعهر تاريخي غير مسبوق، سامحوني على حدّتي ....سامحوني أرجوكم ...فنحن نخسر أيها الإخوة ...نخسر عقلنا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(195)    هل أعجبتك المقالة (236)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي