أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا لو؟! .. حسين الزعبي*

الرقة - جيتي

ربما من أكثر التساؤلات حضورا في الذهن ونحن نعبر إلى خريف العام الثامن من الثورة، محملين بحالة، إن أردنا تجميلها قلنا عنها يأس، ولكنها في الحقيقة وعلى بشاعة اليأس ربما تكون أكثر إيلاماً ووجعاً.

ونحن نعبر إلى خريف الثورة محملين بانكسارات الأرض التي عشناها في الغوطة ودرعا، واليوم نعيش هواجس القادم لإدلب، يرافقنا تساؤل هو أيضا في حقيقته مؤشر لحالة عجز، تساؤل "ماذا لو؟".

ماذا لو أن السوريين تمكنوا من إنجاز ثورتهم قبل أن تغزو بياضها الآفات السوداء والصفراء، ألم يكن شكل المنطقة بكاملها قد أخذ شكلا آخر أسس لنهضة مشرقية كاملة؟! 

ماذا لو أن أصحاب القرار في دول الخليج العربي وقفوا خلف الثورة لتصل إلى منتهاها، ولم يتوقفوا في دعمها عند هاجس إبعاد نسائمها ولهيب نيراها عن مجتمعاتهم خشية العدوى، هل كان لإيران أن تحول بلاد الشام ومعها العراق لورقة مساومة تلقي بها مرة على الطاولة الأمريكية ومرة على الطاولة الروسية، بينما على الأرض أصبحت ميليشياتها جزءا من يوميات السوريين يزداد حضورها أحيانا ويتقلص أحيانا، بينما ما زال كتاب "البترودولار" يشتمون ربيعا عربيا كان له أن يضع الدول، التي باتت في أحسن حالاتها دولا فاشلة، في مصاف الدول الناهضة كنمور آسيا وربما البرازيل.

ماذا لو أن السوريين، ولن أشطح في الخيال وأقول كل السوريين، ماذا لو أن معظمهم وقف إلى جانب الحق، كمفهوم مجرد، عندما كانت الحالة السورية واقعة ضمن معادلة من الدرجة الأولى طرفيها، مظاهرات سلمية وهتافات تدعو لمستقبل أفضل قابلها النظام بالبارود والنار رغم أن لديه من الوسائل الأخرى الكفيلة بأن تحافظ على بنية سورية كدولة وربما بنيته نفسها كنظام مع تعديلات تأخذ "شكلا إصلاحيا".

ماذا لو أن السوريين لم ينكفئوا إلى خنادق الطائفية والقومية، ماذا لو أن الكثير منهم تخلى عن مخاوفه غير المبررة أصلا، وكان جزءا من ثورة، وإن انحرفت فيما بعد عن مساراتها الأولى، إلا أنها كانت من الوضوح بمكان أن كل من تخلى عنها وصمت على قتلها حرصا على مكتسبات اقتصادية هو منا دون يحمل وزرا أخلاقياً وتاريخيا عن مليون قتيل وثمانية ملايين مشرد بكل ما يلحقها من تبعات وأوجاع قد لا تنتهي إلا بموت كل واحد منهم.

سلسلة مفتوحة من التخيلات تحضرها الإجابة على تساؤل "ماذا لو" لا تأتي في سياق نكء الجراح، فهذه مازالت نازفة، ولكن ربما على من يريد الاستمرار في العمل السياسي المعني بالثورة ومستقبل سوريا أن يجيب عليها في مخيلته، وهي كثيرة لا تكفيها عشرات المقالات، إن أراد عدم الوقوع في الحفرة نفسها.

*من كتاب "زمان الوصل"
(173)    هل أعجبتك المقالة (192)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي