لا شك أن جميع المسلمين يكنون في صدورهم محبة عظيمة لرسولنا الكريم وقدوتنا الأولى, صلى الله عليه وسلم, فهذه المحبة أصلاً من أصول الدين ولذلك فمن لا يحب الرسول فهو كافر خارج عن الملة, ولكن من المؤسف أن نرى العديد من المسلمين مع حبهم للرسول الكريم يجهلون الكثير من جوانب حياته عليه السلام وفيما يلي إطلالة سريعة على السيرة العطرة لخير البرية التي نتعرف بها على جوانب متعددة من شخصية المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين, وأسلوبه في حياته ومعيشته, ودعوته في السلم والحرب لتفتح الطريق أمام من يريد دراسة أعمق للسيرة النبوية الخالدة.
- نسبه عليه الصلاة والسلام: متفق عليه أنه "أبو القاسم محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ين غالب بن فهد بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان" وأتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام.
- أسماؤه عليه السلام: وردت أسماؤه في عدة أحاديث: منها ما رواه جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لي أسماء, وأنا محمد, وأنا أحمد, وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر, وأنا الحشير الذي يحشر الناس على قدميّ, وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد" متفق عليه. وعن أبي موسى الأشعري قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: "أنا أحمد, والمقفي, والحاشر, ونبي التوبة, ونبي الرحمة" رواه مسلم.
- طهارة نسبه عليه السلام: ولد رسول الله من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح فقد صان الله تعالى والده من الزنا مع انتشاره بالجاهلية, قال: "إن الله عز وجل اصطفى من ولد ابراهيم اسماعيل, واصطفى من ولد اسماعيل كنانة, واصطفى من بني كنانة قريشاً, واصطفى من قريش بني هاشم, واصطفاني من بني هاشم" رواه مسلم. وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هو فينا ذو نسب, فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها" رواه البخاري.
- ولادته عليه الصلاة والسلام: ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في شهر ربيع الأول قيل في الثاني منه, وقيل في العاشر, وقيل في الثاني عشر, وهناك دراسة فلكية حديثة تقول إنه في التاسع من ربيع الأول, والصحيح أنه ولد في عام الفيل وهو ما عليه الإجماع.
وقال علماء السيرة, أن آمنة بنت وهب لما حملت به قالت: "ما وجدت له ثقلاً, فلما ظهر خرج ظهر معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب, وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وإني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين, وأن آدم لمنجدل في طينه, وسأنبئكم بتأويل ذلك, دعوة ابراهيم, وبشارة عيسى في قومه, ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام" رواه أحمد والطبراني.
وتوفي أبوه صلى الله عليه وسلم وهو حمل في بطن أمه.
- رضاعته صلى الله عليه وسلم: أرضعته ثوبية مولاة أبي لهب أياماً, ثم استرضع له في بني سعد, فأرضعته حليمة السعدية وأقام عندها نحو أربع سنين وخلال هذه الفترة شق عن صدره واستخرج منه خط النفس والشيطان, فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك, فلما ماتت أمه كفلته أم أيمن مولاته التي ورثها من أبيه وكفله جده عبد المطلب, فلما بلغ ثماني سنين توفي جده وكفله عمه أبو طالب واعتنى به ورعاه وآزره حين بعثه الله تعالى مع أنه مات على الشرك.
- صيانة الله له من دنس الجاهلية: فلقد صانه الله منذ صغره من دنس الجاهلية, وأنعم عليه بالخلق الجميل, فلم يعرف عنه ما يقدح في عصمته, حتى عرف بين قومه بالأمين, وكانوا يدعون عنده أماناتهم, وحينما احتفلوا في وضع الحجر الأسود أثناء بناء الكعبة, إقترحوا أن يحكّموا أول داخل عليهم فكان رسول الله, فقالوا جاء الأمين, فرضوا به حينما وضع الحجر الأسود وسط ثوب وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب ثم أخذ الحجر فوضعه في مكانه عليه الصلاة والسلام.
- زواجه عليه الصلاة والسلام: تزوج السيدة خديجة وله خمس وعشرون سنة, وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة, فرأى منه ما أبهره من صدق وأمانة فلما رجع أخبر سيدته بما رأى, فرغبت إليه أن يتزوجها وماتت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنوات ولم يتزوج غيرها حتى ماتت, ومن ثم تزوج سودة بنت زمعة, ثم عائشة بنت أبي بكر ولم يتزوج بكراً غيرها, ثم تزوج حفصة بنت عمر, ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث, ثم أم سلمة, وتزوج زينب بنت جحش, ثم جويرية بنت الحارث, ثم أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان, ثم صفية بنت حيي بن الأخطب أثر فتح خيبر, ثم تزوج ميمونة بنت الحارث, وهي آخر زوجاته رضي الله عنهن جميعاً.
- أولاده عليه السلام: كل أولاده من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد إلا ابراهيم فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس زعيم مصر, وله من الذكور القاسم وبه كان يكنى, والطاهر والطيب, وقيل ولدت له عبدالله في الإسلام فلقب بالطاهر الطيب, أما ابراهيم فولد بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث أشهر على الأرجح.
أما بناته فهن زينب أكبر بناته وتزوجها ابن خالتها العاص بن الربيع, ورقية وتزوجها عثمان بن عفان, وفاطمة وتزوجها علي بن أبي طالب, فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب الجنة, وأم كلثوم وتزوجها عثمان بن عفان بعد وفاة رقية, رضي الله عنهن جميعاً. قال النووي: فالبنات أربع بلا خلاف, والبنون ثلاثة على الصحيح.
- بعثته وهجرته عليه السلام: بعث عليه السلام لأربعين سنة فنزل عليه الملك في غار حراء يوم الإثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان, وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد عليه ذلك وتغير وجهه وعرق جبينه, ومكث يدعو الناس سراً ثلاث سنوات حتى أمر الله بالجهر "فاصنع بما تؤمر" الحجر/94, ولقي الأذى والعذاب الشديد من قومه وهو صابر محتسب, وأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فراراً من الظلم, ولما مات عمه أبو طالب نالت منه قريش الكثير, وزاد عناؤه بموت خديجة, فخرج إلى الطائف ولم يجد سوى السخرية والأذى, وكان عليه السلام يعرض نفسه في كل موسم على القبائل حتى كانت بيعة العقبة الأولى أسلم فيها ستة نفر رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم, ثم كانت بيعة العقبة الثانية ومن ثم أمررسول الله من معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة, ثم خرج عليه السلام وأبو بكر مهاجراً فتوجها إلى غار ثور أقاما فيه ثلاثاً ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة, فبنى فيها مسجده ومنزله وآخى بين المسلمين وكتب الوثيقة.
- غزواته عليه الصلاة والسلام: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزوة قاتل في تسع منها, بدر وأحد والخندق, والربيع, وقريظة, وخيبر, والفتح, وحنين, والطائف, وبعث ستاً وخمسين سرية.
- حجة عليه السلام واعتماره: لم يحج الرسول سوى حجة واحدة هي حجة الوداع, وأربع عمرات, هي عمرة الحديبية, وعمرة القضاء, وعمرة الجعرانة, والرابعة عمرته مع حجته.
- وفاته عليه السلام: توفي يوم الإثنين من شهر ربيع الأول في الحادي عشرة للهجرة وله من العمر ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة.
- وثلاث وعشرون نبياً مرسلاُ, منها: ثلاث عشرة في مكة وعشرين في المدينة صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية