استقال خالد المحاميد من هيئة التفاوض المعارضة بعد انتهاء ملف درعا، وعودتها الهادئة الهانئة إلى حضن الوطن بأقل عدد متوقع من الضحايا، وبصفقة كان عرابها المحاميد وبعض الوجوه العسكرية التي توافقت، حسب قوله، على عدم إراقة المزيد من الدماء، والالتفات إلى مصالح الناس الذين أرهقتهم سنوات الحرب.
بالأمس على قناة "العربية" قال المحاميد إن استقالته لم تأت على ضوء الاتهامات له بتسليم درعا للنظام كما يقول متهموه، وميوله الواضحة للجانب الروسي، وأنه يمثل مصالح روسيا في الهيئة، وإنما بسبب الولاءات المتعددة لأعضاء الهيئة وسيطرة البعض على قرارها، وأنه لا يمثل أي دولة إقليمية أو دولية، وفقط هو يمثل الشارع السوري.
المحاميد قال أيضاً إن الأولوية الآن للحوار الوطني بين السوريين، معارضة ونظاما، ويجب أن تكون مصلحة الوطن في أولويات هذا الحوار، والسبب في أن الأمور تغيرت، ويجب على السوريين أن يفكروا في مصالحهم، وإيقاف القتل.
أما بخصوص درعا فالحياة تعود إلى طبيعتها، وفتح معبر نصيب أعاد الأمور إلى طبيعتها، وسيستفيد منه الجانبان الاردني والسوري مما سينعكس على أوضاع المواطنين في المنطقة الحدودية (درعا)...هذه بساطة الرؤية عند المحاميد أما ما يردده أثناء المفاوضات فهو مجرد كلام لا بد من نسيانه مع تبدل الواقع والمرحلة.
المحاميد ليس وحده ممن خرجوا من كلامهم إلى نقيضه، ومن رؤيتهم في أن الحل في القرارات الدولية إلى القول بالأمس أن (سوتشي) كانت هي الحل، وأنها قدمت ما يمكن أن يكون متطلبات السوريين وإن كان هناك تجاوزات من الروس والنظام، وانقلاب على مخرجات مؤتمرهم، وكأن المحاميد (لحس) ما كان يردده عن ضرورة تطبيق القرارات الدولية، وأن القبول بسوتشي هو واقع لا بد من قبوله.
أما بشأن الحوار الوطني المقترح بين المعارضة والنظام -وهو ما ركز عليه المحاميد على أنه الحل- الذي ينقذ كل السوريين من ورطتهم ومأساتهم...أليس كان من الأجدى أن يختار المحاميد مكاناً آخر ليقول وجهة نظره غير هيئة التفاوض، أو أي منبر معارض آخر، ويجنب نفسه كل هذا الصبيب من التخوين والعمالة، وأن لا يتنقل بين منبر وآخر فقط ليكون حاضراً في حصة قسمة الكعكة السورية التي يعتقدها؟.
تتساقط الوجوه يوماً تلو آخر، ومرحلة إثر أخرى، وتفتح هذه الصناديق السوداء على ما فيها من عفن وخبايا، وتفتضح الأحاديث في الغرف المظلمة والجانبية، حيث كانت تجرى الصفقات الدنيئة، وفي العلن كانت الخطابات الرنانة عن الحقوق والوطن والثورة تخفي وراءها سكاكين خلف الظهور.
ما ينتظره هؤلاء أن تتم دعوتهم إلى وليمة المحاصصة الأخيرة، ومعهم أجندات ولاءاتهم، وما قدموه لداعميهم، وأما الصدى فهو مصير كل الخطابات والحوارات والشعارات التي كانوا يختبئون وراءها، وفي أعناقهم دماء من قادوهم إلى المذبحة.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية