أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ترامب ليس أولهم.. نعم لولاهم لسقطوا*

ترامب - جيتي

ربما ما أزعج بعض العرب فجاجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحه الأخير، وليس افتضاحه لهشاشتهم، وإنما الحقيقة كما يجب أن تقال أرادها أن تصل لجمهوره ليبرر سياسات بلده اتجاه بعض الأنظمة المتهالكة، والتي يرون أنها باتت من الماضي مع كل ما تبديه من مرونة لتغيير انطباعات العالم عنها.

ترامب الواضح قال إن لبلده الحق في تريليونات الدولارات التي تملكها السعودية، وأنه قال للملك السعودي لولا حمايتنا لما بقيت في السلطة أسبوعين، وعليك أن تدفع مقابل ذلك، وهو حقنا لقاء هذه الخدمة.

لم ترد السعودية على هذا الكلام غير الدبلوماسي الذي أربك ساساتها الذي يطبلون للعلاقات الاستراتيجية والندية والتشاركية مع الأمريكان، وما الذي يمكن أن يقوله هؤلاء في وجه الحقيقة الفجة، وأي رد واهٍ سيزيد الطين بلة، والصمت قد يكون حكمة تحفظ ما بقي من ماء الوجه الذي أهدره ترامب بفظاظة.

ترامب ليس آخر الزعماء الذين افتضح هشاشة وعمالة حكامنا، ولكنه اختلف عن الجميع في وضوح ما يريده، وهو تلك الخزائن التي تنام تحت أسرة الأسر الحاكمة في الخليج، والتي يرى أنها ليست لهم وحدهم بل يجب أن يتقاسموها مع أولئك الذين يحرسونها فهم لا يملكون القدرة في دفع الطامحين الكثر لذلك، ولا يستطيعون الدفاع عن عروشهم المهددة من الداخل والخارج.

قالها الإيرانيون والإسرائيليون والروس في سوريا، وذهب بعض صغار المقاتلين إلى أبعد من ذلك في الإهانة فلولاهم لسقطت دمشق، ولدخل الإرهابيون قصر الشعب، وأنهم هم من حموا الأقليات والعلمانية والدولة.

لم تستطع الأنظمة العربية بالرغم من كل ما فعلته من خراب وسجون، وبكل ما أوتيت من قوة وجبروت السلطة الأمنية والعسكرية أن تحمي نفسها ومكاسبها، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على تسلط العسكر على شعوب الشرق البائس لم تستطع أن تصمد في أول هبة شعبية حقيقية.

ومنذ الأيام الأولى للحراك الشعبي العربي بات واضحاً استعداد تلك الأنظمة لدفع ضريبة البقاء مهما كانت باهظة، وهي التي دفعت سابقاً من قضايا هذا الشرق التنازل وراء الآخر، وتخلت عن أراضيها وسيادتها في هزائمها المتتالية مع العدو الإسرائيلي، وفي معاركها السياسية الدولية وقعت اتفاقيات الذل من أجل هدف واحد هو البقاء في السلطة حتى حافة الموت.

وفي هذا الوقت الذي تبدو فيه هذه الأنظمة في أسوأ حالاتها، وباتت تشكل عبئاً أخلاقياً أمام شعوب داعميها صار لزاماً على ترامب وسواه أن يبرر لجمهموره لماذا يحمي هذه الجثث المتفسخة.

ترامب يريد خزائن المال، والروس يريدون قدماً لهم في هذا الشرق، والإيرانيون لهم مشروعهم التوسعي العائدي الذي صار ممكناً إنجازه، والإسرائيليون يجدون أنهم اليوم بعد انهيارات الدول المحيطة بهم قادرون على التمدد أكثر، وتحقيق أحلامهم التوراتية والخلاص من فلسطين التاريخية إلى الأبد.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(173)    هل أعجبتك المقالة (175)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي