أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بالروح بالدم نفديك يا مندس.. حسين الزعبي*

من مظاهرات البصرة - جيتي

تفرز لنا أحداث البصرة وهوامشها المزيد من عجائب السياسة العربية، وأقول عربية، مجازا، على اعتبار أن ما يصدر ‏من ‏العراق سياسياً عبارة عن خلطة عجيبة تدخل في مكوناتها عناصر عربية وكردية، لكن نكهة البهار الإيراني طاغية ‏‏حتى على مياه الشرب في مدينة البصرة التي كانت معسكرا لنبوخذ نصر قبل أن تصبح في عصور لاحقة منارة للثقافة ‏‏والأدب حتى باتت المرجع الأول في اللغة العربية وكانت تناظر الكوفة في المذاهب العربية، وقال بعضهم حيثما وجد ‏اختلاف بين البصريين والكوفيين، فمذهب ‏البصريين أصح من جهة اللفظ ومذهب الكوفيين أصح من جهة المعنى.‏

على هامش ما يحدث في البصرة، من ربيع يبدو أن خريف أصحاب العمائم، ومشايخ "دفتر الدولارات" ستسحقه، ‏وضمن سياسة البحث عن "السفاسف" لإشغال الرأي العام بها، سحب العراق سفيره من الجزائر على خلفية هتافات ‏أطلقها جمهور ناد جزائري خلال مباراة كرة قدم مع ناد عراقي ذكر فيها اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ‏‏"بالدم بالروح نفديك يا صدام"، وهو الهتاف نفسه الذي أطلقه المتظاهرون في البصرة مؤخرا، إلا أن ردود فعل الحكومة ‏العراقية كانت متباينة، فالمياه في المدينة مازالت غير صالحة للشرب بسبب الملوحة وربما اختلاطها بمياه الصرف ‏الصحي بسبب سوء البنى التحتية، أما هتاف الجمهور الجزائري فكان كفيلا بأن يحرك الدبلوماسية العراقية بسرعة ربما ‏فاقت سرعة الصواريخ التي أطلقت من إيران باتجاه العراق من دون أن تنبس حكومة العبادي ولا وزير خارجيتها ‏ابراهيم الجعفري ببنت شفة.‏

الخارجية العراقية طالبت الجزائر بالاعتذار ووصفت الهتافات بـ "الطائفية"، وشخصيا لا أعرف أين تكمن الطائفية ‏بالهتاف، إلا إذا كان صدام قد شارك في معركتي صفين والجمل، الأمر لا يبدو مستغربا من الوزير الجعفري فهو حتى ‏عام مضى كان يعتقد أن نهري دجلة والفرات ينبعان من إيران، هكذا صرح وبكل حصافة، لكن العجيب أن تعتذر ‏الجزائر، وما أدرانا ربما تقوم أجهزة الأمن الجزائرية باعتقال الجمهور بعدما الانتهاء من الانتخابات الرئاسية المقبلة ‏والمرشح لها بقوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.‏

من مفارقات البصرة -بعد خرابها- أن يطالب رئيس عشائر "بني مالك" ضرغام المالكي، ويفترض أنه بشكل أو بآخر ‏يمثل الحراك الشعبي في البصرة، أن يطالب الحكومة العراقية بالاعتذار، ليس لأنها قتلت وجرحت العشرات من أبناء ‏مدينته، وليس لأنها مسؤولة عن خلط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، بل لأنها وصفت المتظاهرين بـ"المندسين" ‏مهددا بالحرب على حكومة بغداد بل وبانفصال إقليم البصرة إذا لم تعتذر.‏

ربما لا يعلم شيخ "الدفتر" أن مصطلح "المندسين" أطلقه نظام الأسد على نخبة الشباب السوري الذي قاد أعظم الثورات ‏خلال أيامها الأولى، وإن كان لا يعلم وقد استعار شبابه مصطلح التنسيقيات من الثورة السورية فتلك المصيبة، وإن كان ‏يعلم، فليعلم أيضا أن هذا اللقب شرف لا يستحقه.

*من كتاب "زمان الوصل"
(189)    هل أعجبتك المقالة (196)

محتار بن حيران

2018-09-11

يقول الكاتب: الثورة السورية أعظم الثورات ثورات العرب اعظم الثورات مثل حروب حكامهم ضد اسرائيل كانت اعظم الحروب ماذا عن النتائج؟ أليس للنتائج أي اعتبار لتقييم الأمور؟.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي