أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أيفعلها رجب طيب أردوغان؟!*

الكاتب: هل نشهد، بواقع استمرار التصعيد، تحالفاً دولياً يفوق واشنطن قوة

أكسبت خبرة حزب العدالة والتنمية الهروب من المطبات، وربما تحويلها لمكاسب، منذ محاولات "الكيان الموازي" الأولى الهيمنة على قرار "الموردين" مروراً بترضية روسيا بعد صفعة إسقاط الطائرة في تشرين الثاني نوفمبر/2015 وصولاً للنجاة بتموز يوليو/2016 من انقلاب اشتركت بتحضيره وتنفيذه دول وأجهزة أمن، أكسبت تلك الأحداث وسواها، الحزب الحاكم، ورئيسه رجب طيب أردوغان، من الخبرة والمنعة، ما أوصلهم إلى ما قبل الغرور، ربما بقرار.

وزادت مؤشرات الاقتصاد والتفاف الشعب، بمن فيه المعارضة، من جرأة تركيا، حتى القول "لا" للولايات المتحدة، وهي عليمة، أن واشنطن إن عطست، سيصاب العالم جميعه بالزكام، ما دفع كثير من المراقبين، للقول إن تركيا بدأت بحفر قبرها وستشهد تراجعاً لجميع إنجازاتها، بل وسيبدو التحضير لاحتفال مئوية تأسيس الجمهورية ودخول تركيا نادي العشرة الكبار، أشبه بحلم لا يُطال.

في حين، قلة قليلة أيدت التصرف التركي، ربما لأن الوقوف بوجه الطغاة عموماً، بات من منسيات الشعوب، بواقع صناعة قادة، أشبه بالسوائل، يأخذون شكل الإناء الذي يوضعون فيه ويقولون نعم ويمدون واشنطن بكل ما تريد، ليبقوا على عروشهم المتوارثة...وإن ذهب التاريخ والشعب والجغرافيا، إلى الجحيم.

لم تعد أسباب الخلافات التركية الأمريكية، بخافية على متابع، بعد تكاثر المحللين والمنظرين، وتصدر الحدث الإعلام العالمي منذ عشرة أيام، فما يقال عن الإفراج عن القس "أندرو برانسون" هو ذريعة يريد خلالها دونالد ترامب، كسب رضى "الإنجيليين" قبل انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، في حين كشفت زيارة الوفد التركي لواشنطن، عن أسباب تتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز والعلاقات مع روسيا، بل وحتى حسن التعامل مع إسرائيل.

وجاءت الخلافات بما جاءت به، أزمة نقدية هوت بالليرة التركية إلى ما دون 7 ليرات للدولار، مدعومة بأعذار غير منطقية، خاصة ما تم الترويج له من حجم الدين التركي، إذ وببساطة ودونما إسهاب، لا يزيد حجم الدين التركي قياساً للناتج المحلي الإجمالي، عن 52%، وهو الأدنى أوروبيا ولا يرقى لنصف حجم الدين -نسبة- الياباني أو حتى الأمريكي.

وتتالت الهجمة عبر طرائق عدة، سواء ببيع السندات وخروج المحافظ المالية من الأسواق المالية إلى الأسواق النقدية وتخويف الأموال الساخنة ومن ثم تخفيض تركيا الائتماني، حتى صارت الليرة داخل حصار، قد لا ينقذها منه الاستثمار القطري ولا حتى الحملات الشعبية.
بيد أن تركيا، وهذا مربط فرسنا، لم تنحنِ أمام تلك العواصف، المرشحة للزيادة، بواقع تصميم ترامب على مطالبه والوعيد بمزيد من العقوبات والضغط.

فماذا يعني ذلك وفق قراءة سريعة مرهونة بما يتوفر من معلومات وما رشح من تسريبات.

رقم واحد، قد تلجأ تركيا للدبلوماسية، بواقع اختبارها حلفائها خلال أزمتي إسقاط الطائرة والانقلاب الفاشل، فتمسك العصا من المنتصف، فتفرج عن برانسون بعد طلب الترحم الثاني الذي رفضته أمس.

بيد أن السؤال هنا، ولطالما تكشّفت الأسباب الحقيقية الأبعد من القس، هل يمكن لتركيا أن تدخل بباب التنازلات، وتنفض عن روسيا وتعود لحضن الناتو، بعد بلوغ حجم التبادل مع موسكو 35 مليار دولار، والبناء لمشروعات بمئات المليارات، من بينها مشروع السيل ومفاعلين نوويين.

الأرجح، لن تفعل تركيا، وخاصة إن تشنج ترامب واستمر بتغريداته وعربدته، ليربي العالم بتركيا، ويكسر تحالف بدأت تلوح ملامحه بالأفق، يجمع بشكله المصغّر، إيران وروسيا إلى جانب تركيا، وبحالته الموسعة، يضم الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا، وربما الصين، بعد أن تقدمت تركيا بطلب الانضمام إلى مجموعة "بريكس".

ليأتي الاحتمال الثاني المنطلق من تمسك تركيا بحقوقها ومصالح شعبها، بعد أن ردت، ولم تزل، على واشنطن بالمثل، فما إن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزيري العدل والداخلية، حتى ردت أنقرة بالمثل، وما إن صعدت واشنطن ورفعت الرسوم على الصلب والألمنيوم، حتى فرضت تركيا رسوماً على 22 سلعة مستوردة من الولايات المتحدة.

هذا إن لم نأت ولو مروراً، على التأييد الذي لاقته تركيا، حتى من بعض الدول الأوروبية، وبمقدمتها فرنسا وألمانيا، لتكون مبررات الصمود وربما المواجهة، مبررة أمام تركيا التي تسعى للبناء على قواعد صلبة وعلاقات ندية.

بمعنى بسيط، هل نشهد، بواقع استمرار التصعيد، تحالفاً دولياً يفوق واشنطن قوة، عسكرية كانت أم اقتصادية، فتتغير ملامح العالم بأسره، أم تقف واشنطن بوجه ذاك التحالف، ولو اضطرت لاستخدام القوة.

بمجمل الأحوال، فعلها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وكسب حتى الآن جولة، قد لا يراها أو يستخف بها من لم تعد الكرامة تعني شيئاً بقواميسهم، وربما يكسب أكثر، إن استمر بالتوازن وكسب الأنصار، فيكسر أحادية القطبية ويدخل تركيا، حتى قبل 2023 نادي الكبار.

ليبقى احتمال الخسارة قائماً، إن عرفت واشنطن كيف تستميل حلفاء أنقرة وتسخّر المال الخليجي لإنهاك الاقتصاد والليرة، أو تقدم على فعل غير محسوب، يقلب طاولة المنطق والمتوقع وتدخل العالم بنيران وحروب.

*عدنان عبدالرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
(186)    هل أعجبتك المقالة (175)

عبدالحكيم احمد

2018-08-19

انه جنون العظمه ترامب ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي