أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ما رأيكم بقيادة ثورة؟.. عبد السلام حاج بكري*

من مظاهرات إدلب أمس الجمعة - جيتي

التعبير السلمي والمدني عن المطالب أرقى أنواع التعبير، إن لافتة صغيرة تحملها طفلة وسط حشد مكتوب عليها "بدّي حرية" أكثر تأثيرا من دويّ المدافع وهدير الطائرات، هذا في عالم متحضر، إنساني، لا مصلحي، أما في العالم الذي نعيش اليوم فقد غابت كل هذه النعوت، وليس لذلك من سبب سوى هيمنة رأس المال وجنون التنافس السياديوي، يرافقه تهميش أو تغييب أو تجهيل لرأي شعوب الدول الأكثر سطوة، ليرتد بذلك صراخ عشاق الحرية في الدول الهامشية عليهم رصاصا قاتلا، لكن هيهات لهذا الرصاص أن يقتل النفوس الأبيّة.

ملايين السوريين نزلوا إلى الساحات هاتفين للشمس والانعتاق من العبودية، بثّت وسائل إعلام عالمية زفراتهم، وعرضت براميل الأسد تدمر منازلهم على رؤوسهم، وتستهدف مدارسهم ومشافيهم وأفران خبزهم، كان جليّا ما يريدون وما يريد، وكل قيادات العالم تدرك عين الحق، وكلّها صمتت وربما دعمت المجرم.

فعلت ذلك لتحقيق مآرب لم نعد نستطيع إدراكها لأن تدمير سوريا ماديا وحضاريا قد تمّ، ولم توقف حامل المعول الذي فعل ذلك، وتقاسمت فيما بينها الكعكة الصغيرة، كيف تجيب زعامات العالم القوي على تساؤلات مثل: ماذا تفعلون تجاه من ارتكب مجازر الكيماوي ودمّر وقتل وهجّر واعتقل، وأنتم تعرفونه، كيف تردّون على من أزال قارة عن الخريطة، وهدد بالمفخخات تضرب معاقلكم وقد فعل عبر طفلته "داعش"؟

منعت محركات إعلام الدول الفاعلة شعوبها من ردود فعل محتملة على صمت قياداتها على إجرام النظام السوري بترويج فبركات محاربة الإرهاب، وعدم تحركها لوقف حربه على شعبه بأن هذه الحرب تستقطب المتطرفين في دولها فتقتل وتُقتل.

لم يأبه السوريون لصمت العالم قيادات وشعوبا على مقتلتهم، أعادوا الحياة للساحات، والتغريد للحناجر، صنعوا للحرية بريقا أخاذا جديدا لم يألفه العالم، خرجوا مجددا من تحت الركام يعيدون للثورة سيرتها الأولى، الشمال السوري المنكوب ومأوى النازحين قسرا يشتم العالم ويتغزّل بالحرية المنقوصة والمهددة، ويسعى لتوسيعها وترسيخها.

لكن العالم القذر الذي تفرّج على مقتلته لن يتحرك ضميره مع جديد الحراك، ولن يكترث النظام لمتظاهرين خارج حدوده المنسجمة، وهو لا يزال على قناعة بتواطؤ الأممية معه ضد شعبه، لذا لن يكون للمظاهرات تأثير ما لم يرافقها حراك من نوع مختلف يفرض واقعا جديدا حتى على المعارضة السورية.

قد يكون من الخطير الدعوة لاختيار قيادة للثورة، وليس للمعارضة، حتى لو انبثقت من صفوف الشباب الثائر، ولكن في الوقت ذاته، ربما تفرض على العالم التعامل معها لفشل كل من الأسد بمهمة قمع الأحرار والمعارضة باحتوائهم.

خطورة اختيار قيادة للثورة الجديدة تكمن في احتمال تحويل مناطق النفوذ في الشمال إلى مشروع دولة، وبالتالي التقسيم، وهذا ما يرفضه الصارخون "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"، وتبرهن حناجرهم أن قيادة ثورية تنبثق من بين صفوفهم ستعمل على نشر الحرية في أرجاء الجغرافية السورية، وتكون حصنا في وجه التقسيم، غير أن احتمال الفشل وارد في ظل محاربة الكون لحرية السوريين.

السوري منكوب بكل أنواع النكبات يتمنى ويسعى ما استطاع لوقف الدموع والدماء كسعيه للحرية، ربما يكون من المفيد له انتخاب قيادة ثورية للأحرار السوريين في الشمال، وهم من كل سورية، وقد يكون الخيار الأفضل مع محدودية خياراته، يضع المختصون تفاصيل انتخابها ومراقبتها، ولكن التجربة المريرة على مدى سنوات الثورة تدفع لاقتراح انتخابات تمنع على المتحزّبين والمتأسلمين المشاركة فيها، إنها قيادة ثورية مرحلية تسعى للهدف السوري لا الحزبي ولا السلطوي بقالب ديني.

وقد يكون عقد مؤتمر وطني عام عملا مناسبا لاعتبارات عدة يفرضها واقع الشمال السوري، تنتج عنه قيادة للثورة بانتخابات مصغّرة، مع اشتراط عدم مشاركة المعارضة المألوفة المتعفنة، لأن الهدف، قيادة ثورية لا معارضة سياسية، لا سيما أن المعارضة بأجسامها وأحزابها المختلفة كانت عونا للأسد على الثورة بغبائها، وربما عمالتها.

العمل على قيادة ثورية شاق وطويل، إذا ما لاقت الفكرة رواجا بين المتظاهرين، ورغم ذلك يجب إنجازها بأسرع وقت ممكن، إذ من غير المستبعد أن يتراجع الإقبال على المظاهرات إذا لم تحمل جديدا للثورة التي تتجدد.

اقتراح للدراسة والنقاش، قد تكون له سلبيات، لكن سورية والثورة والحرية من وراء القصد.

*من كتاب "زمان الوصل"
(112)    هل أعجبتك المقالة (142)

محتار بن حيران

2018-09-22

من تقصد بالعالم القذر ياأستاذ؟ وهل ساعد السوريون أحداً في الحصول على الحرية في يوم من الأيام؟ أم تعتقد أن الثورة الفرنسية انتصرت بسبب إنسانية الشعب السوري الذي هب لنجدة فرنسا؟.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي