أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دراسة حول الآثار المحتملة لاغتيال "خاشقجي" على العلاقات السعودية الأمريكية

التزمت الصمت تجاه الجريمة دولٌ عديدة تمارس هي نفسها سياسة الاغتيال واستهداف المعارضين

أثارت قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده في اسطنبول اهتمامًا سياسيًا وإعلاميًا عالميًا غير مسبوق، نظرًا إلى بشاعة الجريمة، وحصولها داخل قنصلية يفترض أنّ الغرض من وجودها هو تقديم خدمات لمواطني الدولة المعنية وليس إسكات المعارضين أو المنتقدين، قتلًا أو اختطافًا.

وفي حين التزمت الصمت تجاه الجريمة دولٌ عديدة تمارس هي نفسها سياسة الاغتيال واستهداف المعارضين، بمن فيهم الكتّاب والصحافيون، مثل روسيا والصين وإيران، وقف حلفاء السعودية من الدول الديمقراطية التي لديها تقاليد ديمقراطية ورأي عام وصحافة حرة، خصوصًا الولايات المتحدة الأميركية أمام أزمة حقيقية، فالدلائل المتوافرة تشير إلى أنّ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد يكون متورطًا مباشرة في عملية اغتيال خاشقجي الذي كان يحمل إقامة قانونية أميركية، وكان كاتب عمود أسبوعي في صحيفة واشنطن بوست.

ووصفت دراسة "تقدير موقف" صدرت عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وصفت مواقف إدارة الرئيس دونالد ترامب بالاضطراب والتقلب منذ بداية الأزمة تبعًا للمعطيات المتوافرة وحجم الضغوط الممارسة عليها من الكونغرس ووسائل الإعلام التي استنفرت بكل تياراتها من اليمين واليسار للوصول إلى حقيقة اغتيال خاشقجي.

وبدت مواقف ترامب مثل بالونات اختبار يسحبها بعد أن يختبر ردة الفعل السلبية تجاهها. ففي البداية، حاول تجاهل الموضوع، غير أنه اضطر، بعد أسبوع على اختفاء خاشقجي إلى الإعراب عن "قلقه" على مصيره.

ثمَّ أعلن في اليوم التالي أنه تحدث مع مسؤولين سعوديين على "أعلى المستويات"، وطالبهم بأجوبة بشأن ما جرى. كما أصدر البيت الأبيض في اليوم نفسه بيانًا جاء فيه أنّ وزير الخارجية، مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، إضافة إلى صهر الرئيس ومستشاره، جاريد كوشنر، أجروا اتصالات مع بن سلمان وطالبوه بإجراء تحقيق "شفّاف".

وفي 13 تشرين الأول/ أكتوبر، هدد ترامب بفرض عقوبات كبيرة إذا ما ثبت أيّ دور للسعودية في مسألة اختفائه، وبعد اتصال هاتفيّ بالعاهل السعودي، في 15 تشرين الأول/ أكتوبر صرّح ترامب أن "قتلة مارقين" ربما اغتالوا خاشقجي.

وفي اليوم التالي أعلن ترامب أنه تحدث مع بن سلمان الذي نفى علمه بما جرى لخاشقجي.

وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر، انتقد ترامب ما اعتبره تحيزًا ضد السعودية ومعاملتها كمجرم حتى تثبت براءتها، ثمّ أعلن في 18 تشرين الأول/ أكتوبر أنّ "عواقب وخيمة" ستنشأ، إذا ما ثبت تورط السعودية في مقتل خاشقجي. وعندما اعترفت السلطات السعودية في 20 تشرين الأول/ أكتوبر أنّ خاشقجي قد قتل فعلًا في قنصليتها في إسطنبول في "عملية تجاوز فيها أفرادٌ سلطاتهم ومسؤولياتهم"، أعلن ترامب عن ثقته بالرواية السعودية الرسمية، غير أنه عاد ورأى أنّها قائمة على "خداع وأكاذيب". 

واعتبرت الدراسة أن الاضطراب السابق في المواقف الصادرة عن ترامب يعكس التناقض بين الآمال التي بناها على تحالفه مع نظام بن سلمان، من جهة، وحجم الضغوط الداخلية التي يمارسها الكونغرس والإعلام، من جهة أخرى. فترامب يرى في بن سلمان حليفًا وثيقًا، ساهم في صعوده إلى ولاية العهد بدلًا من محمد بن نايف، بدعمٍ واضح وبيّن من اللوبي الإماراتي، ورضا إسرائيلي معبّر عنه في كل مناسبة. كما تربط بن سلمان علاقات خاصة بصهر الرئيس ومستشاره، كوشنر. والأهم من ذلك، أن إدارة ترامب تعتبر بن سلمان حجر زاوية في سياستها نحو الشرق الأوسط، فيما يتعلق بمحاولات احتواء إيران، وفرض رؤيتها للتسوية على الفلسطينيين، ومحاربة ما تعتبره واشنطن إرهابًا.

أضف إلى ذلك أنّ ترامب يعلق آمالًا عريضة على صفقات تسليحٍ واستثمارات ضخمة مع السعودية تعود بفوائد مالية كبيرة على الولايات المتحدة، ويطمح إلى أن تساهم تلك الصفقات والاستثمارات في تحسين الاقتصاد الأميركي، وخلق وظائف جديدة، تعزز فرصه للفوز بولاية ثانية. لذلك، فإن ثبوت شبهات تورط بن سلمان، شخصيًا، في جريمة الاغتيال سوف يؤثّر بالتأكيد في رهاناته في الداخل والخارج. 

وذكرت الدراسة أن الكونغرس، بحزبيه الجمهوري والديمقراطي، يضغط على الإدارة لإجراء تحقيق شامل في جريمة الاغتيال، ومن ثمَّ فرض عقوبات صارمة على السعودية، وعلى أي مسؤول فيها، حتى ولو كان بن سلمان نفسه، في حال ثبت تورطه. مؤكدة أن ما يضعف موقف ترامب هنا، هو ظهور توافق حزبي نادر على معاقبة محمد بن سلمان، ورفض محاولة السعودية تحميل العواقب لعناصر سعودية استخباراتية بزعم أنها تجاوزت حدود صلاحياتها.

وتعكس تصريحات كبار أعضاء الحزبين، بمن فيهم حلفاء لترامب في الحزب الجمهوري، كالسيناتور، ليندسي غراهام والسيناتور ماركو روبيو، فضلًا عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، درجة الغضب على السعودية في الكونغرس، التي وصلت إلى حدّ إصدار تهديدات بإعادة النظر في العلاقات الأميركية – السعودية.

ويجد موقف الكونغرس، حسب الدراسة، دعمًا من الإعلام الأميركي عمومًا، فضلًا عن حلفاء الولايات المتحدة الغربيين، خصوصًا بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وكندا، الذين يطالبون بتحقيق "شفاف" وضرورة اتخاذ موقف صارم ضد أي مسؤول في السعودية يثبت تورطه في الجريمة.

بينما ترى الدراسة أن صهر الرئيس كوشنر، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، وبعض القوى المحسوبة على اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة تضغط لإعفاء بن سلمان من المسؤولية الشخصية، وهم أقرب إلى موقف ترامب. ويبدو أن وزيرَي الخارجية، مايك بومبيو، والخزانة، ستيفن منوشين، يتعاطفان مع هذا الموقف أيضًا.

زمان الوصل - رصد
(240)    هل أعجبتك المقالة (232)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي