شُغل العالم بالأمس بإعلان روسيا عزمها تسليم منظومة صواريخ دفاع جوي "اس 300" لسوريا في غضون أسبوعين، والحقيقة لا أعلم لماذا الانتظار 15 يوماً، ما دامت هذه المنظومة موجودة في سوريا أصلاً، طبعا في سوريا بوتين، وليس سوريا الأسد، بل ومعها "س 200" و"س 400" وقد أعلن الروس نشر الأخيرة عقب إسقاط تركيا لطائرة روسية قرب اللاذقية، فيما استخدمت الأولى لإسقاط طائرة إسرائيلية اف 16 فوق الجولان رداً على إسقاط طائرة سوخوي روسية بريف حماة الشمالي.
ومن باب "النكتة البايخة" قيل حينها إن النظام هو من أسقط الطائرة الإسرائيلية، وهي نكتة لا تقل "بياخة" عن الإعلان الروسي تسليم "س 300" للنظام، ولا أعلم إن بقي لدى النظام كفاءات تدير مثل هذه المنظومة التي تسعى دول إقليمية في المنطقة لشرائها، إلا أن موسكو ترفض كرمى ورضوخا للضغوط الإسرائيلية، وربما جاءت حادثة إسقاط الطائرة "ايل 20" كفرصة للتخلص من الضغوط على البيع، وفي الوقت نفسه أيضا استخدامها كرسالة للغرب، والولايات المتحدة بشكل خاص بعد أن زجت الأخيرة بالأسطول السادس في المتوسط خلال الأيام القليل الماضية، مفادها أن الساحل منطقة نفوذ روسي بشكل مطلق.
وقد نذهب بعيدا للقول إن بوتين الذي وعد أن تنتهي الأزمة السورية مع نهاية العام 2018 وجد فيما حصل مدخلا للمزيد من التصعيد بهدف التفاوض والوصول إلى توافق روسي أمريكي يضع خريطة جغرافية وسياسية لسورية قد تستمر لنصف قرن مقبل، مثلما حدث خلال أزمة الصواريخ الروسية النووية التي نصبت في كوبا في العام 1962 وكادت تتسبب بحرب نووية كفيلة بإبادة نصف العالم، إلا أن تلك الأزمة نفسها أفضت لصفقة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حددت طبيعة العلاقة بين البلدين في تلك البقعة من العالم، ورسمت الخريطة السياسية والجغرافية للجزيرة الكوبية وأبقت عليها حتى يومنا هذا.
من المثير للشفقة أن الرئيس الكوبي حينها، فيديل كاسترو، الذي اضطر لارتداء ثوب المقاوم "للإمبريالية" كان آخر من يعلم بالصفقة.
الأمر يبدو أكثر سوءا في سوريا، سوء عبرت عنه كلمات مقدم برامج في قناة "روسيا اليوم" خلال استضافته لمحلل سياسي إسرائيلي، إذ قال الأخير إن من حق تل أبيب استهداف إيران في سوريا، فقال صاحب البرنامج وهل سوريا دولة ذات سيادة أم أنها "مزبلة" حتى تخترقها إسرائيل متى تشاء..
نعم إنها مزبلة يا عزيزي الإعلامي.
*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية