أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من وحي ذكرى المولد النبوي الشريف

القرآن يؤكد بشرية الرسول – صلى الله عليه وسلم –

 

  يحتفل العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها بذكر مولد الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -  فرحين مستبشرين بفضل الله تعالى عليهم بهذا النبي العظيم الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهداية، فأخذ بأيديهم وجعلهم خير أمة أخرجت للناس،

أقاموا أعظم حضارة عرفتها البشرية، والرسول - عليه الصلاة  والسلام - كان يمارس جميع جوانب حياته بصفته بشراً ، إلا ساعة نزول الوحي التي يخرج فيها عن بشريته ليتلقى خبر السماء، ذلك ليكون قدوة للمسلمين وأسوة حسنة لهم في جميع المجالات فهو القائد، والمربي، والآب، والزوج وغيرها من أدوار الإنسان البشرية ، وفيما يلي دلائل كونه عليه السلام بشراً من القرآن الكريم :

  • بعثته: إختاره الله تعالى من أشرف القبائل العربية معروف نسب الآب والأم ، عاش يتيماً في رعاية جده وعمه، وكان يراه الناس وهو يعيش حياة بشرية طبيعية فلقد رعى الأغنام وسافر في تجارة . وكان يأكل الطعام ، وينام وغيرها مما تتطلبه حياة الر العاديين، قال تعالى:" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " التوبة/108 ، ولتصرفاته البشرية قال الكافرون: " وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا " الفرقان/ 7

ويؤكد عليه السلام كونه بشراً بقوله للأعرابي الذي ارتعدت فرائصه حين رآه " هوّن عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن إمرأة كانت تأكل القديد " رواه ابن ماجة. يقول عليه السلام للمتخاصمين:"  إنما أنا بشر وأنه يأتيني الخصم ، فلعل بعضكم يكون آلحن بحجته من بعض وأحسب أنه صادق، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها، أو ليدعها" رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.

  • تعرضه للإيذاء والصبر عليه: تعرض عليه الصلاة والسلام للكثير من الأذى، والمنع من الدعوة، وصبرعلى ذلك، وفي كل ذلك كان بشراً ليقتدي به المسلمون الدعاة ويصبروا على ما يلاقونه من صعاب ، قال تعالى:" ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله " الأنعام /34 ، وقال تعالى أيضاً :" فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل .." الأحقاق /35 ، ولشدة ما تحّمل عليه السلام كونه بشراً خفف الله تعالى عنه بقوله :" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث آسفاً " الكهف/6
  • عدم معرفته بالغيب : من أكثر الأمور التي تؤكد بشرية الرسول- صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن يعرف الغيب ولم يدع ذلك ، فالغيب من خصوصيات رب العاملين ، ولقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله تعالى :" قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحي إليّ وما أنا إلا نذير مبين" الأحقاق /9 وقوله أيضاً عز وجل:" قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" الأعراف /188.
  • معاتبة الله تعالى له عليه الصلاة والسلام : عاتب الله تعالى نبيه الكريم على بعض التصرفات التي تصدر عن البشر دون قصد، مما يدل على كونه عليه السلام بشراً وإلا ما تعرض لذلك، ومنها إعراضه - صلى الله عليه وسلم - عن ابن أم مكتوم وهو يخاطب سادة مكة :" عبسى وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، أو يذكر فتنفعه الذكرى " عبس /1-4 وكذلك استعجاله بالاذن للمنافقين فيعفو تعالى بقوله:" عفا الله عنك لم آذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين" ، وفي عتابه عز وجل لنبيه العفو عن الأسرى:" وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم " الأنفال /67 . وفي حديث عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ما يوضح قصة أسرى غزوة بدر قال:" .. فقلت يا رسول الله ، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :" أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة، فأنزل الله عز وجل " ما كان لنبي" الآية فاحل الله الغنيمة لهم .
  • زواجه عليه الصلاة والسلام : زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - يظهر كونه بشراً ، ولقد أكد القرآن ذلك بعدة آيات منها قوله تعالى :" يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك" الأحزاب/50 شأنه في ذلك شأن جميع النبياء والمرسلين" ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بأذن لله لكل آجل كتاب" الرعد /38 وهو ما أكده - عليه الصلاة والسلام - بقوله :" .. أما والله إني لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي ، وأرقد ، وأتزوج النساء، فليس مني " وفي رواية" النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه أبو داود .
  • وفاته - عليه الصلاة السلام - : وهو ما يؤكد كونه بشراً ، فكل مخلوق لابد وأنه ميت، وبما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر فقد ولد كما ولدوا ، وعاش كما عاشوا، ومات كما ماتوا، قال تعالى :" إنك ميت وإنهم ميتون" الزمر/30 فهذه هي النتيجة الحتمية للبشر، وقال تعالى أيضاً :" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجري الله الشاكرين " ال عمران /144 ، ولقد أكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الحقيقة الخالدة بالإيحاء لأصحابه بقوله:" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما نمسكتم بهما بعدي ، كتاب الله وسنة رسوله" فإن الموت حق على البشر ولقد مات جميع الأنبياء والرسل لأنهم بشر.

  وهناك العديد من الآيات التي تؤكد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بشر كغيره من الخلق، إلا أنه معصوم عن الوقوع في الخطأ بالتبليغ، ولا يشرع إلا ما أمره الله تعالى به أو أذن فيه عن طريق الوحي ، قال تعالى:" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.." النجم/3-4 ، ولذلك كانت طاعته واجبة بالتبليغ بقوله تعالى :" وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" بل كانت طاعته بالتبليغ مقرونة بطاعة الله  تعالى :" وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعو فتفشلوا وتذهب ريحكم .." الأنفال/46 ، وفي آية أخرى كانت طاعة الرسول دلالة على طاعة الله تعالى " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظاً " النساء/80 ، أما فيما يتعلق بأمور الدنيا وفنون الحياة فإنه - عليه السلام - بشر ، فيشار عليه ، فلقد أشار عليه الصحابة وأمهات المؤمنين بالعديد من المواقف كما فعل الحباب بن منذر يوم بدر باقتراح الوقوف على ماء بدر، وكذلك سلمان الفارسي في حفر الخندق حول المدينة ، وكما أشارت أم سلمة" رضي الله عنها" بنحر الهدي يوم الحديبية وغيرها الكثير من أمور الحياة الدنيا أما ما يتعلق بالتشريع فهو وحي من الله تعالى نزل على بشر ليقيم الله تعالى الحجة على الخلق ، فلا يكون لهم سبب لعدم الاذعان والطاعة ، قال تعالى:" لئلا يكون للناس على حجة بعد الرسل" البقرة /150 .   
  

 

 

اللواء الأردنية - زمان الوصل
(175)    هل أعجبتك المقالة (170)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي