خاشقجي.. والعابثون بعقارب الساعة*

الكاتب: لن تعود الساعة إلى ما قبل انطلاق ثورات ربيع العرب رغم كل العابثين بعقاربها

ضخت قضية الصحافي المختطف، وربما المقتول، جمال خاشقجي الدماء في عروق ‏المعارضة السعودية، من الناحية الإعلامية على الأقل، وهذه المرة بعيدا عن الأجندات ‏السياسية لهذه الفضائية أو تلك، فمسألة خاشقجي لا تحتمل الكثير من التأويل المؤامراتي، وإلى ‏أن يثبت العكس، تتلخص الحالة بأن الرجل دخل قنصلية بلاده ولم يخرج منها، أما البقية فهي ‏تفاصيل ربما لن تتأخر كثيرا حتى تظهر للعلن.‏

لا يوجد معارضة سعودية بالمعنى التقليدي، وشأنها في ذلك شأن عموم دول الخليج العربي ‏وغيرها من البلدان التي لا تصنف ديمقراطية، وربما في الحالة الخليجية لا يوجد معارضة لا ‏داخلية ولا خارجية، إنما مجموعة أشخاص لكل منهم خلفية ايديولوجية خاصة، لا يجمعهم تيار ‏أو حزب مثلما لم يتشابه دافعهم لتبني موقف معارض لأنظمة الحكم في بلدانهم.‏

ولم يعرف عن هذه المعارضة عقدها لمؤتمرات أو ندوات، إنما اقتصرت على الظهور ‏الإعلامي المقتضب، وهو عادة لا يرتبط بالفعل المعارض بقدر ما يرتبط بالتعليق على هامش ‏حدث ما له على علاقة بالحالة السعودية، فاقتصرت نشاطاتهم على كتابات في العالم ‏الافتراضي عبر "تويتر" و"فيسبوك" وفيديوهات على مصورة، وهذه على أهميتها بقيت ‏محدودة التأثير، إلا أن الأمر لم يعد كذلك منذ اللحظة التي خرجت فيها مسألة اختفاء جمال ‏خاشقجي إلى العلن، فباتت تغريداتهم متابعة من قبل المتابعين وشبه مصدر لوسائل إعلام ‏كبرى، وهذا أمر طبيعي، وقد لا يكون على قدر كبير من الأهمية، لكنه كذلك عندما يحظى ‏بتفاعل في الداخل السعودي، إذ ومن خلال متابعة بسيطة لا تستند إلى إحصائيات علمية، يمكن ‏ملاحظة زيادة التفاعل مع ما يقدمه المعارضون السعوديون، من منشورات وفيديوهات، وهي ‏إن صحت، تعكس حالة من التململ وعدم الرضا المجتمعي عن الواقع الحالي في المملكة.‏

قصة خاشقجي مع تداعياتها السياسية والإعلامية ستنتهي آجلا أم عاجلا سواء أدت لتصعيد ‏دبلوماسي قد يصل حد القطيعة بين الرياض وأنقرة أم تم طيها ضمن تسوية ما، لكن من المؤكد ‏أيضا أن هذه القضية لن تمحى من وجدان الكثير من السعوديين قبل غيرهم من العرب، ليس ‏حبا بجمال ولا كرها بالسعودية، لكن هذا الحادث وبشكل مجرد يضاف إلى سلسلة من الحوادث ‏والسياسات التي تسير عكس حركة التاريخ في منطقة متحركة لم تعد فيها الشعوب آخر من ‏يعلم، ولن تعود الساعة إلى ما قبل انطلاق ثورات ربيع العرب رغم كل العابثين بعقاربها.‏

*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
(221)    هل أعجبتك المقالة (184)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي