استكمالاً لتجربته الفنية التي أطلقها منذ سنوات بعنوان "الرسم على الموت" يعود الفنان "أكرم أبو الفوز" في عمل فني جديد اختار له اسم "راجعين" يستحضر فيه أسماء المناطق الثائرة التي تم تهجير سكانها من بلداتهم قسراً من قبل النظام السوري ويكتب أسماء هذه البلدات بخط الثلث الجميل المزخرف على مخلفات صاروخ عنقودي لطائرة حربية روسية.

وجاءت فكرة هذه التجربة -كما يقول أبو الفوز لـ"زمان الوصل"- من تجربة التهجير التي عاشها مثل غيره في الخيام بعيداً عن أرضهم وبيوتهم، فكان لا بد من عمل أي شيء يحرك ضمائر العالم أو ما تبقى منها ويلفت أنظار العالم لهذه المأساة التي يعيشها السوريون على أرضهم، ومن هنا بدأ فكرة عمله الذي خصصه للمهجرين وأسماء مناطقهم.
وحول ما تمتاز به تجربته الجديدة وهل هي امتداد لتجربته السابقة أشار الفنان الدوماني بنبرة ساخرة إلى أن وجود كأس شاي أثناء العمل والذي حُرم منه في الغوطة الشرقية وسماع أصوات العصافير في السماء التي لم يتأقلم عليها إلا منذ فترة قصيرة هو ما ميّز تجربته الجديدة، وأصبح بمقدوره -كما يقول- أن يرسم وعيونه وعقله في الرسم وليس عند أطفاله خوفاً من قذائف وصواريخ الغدر.
وتابع الفنان الشاب أنه بات يشعر الآن بمن فقد بيته وحيه ومدينته وأصبح بإمكانه شراء دواء إذا أصيب بوعكة أثناء العمل وبأشياء كثيرة لا يستطيع إحصاءها.

وأوضح أن تجربة "راجعين" هي امتداد لما بدأه من مشروع "الرسم على الموت" في مدينته "دوما" قبل خمس سنوات، ولفت الفنان الذي يعيش في ريف حلب الشمالي إلى أنه لم يجد كثير عناء في الحصول على المادة الخام لأعماله فبمجرد أن وطئت قدماه أرض النزوح وجد جميع مخلفات الحرب والقصف.
وشرح محدثنا وهو يمسح الغبار عن إحدى قطعه الفنية أن الخامة التي نفذ عليها تجربته الجديدة هي حاضنة صاروخ عنقودي مضاد للأفراد يطلق من طائرة روسية وعند سقوط هذه الحاضنة بعد أن تكون قد فرغت ما بداخلها في الجو تكون بهذا الشكل ويبلغ ارتفاعها بحدود 95 سم وعرضها بحدود 45 سم ووزنها بحدود 30 كغ.
وأبان أبو الفوز أن التقنيات التي يعمل عليها هي على منوال ما كان يرسمه في الغوطة الشرقية وبنفس المواد ولكنه حاول -كما يقول- أن تكون أعماله أكثر دقة وتحمل في طياتها رسالته التي أراد إيصالها.
وأردف أبو الفوز: "لقد جمعنا بقايا صاروخٍ كان سبباً في آلامنا وأوجاعنا وكان بمثابة خارطة لسوريتنا الجديدة بعدما تكالبت علينا جميع أمم الأرض، إلا من رحم ربي".

واستدرك أن "الميت لا يستطيع أن يخط شاهدة قبره ولكنه كفنان استطاع أن يخطها لأنه حلم يوماً بالحرية والمعيشة الكريمة".
ويشارك الفنان "أكرم أبو الفوز" في معرض يُقام حالياً برعاية السفارة السورية الحرة وبالتعاون مع الحي الثقافي "كتارا" في قطر، ويضم المعرض -كما يقول- صوراً لـ 30 لوحة من أعماله تم طباعتها بقياسات كبيرة ويأتي هذا المعرض كنوع من تبادل الثقافات بين الشعوب الذي تسعى إليه "كتارا" من خلال إقامة معارض عدة على مدار السنة، وأضاف أن معرضه الخارجي الثاني هذا يأتي كلفتة للشعب السوري الثائر، وتعبيراً على مدى ثقافته وحبه للحياة الذي اشتق منه أسم المعرض "نحب الحياة".
وحضر افتتاح المعرض السفير السوري لدى دولة قطر "نزار الحراكي" ونائب المدير العام لـ"كتارا" إلى جانب بعض سفراء الدول العربية والأجنبية ويمتد من 18/9/2018 لغاية 7/10/2018.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية