أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إبليس في اجتماع تعيس .... باسل زيدان

جمعتني ليلة شاتية ، رياحها عاتية ، بخلي ، وظلي ، والحبيب الأول ، خالد بن يزيد ، الأديب الفريد ، فلا أنس لي إلا بقربه ، ولا سعادة لي إلا بأنسه ، يأتيني بغريب الأخبار ، ونادر الأشعار ، فهو صادق اللهجة ، بهي المهجة .
فلما تقشع السحاب ، بدا بدر جميل خلاب ، فرأيت أن نوقد النار ، ونتقى البرد بدثار ، فكانت ليلة سمر ، على ضوء قمر ، ليلة لن أنسى سعدها ، وإن طال بعدها .
ومما قلته في تلك الليلة ، من الدهاء والحيلة ، لأستدر ذاكرته ، واستحث همته ، لننهل من أخباره ، ونكشف بعض أسراره .
قلت : يا أبا يزيد ، لك من الأسفار العديد ، فأخبرني عن أغرب ما رأيت ، وأعجب ما سمعت ، فلقاء أمثالك يقل ، وحديثك لا يمل .
قال : قذفتني الأمواج على جزيرة ، بعد ليلة مريرة ، وعاصفة كبيرة ، فلم أجد من صحبي أحد ، لا أحمد ولا محمد ولا حتى حمد ، فسرت بين أحراشها ، فلم أر إلا العصافير وأعشاشها ، فأشجارها تطاول السحاب ، وأنهارها تأسر الألباب ، وبعد طويل التجوال ، والتنقل بين الأدغال ، تيقنت أن وجود البشر فيها محال .
وفي ليلة استدار بدرها ، واعتدل جوها ، رأيت شهباً كثيرة ، تسقط على الجزيرة ، فأسرعت إلى مكان الشهب ، فوجدت الأشجار تلتهب ، ثم سمعت أصواتاً غريبة ، وتمتمات مريبة ، فاختبأت أتتبع الصوت ، وأترقب الموت ، فإذا المكان ، قاعة اجتماعات الشياطين والجان !
جمعهم إبليس اللعين ـ هذا ما تبين لي بعد حين ـ فجمع الأجداد والأحفاد ، للقائه قبل الأصفاد ، ليعطيهم الوصايا الجياد ، قبل أن يحال بينهم وبين العباد .
فسمعته يناديهم قائلاً :
معاشر الأبناء النجباء ، والأحفاد النبلاء ، علمتم أن كل شيطان ، سيصفد بعد قليل من الزمان ، فلم يبق إلا بضعة عشر ليلة ، قبل الأصفاد وانعدام الحيلة ، فيغشانا شهر الاصفاد ، شهر يحاصر فيه كل شيطان ، فلا يخلص إلى ما كان يخلص إليه ، ولن تصل وسوسته أبعد من نعليه ، فإليكم الوصايا المهمة ، لتلافي المصيبة المدلهمة ، افهموها بتأني ، وطبقوها بتروي ، ورددوها بتغني ، ونفذوها باستعجال ، فالعجلة من أصدق صفاتنا والخصال .
1. عليكم بتكثيف الوساوس ، على أتباع بوش ورايس ، ليستمر عملهم بعد التصفيد ، وقبل أغلال الحديد ، فيضيقوا على منابر الدعاة ، ويشككوا في أخبار الثقات ، فيثيروا مسألة الرؤية والحساب ، ليكثر القيل ويعم الاضطراب ، حتى لا تفاجئنا الأغلال ، ونحن بين الأهل والآل .
2. عليكم بتكثير الأز ، على أهل الطرب والهز ـ خصوصاً بعد " نكوص " المطربات ، وتسميتهن بالتائبات ، ليحيوا ليالي الشهر ، ويكثروا برامج العهر .
3. أما أصحاب القنوات ،  mbcوروثانا و art وبقية الأخوات ، فإياكم أن تقصدوا أصحابهن بالوسوسة ، فنفوسهم على طاعتنا مؤسسة ، يفعلون ما الشياطين عنه عاجزون ، ويتقنون من الوسوسة مالا تفهمون ، فهم خير خلف ، لأبي جهل وفرعون "ودارون" وأمية ابن خلف .
4. أما الممثلين والممثلات ، وأصحاب الأفلام والمسلسلات ، فاطلبوا منهم تخفيف المجون ، فقد آذونا ونحن في السجون ، وإن كنا من الشياطين ، إلا أن الذوق قد وزع بين العالمين .

10. واعلموا أننا حين التصفيد ، والحول بيننا وبين العبيد ، فإن إخواننا شياطين البشر ، لا يصفدون طيلة الشهر ، فعلموهم فنون الوسوسة ، والخبرات المكدسة ، حتى يقوموا بها خير قيام ، ويصرفوا الناس عن الكلام.
فقام أحد الشياطين ، وقال : يا سيد الملاعين ، أتيتك بوفد من إنس الشياطين ، لتعقد لهم دورة تدريبية ، في الأساليب الليبرالية ، في هدم الدولة الإسلامية ، فقال إبليس : ومن هم ؟
فقاطعته وقلت : يا أبا يزيد من هم ؟
قال : ذكروا أسماء كثيرة ، وذاكرتي في الحفظ فقيرة ، لم أحفظاً منها اسماً ، ولم أعرف لهم رسماً ولا وسماً .
قلت : أكمل .
قال : فقامت الشياطين ، للترحيب بالضيوف القادمين ، فاستغليت فرصة القيام ، للهرب بسلام ، فمكثت في مكاني ، حتى وجدت من أسعفني وآواني .
قلت : من ؟
قال : أخبرك في ليلة سمر أخرى ، حتى لا نذهب الى حيث يذهب الاسرى .

(141)    هل أعجبتك المقالة (136)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي