أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بلا قصد... الموالون يسخرون من أنفسهم*

الكاتب: هل يحقّ لهؤلاء الناس تحديداً أن يسخروا من هذه الحادثة تحديداً؟

بعدما انتهت حفلة السخرية التي أقامها موالو الأسد على شرف جولة "مكافحة الفساد" التي قام بها وزير الداخلية والتي أسفرت عن إحالة موظَّف صغير إلى القضاء بتهمة تلقيه رشوة بقيمة خمسين ليرة (حوالى 10 سنتات أميركية)... أقول: بعد انتهاء حفلة السخرية تلك، أتساءل: هل يحقّ لهؤلاء الناس تحديداً أن يسخروا من هذه الحادثة تحديداً؟

***
عندي أنَّ ما فعله وزير الداخلية هو تماماً ما يطالب به الموالون الذين سخروا منه.
عندي أنَّ وزير الداخلية استلهمَ حركته الكاريكاتورية هذه من الحركات الكاريكاتورية التي قام بها هؤلاء المتهكّمون.
عندي أنَّ وزير الداخلية -بما فعله- كان المؤتمن الحقيقي على مطالب هؤلاء.

وشرحُ ذلك بسيطٌ من خلال إثبات تطابق عقلية هؤلاء في مطالبهم... مع عقلية وزير الداخلية في تنفيذ أحد تلك المطالب ألا وهو مكافحة الفساد.

ويمكن اختزال هذه العقلية المشتركة بين الموالين ووزير الداخلية بأحد أكثر الأمثال الشعبية شهرةً: "لا يقدر على الحمار فيستقوي على البَرْدعة"(*). 

والبردعة هي ما يُوضع على ظهر الحمار ليُركَب عليه. وأصل القصة يتعلَّق بحمار شرس مؤذٍ ولبَّاط، كلَّما أوقعَ أحداً عن ظهره يقوم أصحاب الحمار بضرب البردعة وتحميلها المسؤولية.

فموالو الأسد جعلوا من هذا المثل الشعبي عقيدةً لهم. ووفرة شتائمهم على صفحات التواصل الاجتماعي ضدّ "مسؤولين" محدَّدين دون الاقتراب من مسؤولين آخرين، تؤكّد لنا بأن فرزاً ما قد جرى في عقولهم، فتمَّ بموجبه تصنيف المسؤولين السوريين في فئتين اثنتين: مسؤول فئة حمار لا يجوز الاقتراب منه، ومسؤول فئة بردعة يمكن الضرب فيه دون خوف من العواقب.

وبهذا الحساب أصبح الوزراء -الذين سمع بعضهم خبرَ توزيره من التلفزيون- هم من يتحمّلون مسؤولية كل الكوارث الحاصلة في البلاد، في نظر الموالين. وبهذا الحساب أيضاً تظاهر الموالون ضدّ محافظ حمص وشتموه وطالبوا بإقالته ومحاكمته، مع أنهم يعلمون علم اليقين بأنه مجرّد بردعة لحمير كُثُر لا يجرؤ المتظاهرون الساخطون على تسميتهم، ولو تلميحاً.

وزير الداخلية، أيضاً، جعل من هذا المثل الشعبي عقيدةً له. فصنَّف الموظَّفين في فئتين اثنتين: موظَّف فئة حمار يرتشي بعشرات الملايين ولا يمكن الاقتراب منه، وموظَّف فئة بردعة يمكن تحميله مسؤولية انتشار الفساد والإفساد حتى لو كانت رشوته لا تشتري نصف سندويشة فلافل.

يشترك وزير الداخلية والموالون الساخرون منه في كونهم جبناء يخافون الحمار ويضربون في البردعة، مع فارق أن الموالين المتهكّمين يملكون وقاحة أن يسخروا من جولة الوزير... ومن أنفسهم أيضاً.

__________________________

(*) نَسَبَ بعضُ من يكتبون في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي قصَّةَ الحمار والبردعة إلى كتاب "كليلة ودمنة"، والحقيقة أنها غير واردة في الكتاب إطلاقاً. ولكن يبدو بأن أحدهم كتب المعلومة الخاطئة فتبعه الآخرون قصَّاً ولصقاً!

*ماهر شرف الدين - من كتاب "زمان الوصل"
(227)    هل أعجبتك المقالة (246)

طرفة الشاعر

2018-11-12

في الحقيقية، أشعر بالحرج شخصياً أكثر من هذا الموظف، إذ كنت قد نظرّت قبل سنوات طويلة بأن إعلان الحرب على الفساد الصغير هو السبيل الصحيح لوقف الفساد المتوسط وكشف الفساد الكبير!.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي