يستمتع بشار الجعفري بالازدراء. يتلذَّذ كلَّما زاد حجم هذا الازدراء.
معرفته بأنَّ أحداً من المستمعين لكلمته لا يُصدِّق حرفاً فيها... تزيده إثارةً.
خروج "زملائه" من القاعة أثناء إلقاء كلمته... يجعله ينتشي.
يستمتع بالاستشهاد لشاعرٍ كنزار قبّاني فاوضه نظامُ الأسد على قبره في دمشق.
يستمتع بالادّعاء أنه كان يرسل "خرجيَّته" لدعم ثورةٍ في الجزائر قمعَ نظامُ الأسد ثورةً أعظم منها في سوريا.
يستمتع بالتباكي على مصير صحافي كجمال خاشقجي قتلَ نظامُ الأسد من زملائه مئات الصحافيين.
يستمتع بشار الجعفري بكلّ ما يجعل منه نشازاً. بكلّ ما يجعله مُزدرىً ومُحتقراً. الازدراء متعته الخاصة. مرآته التي يرى وجهه فيها أكثر اكتمالاً. الطريق السريع للوصول إلى جمهوره الـمُزدرى مثله.
في مرافعاته "الأخلاقية" يتضاعف حجم المتعة لأن حجم الازدراء يتضاعف.
يهرشُ ظهرَه بحائط مبنى "مجلس الأمن".
يحكُّ رأسَه بحافة كُتيّب حقوق الإنسان.
"يتمرمغ" في "مواعظه" على طاولة الأمم المتحدة مثلما "يتمرمغ" حمارٌ في البيدر.
يتهيَّأ لي أحياناً بأنَّ الكاتب الراحل سعيد تقي الدين قبل أن يُفصّل مَثَله الشهير عن "العاهرة التي تحاضر عن الشرف"... قد زار الجعفري في بيته وأخذَ مقاساته.
يتهيَّأ لي أحياناً بأنَّ هذه المقولة ليست إلا بدلةً فُصِّلتْ ليلبسها الجعفري في "حفلات" الأمم المتحدة.
ابنته يارا سجنتْ زوجها "النمس" مصطفى الخاني بسبب خلاف عائليّ حوَّلته من تهمة "المساس بهيبة العائلة" إلى تهمة "المساس بهيبة الدولة".
وابنته شهرزاد ملأت بصور تعرّيها وإغرائها ليس بريد عشيقها السرّي فحسب، بل بريد جميع المحطَّات والمواقع التي تسابقت إلى نشر تلك الصور.
لكنَّ فضائح العائلة ربما كانت فرصةً إضافيةً لزيادة نسبة الكحول في دم مَنْ أسكرته الفضائح.
على مقربةٍ من كرش زميله وليد المعلم، أنكر وجود مجاعة في مضايا. أنكر وجود حصار وتجويع في سوريا. الإنكار وظيفته. صور الدماء والأشلاء ليست من صنائع البراميل المتفجّرة بل من صنائع خبراء الماكياج. أطفال مجازر الكيماوي ليسوا ضحايا جيش النظام بل ضحايا أهاليهم الذين – ولكي يستدرّوا عطف العالم - قصفوا عائلاتهم بالكيماوي. الكذب يجلب الازدراء، لذلك يكذب أكثر فأكثر لزيادة المتعة.
نظرته من فوق عدستَيْ نظَّارته تعطي كذبته الإطارَ الذي تحتاجه الصورة.
إنه بشار "أسد الدبلوماسية"، سَميُّ بشار "أسد القرداحة".
إنه الأسد الذي غُسلت لبدته بكلّ بصاق الذين تابعوا خطاباته الطويلة والمتفذلكة على شاشاتهم قليلة الحظّ.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية