اعتبرت دراسة (تقدير موقف) صادرة عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أن تأثير نتائج الانتخابات النصفية في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، سيكون محدودا من حيث قدرته على إحداث انعطافة فيها.
وذكرت الدراسة التي اطلعت "زمان الوصل" عليها سيزيد ترامب تركيزه على السياسة الخارجية في ضوء العرقلة المحتملة لسياساته الداخلية من جانب الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، لكن، سيسعى الديمقراطيون بقوة إلى إثارة نقاش حول سياسات الإدارة الخارجية، وذلك عبر التحقيقات التي سيجرونها، في محاولة لإضعاف موقفه انتخابيا وصولًا إلى عام 2020.
وأفضت انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة الأميركية، في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، إلى سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلس النواب، في حين عزّز "الحزب الجمهوري" سيطرته على مجلس الشيوخ في الكونغرس، على نحوٍ يضع حدًّا لتفرد الجمهوريين بالفرعين التنفيذي والتشريعي للحكومة الأميركية، وهي الوضعية التي تمتعوا بها طوال العامين الماضيين.
وتتمثل الانعكاسات المباشرة للانتخابات الأخيرة في تغيير دينامية العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ أصبح الكونغرس منقسما بين أغلبيتين في مجلسيه، النواب والشيوخ، وهو ما يتيح للسلطة التشريعية أن تؤدي أحد الأدوار الدستورية المناطة بها لناحية القيام بدورها الرقابي على السلطة التنفيذية والحد من تغوّلها، وهو الحال الذي كان قائمًا في السنتين الأوليين من عهد ترامب.
ويضع الديمقراطيون السياسة الخارجية لترامب في دائرة استهدافهم، حسب (تقدير الموقف)، وذلك رغم إدراكهم محدودية تأثيرهم فيها مقارنةً بالسياسة الداخلية، إلا أن هذا لا يعني انعدام هذا التأثير، فكثير من مبادرات إدارة ترامب الخارجية يحتاج إلى موافقة الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب. ولا يخفي الديمقراطيون امتعاضهم من سياسات ترامب الخارجية وأسلوبه في التعامل مع بعض الحلفاء، مثل كندا والاتحاد الأوروبي، ومع الخصوم، كروسيا وكوريا الشمالية، وانسحابه من اتفاقات دولية، كاتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران.
وذكر "تقدير الموقف" أن مقاربة إدارة ترامب للعلاقة بالسعودية تمثل إحدى أهم نقاط الاحتكاك مع الكونغرس الجديد، إذ ينتشر منذ سنوات استياء من السعودية بين المشرعين الأميركيين، وذلك بسبب الحرب في اليمن وسجلّها في مجال حقوق الإنسان والتسبب في أزمة في الخليج بحصار قطر، وزادت جريمة اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2018، الغضب بين أعضاء الكونغرس، من الحزبين، الذين استفزتهم ردة فعل إدارة ترامب المتهاون تجاه الجريمة، وطالبوا بفرض عقوبات على المملكة ومسؤوليها، بمن فيهم ولي العهد السعودي نفسه، الأمير محمد بن سلمان الذي حمّله بعضهم مسؤولية عملية الاغتيال.
وتوقعت الدراسة أن يسعى مجلس النواب القادم، تحت سيطرة الديمقراطيين، إلى الدفع نحو نهج أشدّ صرامة تجاه السعودية، وإلى عرقلة مبيعات الأسلحة الأميركية لها، أو على الأقل استغلالها لفتح نقاش حول السياسات السعودية، ووقف الدعم الأميركي لحرب المملكة والإمارات في اليمن.
ومما يعزز من فرضية زيادة الضغوط على السعودية أنّ شخصيات كبيرة من الحزب الجمهوري في الكونغرس تؤيد التشدد معها.
وأوضحت الدراسة أنه من غير المتوقع أن يكون في وسع الديمقراطيين فعل شيء يذكر لحماية الاتفاق النووي مع إيران، رغم استيائهم من انسحاب ترامب منه. وهو اتفاق لم يتم التصديق عليه أصلًا في مجلس الشيوخ بوصفه معاهدة، وهو ما مكّن ترامب من إلغائه.
وأضافت "تحدّ خشية الديمقراطيين من الظهور بمظهر ودود لإيران من قدرتهم على التصدي لترامب في هذا الموضوع، وأقصى ما يمكن الديمقراطيين فعله في هذا السياق هو تخفيض نفقات الميزانية الدفاعية، ما ينعكس على التمويل الممنوح لـ"عمليات الطوارئ في الخارج"، والتي تمول التدخل العسكري الأميركي في العراق وسوريا، على نحوٍ قد يحد من قدرة إدارة ترامب على احتواء النفوذ الإيراني العسكري في الشرق الأوسط وردعه، لكن حتى هذا الأمر غير محتمل الحصول.
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية