أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الفارق الكبير في المواقف من السياسة الخارجية بين ترامب وإدارته

دونالد ترامب

لا تبدو السياسة الخارجية الاميركية واضحة المعالم في الكثير من الأحيان، ولم يعد من الصعب ملاحظة التعارض بين مواقف الرئيس دونالد ترامب المعروف بتهوره بالنسبة الى الكثير من الملفات، وبين قسم من إدارته الذي يعمل على إبراز مواقف أكثر إعتدالا وتوازنا.

ومثل هذا الامر أحدى النقاط المهمة في المقال المتفجر الذي نشره مسؤول كبير في الادارة الاميركية لم تكشف هويته، والذي أكد لصحيفة نيويورك تايمز أنه احد عناصر "مقاومة صامتة"، تعمل من الداخل للتصدي لنهج ترامب "البائس والمتهور".

واضاف المسؤول الكبير "لنأخذ السياسة الخارجية" مثلا، "فالرئيس ترامب يبدي تفضيله للمستبدين والطغاة على غرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، ولا يبدي سوى نذر يسير من التقدير الصادق للعلاقات التي تجمعنا ببلدان حليفة تقاسمنا قيمنا".

وقال ايضا هذا المسؤول "يسير باقي الادارة في اتجاه آخر يقوم على ان دولا مثل روسيا يشار اليها بأصابع الاتهام بسبب تدخلاتها وتعاقب بالتالي، اما الحلفاء عبر العالم فيعاملون كمتساوين ولا يتم ازدراؤهم وكأنهم خصوم".

وكان سبق لكثير من المراقبين ان اشاروا الى الفارق الكبير بين التصريحات الرئاسية والاجراءات التي تتخذها الحكومة الاميركية، وذلك بشأن العلاقات الاميركية الروسية خصوصا بعد قمة بوتين وترامب في تموز/يوليو في هلسنكي التي تعرض اثرها ترامب للهجوم حتى من داخل المعسكر الرئاسي لابدائه موقفا متصالحا جدا مع نظيره الروسي.

-دبلوماسية بسرعتين-

واضطر ترامب الذي وجد نفسه تحت ضغط الكونغرس المناهض بشدة لروسيا، الى تعديل موقفه، في حين اتخذت ادارته بعد أسابيع من اللقاء ببوتين اجراءات قاسية جدا ضد موسكو. وباتت الولايات المتحدة بذلك أول من يقر عقوبات اقتصادية على روسيا ردا على تسميم جاسوس روسي سابق في انكلترا، رغم انف ترامب، وحتى قبل الاتحاد الاوروبي، حسب ما أكد صاحب المقال.

وتابع صاحب المقال "ترامب يريد ان يكون صديقا لبوتين، لكن الادارة في الوقت نفسه تواصل عملها بشكل منهجي وتوصلت الى محصلة مفادها أن الروس مسؤولون عن التسميم، وبالتالي اتخذت عقوبات طبقا للقانون". وأكد أن العواصم الاجنبية تولي اهمية اكبر لهذه الافعال منها للتصريحات الرئاسية.

وفي ملف كوريا الشمالية يبدو ان هناك دبلوماسية بسرعتين قائمة منذ قمة حزيران/يونيو 2018 بين ترامب وجونغ اون.

وبعد ان تحدث مع العديد من المسؤولين قال دانييل شنايدر من جامعة كاليفورنيا بستانفورد، إن الادارة الاميركية تعمل على "منع دونالد ترامب من الالتقاء مجددا بكيم جونغ اون" خشية ان يضاعف التنازلات دون مقابل مجز، كما فعل في سنغافورة.

ويرى خبراء ان الزعيم الكوري الشمالي يستفيد تماما من هذه الازدواجية.

وقال بروس كلينغر من هيريتايج فاونديشن (مركز تحليل محافظ) "ان النظام (الكوري الشمالي) قال بوضوح إنه يفضل ان يتفاوض فقط مع الرئيس ترامب" الذي اشاد به كيم جونغ اون "شخصيا"، مع الحرص على ابقاء وزير الخارجية مايك بومبيو على الهامش.

وتكرر السيناريو الخميس حيث جدد كيم جونغ اون "ثقته في ترامب" الذي رد بشكره على الفور قائلا "سننجح معا".

-تصميم-

والامر ذاته بشأن سوريا. فحين اعلن الرئيس في نيسان/ابريل نيته اخراج قواته من سوريا، كان مستشاروه المدنيون والعسكريون يفسرون على بعد مئات الامتار منه، لماذا يجب البقاء في سوريا.

والنتيجة كانت تسوية تثبت الوضع القائم دون جرح مشاعر الرئيس. وخلص الموقف الى أن الانسحاب يبقى "هدفا" لكن دون تحديد جدول زمني طالما هناك جهاديون تجب محاربتهم في سوريا.

وفي ملفات اخرى مثل الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، تغلب تصميم ترامب على المعارضة داخل الادارة.

وتمكن وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون، الذي كان يصفه بعض البرلمانيين بانه يشكل مع وزير الدفاع جيم ماتيس سدا بوجه الفوضى، في مرحلة اولى من ثني ترامب عن الانسحاب من الاتفاق النووي.

وتمكن مساعده الاساسي براين هوك، بحسب دبلوماسيين، من التوصل الى تسوية مع الحلفاء الاوروبيين لتشديد نص الاتفاق دون التخلي عنه بالكامل.

لكن بلا جدوى حيث تمت اقالة تيلرسون في آذار/مارس وبعد شهرين انسحب ترامب من الاتفاق.

(أ ف ب)
(103)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي