مع إنتهاء العطلة الصيفية وإستئناف النشاط السياسي المتوقع الاربعاء في فرنسا، يستعد الرئيس إيمانويل ماكرون لإطلاق الدفعة الثانية من برنامجه الإصلاحي الطموح، وللعمل على تحسين صورته التي تأثرت بقضية بينالا.
وأمضى ماكرون اجازة استغرقت أسبوعين بعيدا عن الاضواء مع زوجته بريجيت في قلعة بريغانسون جنوب شرق فرنسا. إلا انه لم يحرم نفسه من الظهور أحيانا داخل إحدى القرى والبلدات لتحية سكانها، وبدا مرتاحا وقد اكتسب اسمرارا من شمس الجنوب.
كما أجرى ماكرون خلال هذه الفترة إتصالات هاتفية مع عدد من القادة الأجانب مثل دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، كما استقبل في هذه القلعة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي.
وبعيدا عن السياسة الخارجية، من المرجح أن تكون القضايا الداخلية هي تثير قلق ماكرون، الذي اهتزت صورته بداية الصيف إثر تعرضه لأخطر أزمة سياسية منذ وصوله الى السلطة في أيار/مايو 2017.
ففي تموز/يوليو الماضي احتلت قضية بينالا الساحة السياسية طيلة أسابيع عدة وأفسحت المجال أمام معارضيه من اليسار واليمين لشن أقسى الهجمات عليه. وتحمل هذه القضية اسم معاونه السابق الكسندر بينالا المتهم بارتكاب أعمال عنف خلال تظاهرة، والتي جاءت لتعزز إتهامات مناوئيه له بأنه متعجرف وبعيد عن إهتمامات المواطنين العاديين.
وأفاد إستطلاع لمؤسسة "يوغوف" أنجز في مطلع آب/اغسطس أن الآراء الإيجابية على حكم ماكرون سجلت 27% وهي أدنى نسبة منذ وصوله الى السلطة.
تعليقا على هذه التطورات ترى كلوي موران من مؤسسة جان جوريس لوكالة فرانس برس "أن هذا الفاصل جعل الرأي العام أكثر إستقطابا. الذين كانوا أصلا مستائين من عمله تشددوا ضده أكثر فأكثر، في حين أن داعميه واصلوا تأييده. وهذا يعزز من صورته كمتسلط، إلا أن التطورات تبقى رهنا بطريقة إدارته لمرحلة عودة الحياة السياسية بعد إنتهاء العطلة الصيفية".
والتحديات التي تنتظره على مكتبه في قصر الاليزيه عديدة. أولها الملف الاقتصادي مع تراجع نسبة النمو المتوقعة للعام 2018 من 2% الى 1،8%، في حين أن نسبة البطالة التي سجلت ارتفاعا مطلع السنة انخفضت بنسبة قليلة خلال الفصل الثاني، الى 9،1% بعد ان كانت كانت 8،9% نهاية العام 2017.
-التصميم والروح القتالية-
وتضيف موران "إن في أساس وعوده تطوير فرنسا ودفعها الى الامام واعادة اطلاق الاقتصاد. إن هذا الوعد هو الذي أتاح له إقناع المترددين بالموافقة على اصلاحاته الصعبة. لا أرى كيف يستطيع ان يواصل الطلب من الناس مزيدا من الصبر اذا كان غير قادر على تحقيق نتائج على مستوى النمو والتوظيف".
وتمكن ماكرون من الفوز في اختبارين دخلهما ضد النقابات. لدى إقرار قانون العمل في تشرين الاول/اكتوبر الماضي، ولدى اندلاع قضية السكك الحديد أواخر الربيع الماضي، رغم تسجيل إضراب اعتبر تاريخيا في فترة استمراره.
ويتوقع المحللون مواجهات جديدة وقاسية، خاصة مع سعي ماكرون لإقرار نظام التقاعد عام 2019 وهو الملف الشديد السخونة الذي دفع في السابق ملايين الاشخاص الى النزول الى الشارع.
كما أن سعي ماكرون لخفض عدد الموظفين لن يمر بهدوء، وهو الذي وعد بالغاء 120 الف وظيفة عامة خلال ولايته الرئاسية البالغة خمس سنوات.
ومن الملفات الاخرى التي تنتظر البت بها، الاصلاح الدستوري، وقانون الميثاق حول الشركات، و"استراتيجية الفقر"، وإعادة التفاوض حول ضمان البطالة، وإصلاح النظام الصحي ... الخ.
كما أن العمل على الموازنة لن يكون سهلا خلال العام 2019، بعد أن حددت الحكومة هدفا طموحا لها يقضي بضغط العجز، في حين أن على الدول تمويل إجراءات مكلفة مثل الالغاء الجزئي لضربية السكن.
وبمواجهة هذه التحديات لا يتردد ماكرون في تأكيد تصميمه على المضي تماما في اصلاحاته. وهو استغل لقاء مع المصطافين الجمعة للتأكيد بأنه "سيحافظ على نفس روحية التصميم والقتال". وأضاف "لا تظنوا بأنني سأتراجع عن أي شيء، ولا تعتقدوا لوهلة أنني انوي الابطاء" في وتيرة الاصلاحات.
(أ ف ب)
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية