تثبت مجريات الأمور في المنطقة يوماً بعد آخر أنها محكومة بخيارين لا ثالث لهما، أو لنقل الثالث لا إرادة ولا رغبة ولا قدرة على تحقيقه.
أما الأول فهو بقاء الأنظمة العربية قائمة، وهي أنظمة من دون أدنى شك الأكثر فشلا على الخارطة السياسية في العالم، وربما الأفشل منذ وجدت الدولة الوطنية.
لن نتحدث عن التفاصيل السياسية اليومية وكيف يتعاملون مع شعوبهم وكأنهم "مما ملكت أيمانهم" ولن ندخل في متاهات أرقام الفقر والفشل الاقتصادي رغم ما تملك بلادهم من إمكانيات وهبها الخالق لها، ولن نناقش في الفشل العلمي ابتداء من التعليم الأساسي وصولا إلى الجامعات التي أصبحت عمادتها على قاعدة "الولاء قبل الأداء" وبناءً على الأقدمية الحزبية لا الكفاءة العلمية، ولن نذهب بعيدا للحديث عما تسببوا به من انقسام مجتمعي وهروب ملايين الشباب إلى أربعة أصقاع الأرض لمن تمكن ومثلهم من ينتظر الفرصة، ولا عن مئات الآلاف في المعتقلات. لن ندخل في عمق ذلك كله.
لكن لنا أن نسأل، وهذا حق أجازته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، هكذا اعتقد، لنا أن نسأل بأي حق يحكم هؤلاء؟
من نافل القول إنهم لم يأتوا بواسطة كتلهم النيابية أو الصناديق الانتخابية أو إجماع أهل الشورى والعقد، كما لم تجلبهم ميزاتهم الشخصية فهم غير مؤهلين، لا علما ولا فكرا ولا سياسة ولا حتى عسكرة، فتاريخهم مليء بالهزائم، بل يمكن القول إن علم الفراسة نفسه يأبى أن يجيز لهم حكم الشعوب.
أما الخيار الثاني، فهو أن يطاح بهذه الأنظمة، ما استطاعت الشعوب إليه سبيلا، وهو خيار أثبتت سنوات الربيع العربي أن فيه من الألم ما لا طاقة عليه، وأن أثمانه بالغة القسوة، لكن السنوات السابقة كما الأيام الحالية تثبت أيضا أن هؤلاء الحكام يدفعون الشعب، ومعهم جزء منه بما فيه من علماء دين منافقين وساسة يباعون ويشرون وإعلاميون ينامون في السرير الأغلى واقتصاديون يعبدون الدولار، يدفعون الشعب لتطأ قدماه حيث يمكن أن يحدث الانفجار.
أما الخيار الثالث، وأعتقد أن أفلام الخيال العلمي أكثر واقعية منه، فهو أن يبادر هؤلاء إلى إنقاذ أنفسهم وبلدانهم، والبدء بخطوات إصلاحية حقيقية قبل أن تقع الفأس بالرأس سواء فأس الداخل المسحوق أم فأس الخارج المتربص، القريب منه أو البعيد.
ولأن شيئا من هذا الإصلاح لن يحدث.. لنا أن نقول:
أصحاب الفخامة تبا لكم
*حسين الزعبي - من كتاب"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية