أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حملة سورية للترويج بإفلاس المصارف اللبنانية والتهديد بسحب الإيداعات

تقدرها مصادر رسمية بدمشق بنحو 25 مليار دولار - أرشيف

لم يهدئ إعلان "موديز" من حمى التخوف من إفلاس المصارف اللبنانية ضمن قطاعي الأعمال والحكومي في سوريا، بل استمر "البحث" عن طرائق لسحب الأموال السورية المودعة بالمصارف اللبنانية، والتي تقدرها مصادر رسمية بدمشق بنحو 25 مليار دولار.

فما توقعته وكالة "موديز" أخيرا حول استقرار النظام المصرفي واستمرار تدفق الودائع، لم يمنح الطمأنة الكافية للسوريين، وخاصة أن الوكالة وضمن تقريرها، أشارت إلى "التطورات السياسية السلبية المحتملة التي تؤثر على وتيرة الإصلاح الاقتصادي وثقة المودعين تمثل التهديد الرئيسي لتوقعات النظام المصرفي".

وتؤكد مصادر مطلعة من العاصمة السورية، أن حكومة بشار الأسد، تبحث ومنذ ثلاثة أيام، باستصدار قرارات مصرفية "قوية واستثنائية ولازمة" للمساعدة بجذب واسترجاع الأموال السورية بالخارج، وخاصة بلبنان الذي يلاحقه شبح الإفلاس. 

وتشير المصادر الخاصة من دمشق، إلى أن "حكومة الأسد أوعزت لوسائل إعلامية مقربة ومدعومة من النظام، لتكثيف طرح قضية إفلاس المصارف اللبنانية، بل واتهام ما وصفتهم جهابذة المصارف اللبنانية بالمراوغة والقفز فوق حقيقة الإفلاس التي اعترفت بها أركان الدولة اللبنانية الرئيسية"، كما نشرت وسائل إعلامية بدمشق حرفياً.

واتهم الإعلام المقرب من الأسد بدمشق، المصارف اللبنانية بأنها تعتمد على الودائع العربية وقد "بدأت تتحسس خائفة من احتمال تحرك سوريا لاستيعاب أموال اقتصادها ومواطنيها المودعة في لبنان" وأن ما تروجه المصارف اللبنانية، بأنها لم تفلس خلال الحرب الأهلية، فكيف تفلس اليوم، هي فكرة دفاعية غير صحيحة، لأنه خلال الحرب لم تكن المصارف اللبنانية تقوم أو لم تكن مجبرة على إقراض الدولة .. حتى جاء رفيق الحريري بعد الطائف وصدر في عهده قرار ألزم البنوك اللبنانية بإقراض الدولة لتمويل احتياجاتها تحت طائلة سحب رخصها". 

*قرارت مفصلية في بنوك الأسد
كما كشفت مصادر إعلامية أنّ حكومة الأسد وفي اجتماع ضم أركان السلطة النقدية والمصارف الحكومية وفي أرفع لجنة في مجلس الوزراء وهي "لجنة السياسات" قد ناقشت التوجه والتحرك الفوري نحو صياغة قرارات مشجعة بالمطلق على عودة الودائع السورية في الخارج بالتوازي مع تطوير هيكلية المصارف الحكومية وجعل العمل المصرفي أكثر مرونة. 

ما يعني، وفق المصادر الإعلامية، أن حكومة النظام السوري قد أعطت الضوء الاخضر للمصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف للعمل على صياغة مجموعة من القرارات المفصلية والتي تحمل معها ما يكفي من المحفزات الآمنة والمضمونة لعودة الودائع السورية بالتوازي مع استمرار العمل على إعادة ترتيب المناخ الاستثماري المحمي بقانون قوي وبما يشجع على عودة الاستثمارات السورية التي هاجرت خلال الحرب لسبب أو آخر.

وضمن هذا السياق، قال حاكم مصرف سوريا المركزي دريد درغام "نحن مقبلون على اتخاذ خطوات في غاية الأهمية ستمكن المركزي من امتلاك الأدوات التي تخدم السياسة النقدية والتي من شأنها وضوح التشخيص للفترة القادمة في سوريا". 

وفي حين يتهم رجال أعمال من دمشق، المصارف اللبنانية بأنها تعمل جابيا للدولة اللبنانية تقوم بجمع المال من المودعين وتسليمها للبنك المركزي لتأخذ سندات وتكسب فرق الفائدة.

*أصابع الأسد تعبث
يؤكد رجل أعمال سوري من بيروت لـ"زمان الوصل" أن ثمة أسبابا سياسية وراء الحملة التي تقوم بها حكومة بشار الأسد على المصارف اللبنانية.

وأشار رجل الأعمال الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى الخلاف ضمن تركيبة الحكومة اللبنانية نفسها، وأن النظام السوري يحاول الضغط على رئيس الحكومة عبر الاقتصاد والتهديد بسحب الأموال، ربما ليتم توافق بما يرضي النظام وحلفاءه في لبنان.

ويؤكد رجل الأعمال السوري، أن لبنان يعيش "ضائقة وتردي خدمات" لكنها ليست للحد الذي بدأنا نقرأه ونسمعه عن إعلام نظام بشار الأسد، لافتاً إلى أن "هناك مبالغة كبيرة بتقدير حجم الأموال السورية المودعة بالمصارف اللبنانية، وأتوقع أنها لا تزيد عن 10 مليار دولار".

وفرق المتحدث بين الأموال السورية المودعة بالمصارف اللبنانية منذ قبل الثورة، والأموال التي هربت بعد الحرب"، حتى وإن أراد بعض المودعين سحب الأموال، فعلى الأرجح لن يعودوا لدمشق بواقع التخبط واستمرار الحرب ومزاجية القرارات التي تصدر على حسب الأهواء والمنافع".

وقال رجل الأعمال السوري خلال اتصال مع "زمان الوصل": ربما أهم المودعين السوريين بالمصارف اللبنانية يحملون اليوم جنسية لبنانية، كما أن معظمهم استثمر ويعمل ضمن لبنان أو عبره "وهذا مالم يأخذه النظام السوري بالحسبان".

وشهد قطاع الأعمال السوري، بعد عام 2011 هجرة وهروبا من ويلات حرب نظام بشار الأسد التي أعلنها على الثورة، واستوطن قسم كبير من الصناعيين والتجار "مؤقتاً" بلبنان، ظناً منهم حينذاك، بأن الحرب مؤقتة، كما هاجر آخرون إلى مصر والأردن وتركيا، وحتى البلاد الأوروبية.

*لعبة كبيرة وخطيرة
ويقول الأكاديمي السوري "عبد الناصر الجاسم" إن ما بدأ بدمشق وبقالب حكومي ورسمي هو "لعبة كبيرة وخطرة" هدفها دعم مواقف حزب الله و"مافياته المصرفية"، إذ ليس من السهولة عودة الأموال، التي رآها "الجاسم" أكثر من 25 مليار دولار إذا احتسبنا الأموال المودعة بلبنان قبل عام 2003، ووجود قطاع مصرفي خاص بسوريا "وقت كانت القوانين السورية تلاحق وتسجن من يمتلك دولارات". 

ويلفت "الجاسم" إلى أن العديد من التجار السوريين، يودعون أموالهم بلبنان لسهولة ومرونة العمل المصرفي هناك، وخاصة بتمويل التجارة رغم أن سعر الفائدة المصرفية بلبنان لا تصل 4 % وهي أقل من نصف سعر الفائدة المصرفية بسوريا.

ويضيف "الجاسم" بتصريح خاص لـ"زمان الوصل" قائلا "إن لم ننظر بعين السياسة للموضوع وأثره بتأخير عودة المهجرين بلبنان إلى سوريا والذي اتخذت بشأنهن لبنان قرارات، قبل أن تتراجع أمس بالتزامن مع "حملة سحب الأموال" فلا بد من النظر للقضية من أمرين.

الأول من هم أهم وأكبر المودعين الذين يهدد عبرهم نظام الأسد، هم ولا شك دائرته الذي يأمرهم بسحب أموالهم، وخاصة بعض من حصل على الجنسية اللبنانية أخيراً، أو أقام هو وأسرته بلبنان خلال الثورة.

وأما الأمر الآخر، فيخشى فعلا من إفلاس المصارف اللبنانية، أو بعضها المستهدف والذي يخدم سياسة وتوجهات حزب الله، بعد الحملة بدمشق والتي تأتي بواقع أزمة اقتصادية ومالية كبيرة يعيشها لبنان، حينذاك قد تضيع بعض الأموال أو تذهب بإتجاهات أخرى أو تنهار المصارف اللبنانية كما حدث بالعديد من الدول، إن شرق آسيا أو حتى المصارف الأوروبية خلال أزمة الفقاعة العقارية عام 2008.

ويرى اقتصاديون أن ثمة تهويلا بحجم الأموال السورية المودعة بلبنان، ويقدرون الأموال التي هاجرت بعد الثورة، بنحو 8 مليار دولار كحد أقصى، كانت مستوطنة بالمصارف بسبب منع القوانين اللبنانية للسوريين بالاستثمار، ولكن حملة التجنيس التي شهدتها لبنان أخيراً، أفرجت عن كثير من تلك الأموال، باتجاه الاستثمار والتجارة.

*لا حسابات بالدولار
ويقول مستثمر سوري من بيروت لـ"زمان الوصل" "أنا ممن هرب من جحيم الحرب إلى لبنان، ونقلت معظم أموالي وحتى بعت بعض الموجودات الثابتة والعقارات، لكني أستثمر اليوم بالإمارات وأوروبا وبعض أموالي لم تزل بالمصارف اللبنانية".

وبيّن المستثمر السوري أن المصارف اللبنانية لا تفتح للسوريين حسابات بالدولار، بل باليورو لسهولة التنقل والتحويل والهروب مما يسمى قانون مكافحة الإرهاب.

ويؤكد المتحدث أن واقع لبنان الاقتصادي والخدمي اليوم "بائس" وديون لبنان الخارجية تزيد عن 110 مليار دولار " لكن ذلك لا يعني أن المصارف ستفلس وكل ما في الأمر من الحملة السورية، سياسة تتعلق بخلافات الأطراف الداخلية وخدمة لبعضها".

ويختم المستثمر السوري لـ"زمان الوصل" قائلا "باختصار لا يوجد قرار دولي بتفجير لبنان وإفلاسه، بل على العكس، هناك مساعدات لتخفيف التوتر ومحاولات إسعافية للقطاع الحكومي والمصرفي، بعد تراجع التبني والمساعدات السعودية...وإعلان وكالة موديز"، جاء ضمن هذا السياق ليستشف أي مراقب الرأي الدولي حول لبنان".

زمان الوصل - خاص
(130)    هل أعجبتك المقالة (124)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي