أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يا تركيا: نريد غنى أبو صالح حية*

غنى

حينما سأل الحارث بن عباد بن قيس بن ثعلبة البكري، اليمامة ابنة كليب، عن ديّة لأبيها، قالت: أريد أبي، رد ابن عباد، لكن أباك مات، فردت: أريد أبي حياً.

ومن معاني "الحي" هنا على ما أعتقد، إنزال القصاص العادل بالقاتل، وخاصة أن مقتل كليب كان غدراً، قبل البحث بصلح أو تحديد ديّة، إذ إن لم يتم إنزال العقوبة بالجاني، لا شيء بالدنيا وما عليها، يمكن أن يريح قلب آل الضحية.

بالأمس، وبغصة رأيناها ولكن لا يمكن الإحساس بها، طالب والد القتيلة "غنى أبو صالح"، بمعاقبة قاتليّ ابنته...بل وسأل بوجع راجياً، "هل ستهتمون بمقتل ابنتي كما اهتممتم بمقتل خاشقجي؟” وكأنه قال، أو يريد القول: أريد ابنتي حية.

القصة باختصار أن الطالبة الجامعية غنى أبو صالح "19 عاماً" وخلال عودتها من جامعتها بولاية غازي عينتاب التركية، وتحديداً بميدان "إنغلسيزلر بارك" بمنطقة "يدي تبة" اعترض طريقها لصان يركبان دراجة كهربائية، وحاولا سرقة محفظتها وهاتفها المحمول، وحينما مانعت وقاومت، طعنها أحدهما بسكين بصدرها، فأصابت قلبها الصغير الحالم، ولما حاول الشاب أحمد غازي "16 عاماً" الدفاع عنها، ناله من سكاكين الغدر نصيب، فماتت غنى قبل وصولها لمشفى "شاهين بي للتدريب والبحوث" في حين لم يزل أحمد بالعناية المركزة.

ثمة نقاط عدة، مهمة وموجعة حول هذه الجريمة. أولها، أن السارقين وحينما أقدما على سرقة الضحية ومن ثم طعنها، لم يعلما أنها سورية، ما يعني برأينا، عدم تحميل المسألة بعداً قومياً له علاقة بأوجاعنا كسوريين. ولعل بما قاله أبو الضحية "نبيل أبو صالح" كان الفيصل والبت، لأي خلط وتعميم، فهو وليّ الدم الأول، ولا يريد المتاجرة وتصفية حسابات على حساب دم طفلته. 

ولكن، هذا لا يعني البتة، أن دم السوريين، لم يعد رخيصاً، إن بداخل وطننا المحتل، سواء من عصابة الأسد، أو من المحتلين والموالين للوريث وحكمه الديكتاتوري. أو حتى في بلدان اللجوء والشتات، إذ لا يتسع المقام هنا لسرد الضحايا وسيل دماء السوريين والسوريّات...وخاصة ذاك المسوّد لفرط الانتهاك.

النقطة الأخرى المهمة بالجريمة، هي ما ستفعله تركيا، لتعد غنى لأبيها حيّة، أي أن تحق الحق ويلقى القاتل أشد العقوبة على قتل "طفلة" كما وصفها أبوها، بشكل وحشي وحقير، دونما أي معرفة أو مبرر لإيقاف قلب صغير عن النبض وحرق قلوب كثيرة، كانت ترى بغنى مهندسة المستقبل.
ولتركيا وللأمانة، سوابق إيجابية بهذا الشأن، ولعل بالعقاب الذي ناله قاتلا المغدورة "أماني رحمون" ورضيعها "11 شهراً" في يوليو/تموز العام الفائت "بالسجن المؤبد والمشدد مرتين مع السجن أيضًا لمدّة 72 عامًا لكل من القاتلين" وما لاقته الجريمة من تأييد تركي، تعدى مدينة "صقاريا" مسرح الجريمة، ومطالبة الأتراك قبل السوريين بالقصاص. 

ولعل بحضور مسؤولين ووزراء للمأتم، يدل أن تركيا، لم تعامل السوريين كأنهم "سبايا" كما فعل ولم يزل، الإخوة والأشقاء، بالبلدان العربية والمخيمات.
وأما النقطة الثالثة والأخيرة، بجريمة بدأت تأخذ طابع "قضية الرأي العام" فهي مسؤولية نظام بشار الأسد عنها. 

ربما يستغرب قارئ، أو يرى تجنيا بربط مقتل شابة سورية بالعصابة الحاكمة بدمشق، وتحميلها الجزء الأكبر من المسؤولية.

أعتقد، يتحمل نظام بشار الأسد، أخلاقياً وثأرياً على الأقل، مسؤولية ووزر كل جريمة تلحق بأي سوري بعد ثورة آذار 2011، لأنه المسؤول الأول عن القتل والتهديم والتهجير، بل والمتعمد -وهناك آلاف الأمثلة- بتشريد السوريين وإلحاق الموت والإذلال بهم، وخاصة، هؤلاء الذين قالوا لا للديكتاتورية ونعم للكرامة والحرية.

نهاية القول: لدم "الطفلة" غنى أبو صالح وذويها حق برقاب كل من ينشد العدالة والإنسانية والحرية، لمتابعة القضية ومعاقبة المجرمين، ولعل بإضراب الطلاب بجامعة غازي عينتاب، أتراكا وسوريين، بداية لتعاظم تلك القضية التي طالب أبو غنى، أن تكون "خاشقجي السوريين".

*من كتاب "زمان الوصل"
(286)    هل أعجبتك المقالة (358)

شرفنطح

2018-11-11

هي بلا شك مسؤولية نظام الطائفة الحاكم بالحديد والتار أولاً وأخيراً .....


حاجة انبطاح و تطبيل

2018-11-14

كيف يعني "أخلاقياً وثأرياً" ؟ ليش الثأر شيئ إيجابي ؟ ناقص تقول أن الاسلام يحض على الثأر.... بعدين كيف عرفت أنو ما عرفوها سورية ؟ عندك علم الغيب ؟ بدك تعرف ليش دم السوري رخيص؟ لأنو أمثالك عميبكوا عالضحايا و يلعنوا دكتاتور سوريا ...... و يطبلوا لدكتاتور تركيا بنفس الوقت.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي