خلال شهر شباط من العام 2011، أي بعد بدء الربيع العربي بنحو شهرين، وقبل بدء الثورة السورية بشهر أجرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية حوارا مطولا مع بشار الأسد تركز في معظمه حول ثورات الربيع العربي التي أطاحت حتى ذلك التاريخ بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، وكان القذافي على وشك السقوط.
أحد الأسئلة التي طرحت على الأسد، في ذلك الحوار الشهير، كان عن احتمال انتقال الثورة إلى سوريا.. بشار الأسد وبلغة الواثق أجاب بأن سوريا ليست كمصر وتونس مستبعدا اندلاع الثورة.
تلك الإجابة قد تكون منطقية من الناحية الدبلوماسية على الأقل، إذ لا يمكن تصور أن يكون الجواب على سبيل المثال "نعم قد يحدث ذلك"، أما ما هو أدهى أن يقول رئيس عن شعبه، وفي تلك الأيام، أنه غير مُهيّأ للديمقراطية.
إجابة الأسد لا تختلف كثيرا عما قاله المعارض السوري المعروف ميشيل كيلو بعد قرابة عامين من الثورة، وذلك عندما سأله مجموعة من الشباب من أبناء الثورة، لماذا لا تسعون لاستيعاب وتأطير الكتلة الأكبر من الشباب السوري اللاجئ في دول الجوار ضمن تيارات وتشكيلات سياسية؟ وحينها لم تكن قد بدأت موجات اللجوء إلى أوروبا؟ كيلو أجاب بأن "شعبنا غير مهيأ لفكرة الأحزاب".
خطر المثالان لذهني وأنا أقرأ حوارا صحفيا مع "رياض الترك"، أحد أبرز الشخصيات المعارضة، وقد أمضى سنين طويلة من حياته في معتقلات النظام.
الترك، وفي إجابته على سؤال حول رؤيته لدعوة فداء الحوراني الرئيسة السابقة للمجلس الوطني لإعلان دمشق "لتشكيل نوع من هيكلية أو مؤتمر وطني في الخارج يحدد أولويات العمل الوطني ويسمح بخلق عملية فرز داخل صفوف المعارضة، حول استقلالية القرار الوطني السوري".
ما أثار استغرابي هو الجملة الاولى في جواب المعارض المخضرم، وكانت "لم تتبلور لديّ بعد أجوبة مرضية عليه" يقصد فكرة "المؤتمر الوطني".
مبعث الاستغراب هو ألا يكون لدى شخصية مثل رياض الترك التصور الجاهز لمثل هذا الأمر، هذا إن لم يكن على من ينتمون لأحزاب وتيارات سياسية لها تجربة "تاريخية" ليست بالقليلة، واجب المبادرة وليس فقط مجرد تلقي الطروحات، وكأن لدى السوريين فائضا من الوقت للتعاطي ببرود مع ملفاتهم، بينما تنشغل عواصم القرار العالمي بالآلية التي ستسفك بها الدماء في إدلب.
*حسين الزعبي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية