حقيقة إنه سؤال في غاية الأهمية وبحاجة عاجلة إلى جواب فالمصارف السورية التي تعيش هذه الأيام حالة تطور وازدهار تحسد عليها لم تقدم حتى هذه اللحظة خدمات مصرفية تساهم بتحقيق تنمية حقيقية في مجالات الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة
لذا نتساءل مجدداً:هل قدمت المصارف السورية جزءاً مما يجب عليها تقديمه من خدمات وميزات؟
يرى عدد من الخبراء المصرفيين أن المصارف السورية لم تقدم ماكان يجب عليها تقديمه حيث إنها توجهت نحو القروض الاستهلاكية مثل قروض السيارات والتجزئة في حين أنها بقيت بعيدة عن الدعم الحقيقي للمجالات الحيوية كالصناعة والتجارة والسياحة والزراعة وغيرها من المجالات التي يعول عليها في نهوض الاقتصاد الذي بات في أمس الحاجة إلى الدعم وخاصة مع الأزمة المالية العالمية التي أصبحت نتائجها تطفو على السطح، وهنا نتساءل مجدداً:
ماحقيقة هذا الموضوع؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات سنتطرق لهذا الموضوع الذي يعد في غاية الأهمية نظراً إلى أنه يمس حاجات المواطن من جهة ناهيك عن تأثيره في الاقتصاد الذي يعيش حالياً ترقباً وحذراً من الكساد العالمي الذي تظهر نتائجه جلية.
جهود لدعم ذوي الدخل المحدود
وللاطلاع على التفاصيل التقينا بداية الدكتور دريد درغام مدير عام المصرف التجاري السوري الذي تحدث قائلاً:
إن المصرف وضمن جهوده لدعم ذوي الدخل المحدود يحضر لإطلاق مجموعة من القروض مثل قرض تمويل شراء المركبات الثقيلة لزيادة تشغيل الأيدي العاملة والدخول الشهرية، إضافة إلى قرض السخان الشمسي الذي أطلق منذ فترة وقرض الإكساء الذي سيساهم في تأمين السكن بالنسبة لذوي الدخل المحدود وكذلك الأمر سيتم الإعلان عن نتائج القرض السكني في بداية الربع الثاني من هذا العام، ناهيك عن قرض شراء السيارة الذي أتاح المجال أمام عدد كبير من الموظفين والمواطنين لتحقيق حلمهم باقتناء سيارة بما يتناسب مع قدرتهم على السداد الشهري، وتجدر الإشارة إلى أننا نسعى خلال هذا العام إلى إيجاد وسائل تسمح بتلبية متطلبات مختلف الشرائح الطالبة للسكن والمدخرين ودعم الاقتصاد لمواجهة تحديات الأزمة المالية العالمية.
وأضاف:
كما يستمر المصرف التجاري السوري في تمويل عمليات التجارة الداخلية والخارجية ومختلف أنواع قروض الاستثمار الجديدة على الأمد الطويل والمتوسط وكذلك قروض التجزئة وبطاقات الائتمان المصرفية وغيرها من خدمات الاستشارات المصرفية التي يقدمها للقطاعين العام والخاص ومختلف أنواع الدفع والفوترة الإلكترونية.
وقال: يكفي أن نقول إن المصرف يمول حالياً (70٪) من المشاريع التنموية والاستثمارية في سورية ما يشير إلى دوره الداعم للاقتصاد السوري وخاصة في مجال تمويل الدعم الذي أخذه المصرف على عاتقه طوال السنين السابقة، كما أنه لم يتوقف عن منح التسهيلات والقروض الطويلة والمتوسطة والقصيرة الأجل وتمويل المشاريع الاستثمارية التي تصب في خانة القطاعات السياحية والتجارية والصناعية، ومن جهة أخرى الحساب الجاري المدين وسنقوم قريباً بطرح قرض السكن الخاص بموظفي المصرف التجاري.
تطوير البنى التحتية
وعن آليات النهوض بالمصرف قال الدكتور درغام:
لقد عمل المصرف على تأمين بنية تحتية قادرة على الرقابة بمختلف أنواعها مثل برامج مكافحة غسيل الأموال , ما سهل العمل وسرع في تقديم الخدمات وتبسيط الإجراءات التدريجي الذي شمل اعتماد نظام التلر في عمليات السحب والإيداع والتحويل والشيكات والاعتمادات والكفالات والبوالص حيث انخفض عدد التواقيع بشكل كبير، ومن جهة أخرى نفذ المصرف مشروع الدفع الإلكتروني الذي ساهم بتخفيف عبء التعامل بالنقد الورقي من خلال نشر الصرافات الآلية وأجهزة ( pos) وكذلك الأمر خدمات الفوترة الإلكترونية وتوطين رواتب عدد كبير من المؤسسات العامة والخاصة وبالتالي أثبت المصرف أنه أكبر مصرف سوري سواء على المستويين العام والخاص من حيث عدد البطاقات المصدرة أو الصرافات المركبة.
وأضاف:
كما وسع المصرف عدد فروعه في مختلف المدن السورية حيث تم مؤخراً افتتاح فروع جديدة ومكاتب خدمات مصرفية وكوى صرافة وأعيد النظر بالتوزيع الجغرافي لمواقع فروعه حيث دمج بعضها لضمان توزيع أشمل لخدماته فبلغ عدد فروعه حالياً (83) فرعاً ومكتباً إضافة إلى (24) فرعاً بانتظار التشغيل بعد أن يستكمل تأسيسها وتأمين خطوط الاتصال اللازمة للعمل فيها، ومن جهة أخرى عالج المصرف مشكلة البطالة المقنعة لديه من خلال فتح وردية عمل جديدة ليصبح المصرف الوحيد في سورية الذي يعمل من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً.
حزمة تسهيلات جديدة
وأكد الدكتور درغام أنه سيتم طرح حزمة من التسهيلات الجديدة كالجاري المدين لشرائح الأطباء والمهندسين والصيادلة مع منح قروض طويلة الأجل والبطاقات الائتمانية إضافة إلى تشكيل لجنة لمراقبة العمليات المصرفية ترفع تقريرها لهيئة مكافحة غسيل الأموال لدى مصرف سورية المركزي بشكل دوري ومنتظم، مشيراً إلى الاستمرار بتطوير موقعه الإلكتروني لتأمين المجال للمتعاملين بالاطلاع على خدمات وتسهيلات المصرف ومختلف المعلومات المتعلقة به بشكل أسرع.
رؤية واضحة
كما التقينا مدير عام البنك العربي في سورية السيد علي الزعتر الذي تحدث عن حركة السحوبات والايداعات قائلا:
لقد استمر النمو في ودائع الزبائن لدينا خلال الربع الأخير من عام 2008 وبقيت السحوبات للفترة المذكورة ضمن معدلاتها ماقبل الأزمة وإن ذلك يعود للسياسة التي انتهجها مصرف سورية المركزي ومجلس النقد والتسليف هي سياسة حكيمة وتحقق أغراضها، فقد عززت الثقة في مدى ثبات واستقرار الليرة السورية، وأدت إلى تعزيز مصداقية الجهات الرقابية المذكورة لدىالفعاليات المختلفة في سورية، وكذلك ساهمت في زيادة الاحتياطيات الأجنبية.
وأضاف: لدينا رؤية واضحة وغير مترددة بالنسبة لأهمية دور المصارف في المشاركة الفاعلة في عملية النمو الاقتصادي وتركز استراتيجية البنك العربي - سورية على دعم دور القطاع الخاص في إحداث التنمية، حيث قمنا بتمويل المشاريع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة للشركات والمؤسسات بأنواعها الكبيرة والمتوسطة الحجم والصغيرة ولكافة القطاعات دون استثناء كالتجارة والصناعة والخدمات وغيرها، كما يقدم البنك القروض لتمويل مشاريع ذات طبيعة خاصة تنتمي لقطاعات اقتصادية ذات خصائص محددة وتحتاج إلى مهارات وأدوات لمراقبتها ائتمانياً وتشغيلها بالشكل المطلوب كتمويل المشاريع السياحية والمنشآت التعليمية والعديد من القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية الاجتماعية والاقتصادية.
مسار لا مخاطر فيه
من جانبه أكد مدير عام فرنسبنك في سورية السيد نديم مجاعص صحة المسار الإستراتيجي المطبق في فرنسبنك من ناحية ممارسة الصيرفة التقليدية وعدم الدخول في مجالات تحوي أي نوع من المخاطر، فالمهنة المصرفية بشكل عام تحوي مجموعة من المخاطر ولكن في الصيرفة التقليدية تكون مخاطرها مدروسة وخاصة أنها تكون تحت إشراف النظم والقوانين المعمول بها ومن جهة أخرى قرارات المصرف المركزي ومقررات بازل (1-2)، مع الإشارة إلى أن الصيرفة التقليدية لاتعني فقط قبول الودائع ومنح السلف إنما تتجاوز هذا الأمر لمهن وأدوات فعالة مثل ممارسة التأمين المصرفي والتمويل التأجيلي وممارسة العمل المصرفي لمحافظ الاستثمار التقليدية ومنح البطاقات المصرفية وممارسة العمل المصرفي عبر الإنترنت بعيداً عن المشتقات المالية التي أدت للأزمة المالية العالمية التي نحن بصددها.
الخيار للصيرفة التقليدية
وقال: سنحاول تطبيق نفس ماطبقناه في لبنان بكل حذافيره وإذا استطعنا القيام بعملية نسخ فلن نتوانى، وهذا ليس من باب عدم القدرة على التطوير أو الإبداع على العكس، فالتجربة تؤكد أن العمل الناجح هو الأساس ولاضير في نقل التجارب الناجحة، فأقصى طموحنا يتمثل في نقل ماحققه فرنسبنك في لبنان إلى سورية من خلال الاستمرار بممارسة المهنة المصرفية التقليدية التي تقدم الخدمات الكلاسيكية مثل تمويل التجارة وفتح الاعتمادات وتقديم الخدمات للأفراد والتأمين المصرفي والتأجيل التمويلي عندما تسمح القوانين بذلك إضافة إلى الوساطة المالية بمعناها التقليدي والبطاقات المصرفية والصرافة عبر الإنترنت، سنقوم بتقديم هذه الخدمات بنفس الآلية التي نطبقها في كل فروعنا بأسرع وقت وأفضل طريقة بالاعتماد على خبرة يتجاوز عمرها أكثر من (80) سنة.
خدمات طموحة
وعن إمكانية دعم المجالات الإنتاجية في سورية قال:
كما ذكرت لقد تواجدنا بالسوق السورية سابقاً وساهمنا في دعمها خلال عملنا بالمنطقة الحرة حيث مولنا نشاطات تجارية وصناعية، وأشير إلى أنه لاسقف لطموحنا ونوعية الخدمات التي سنقدمها في جميع المجالات والأشكال ضمن إطار العمل المصرفي التقليدي وإدارة المخاطر الرشيدة ومراعاة مصالح المساهمين، وتجدر الإشارة إلى أنه ثمة إدارة حكيمة من قبل المصرف المركزي ووزارة المالية لايمكن إغفالها وهي تعبر عن الخطوات الواضحة نحو التطوير ولكن حسب منهج التجربة الصينية التي تعتمد على التقدم بحذر وتمهل مع دراسة كل خطوة قبل القيام بها وهي تجربة قد حققت نجاحاً يذكر على صعيد العالم، وأنا شخصياً أؤيد هذا النوع من التطور لأنه يجنب الاقتصاد الوقوع بالأخطاء القاتلة وبرأيي فإن سورية تسير على طريق التطوير بخطا ثابتة وواعية وعلى الرغم من هذا مازلنا كمصرفيين نطمح بمناخ مصرفي أفضل من حيث الإطار التشريعي والقانوني والأمور بطريقها الصحيح والمسألة متعلقة بالوقت.
نقلة نوعية
يرى الخبير المصرفي عبد القادر حصرية أنه قد شكل السماح بتأسيس مصارف خاصة نقلة نوعية في خدمات قطاعنا المصرفي لأن هذه المصارف استطاعت أن تقدم خدمات للمواطن مشابهة لما هو موجود في الدول المجاورة والتي سبقتنا في الخدمات المصرفية وقد قدمت هذه المصارف خدمة كبيرة للاقتصاد عبر استقطابها لحجم من الودائع كانت موجودة في الخارج وحتى المصارف العامة استفادت من التجربة نظراً لجو المنافسة الذي أوجدته تجربة المصارف الخاصة ولأن ثقافة المجتمع بدأت بالتغير.
وقال: المصارف الحالية هي مصارف تجارية وليست مصارف استثمارية لذلك فإننا يجب أن نأخذ ذلك في الاعتبار عند تقييم تجربتها أو ماهو متوقع منها. تعتمد المصارف التجارية على الودائع قصيرة الأجل ، بينما احتياجات تمويل المشاريع المذكورة هي متوسطة وطويلة الأجل ولايمكن أن يتم جسر الهوة بين آجال الودائع واحتياجات الإقراض إلا عبر عملية التوريق أو إصدار شهادات إيداع يتم تداولها في الأسواق المالية وهو ماتشارك في تطويره عادة المصارف وصناديق الاستثمار لذلك لابد من تطوير التشريعات والمؤسسات المالية ولابد من تنظيم عملية توريق القروض واصدار الصكوك الإسلامية لتوفير تمويل لهذه المشاريع.
استكمال منظومة التشريعات
وقال حصرية:
لابد من استكمال منظومة المؤسسات التي تجمع بين تمكين هذه المؤسسات من لعب دورها من جهة ومن تطوير قدرة الجهات الناظمة للقطاع المصرفي والمالي بشكل عام لتستطيع مواكبة التطورات، من المهم إصدار التشريعات التي تمكن من تنويع المنتجات المالية للمستثمرين والمؤسسات المالية على حد سواء، وذلك يتطلب تعاون جميع الجهات المعنية بالقطاع المصرفي ومنها المستثمرون وأصحاب الودائع على السواء.
وإذا مافشلت المصارف السورية في تقديم ما يتوجب عليها قال: الموضوع ليس فشلاً أو نجاحاً، الحديث هنا هو عن عملية تحول اقتصادي وتحقيق للأهداف الاقتصادية العامة بأدوات جديدة منها تسهيلات وقروض القطاع المصرفي، مشوار القطاع المصرفي هو في أول مرحلته الجديدة التي بدأت في العام 2004 عندما شهدت سورية افتتاح أول مصرف خاص، من الأفضل الحديث عن عوامل نجاح هذا القطاع كقطاع وطني لا تفريق فيه بين العام والخاص لامن حيث المزايا أو الرقابة ثم توفير عوامل النجاح هذه.
عندها يمكن الحديث عن أي انحراف بين أهداف واضحة وعملية وبين التطبيق ومن ثم يمكن التعامل مع هذه الانحرافات عن تحقيق الأهداف المحددة للقطاع المصرفي، أرى أن يكون الحديث عن كيفية تمكين قطاعنا المصرفي من لعب الدور المنشود منه.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية