أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"جبهة النصرة" مجرما وضحيّة.. عبد السلام حاج بكري*

أرشيف

يصعب إحصاء الجرائم التي ارتكبتها جبهة النصرة بمسمياتها المختلفة بحق السوريين وثورتهم، حتى باتت الجهة التي يتم اتهامها على الفور بأي جريمة ترتكب في المناطق التي تتواجد فيها، فهل حقا الجميع أبرياء وهي الجهة الوحيدة التي تتعدى على حياة الناس وأمنهم وحرياتهم؟

جرى العرف أن يُتهم بكل التعديّات من سبق له واعتدى، وهذا ما فعلته الجبهة مرارا، خذلت السوريين في المعارك مع النظام، سلّمت مناطق واسعة، قتلت، اعتقلت، ولهذا باتت الشماعة التي تُعلّق علها كل التجاوزات في المناطق المحررة، ونشط كل المجرمين الآخرين كلٌ في ميدانه لثقته بأنه بريء بنظر الناس، ما دام المجرم الكبير صاحب السوابق الخطيرة موجودا.

قولا أكيدا، كثيرون قتلوا واختطفوا وأثروا من وراء ذلك، وما يزالون يسرحون فرحين بأفعالهم، يعمدون لترك بصمات الجبهة وراءهم، ويكررون على المخطوفين أنهم من جبهة النصرة رغم عديد الإشارات التي تؤكد أنهم ليسوا كذلك.

لا شك أن سجون "هيئة تحرير الشام" الاسم المستحدث للفصيل القاعدي تزدحم بالأبرياء والثوار الذين قارعوا النظام، وهي تمارس تشبيحا وفوقية على المدنيين كنسخة مكررة عن أفعال نظام الأسد، ولكن تمتلك غالبية الفصائل سجونا لا تقل قسوة عنها وتمارس القمع ذاته، أما العيون فتشخص للجهة المرفوضة دوليا والمصنفة على خانة الإرهاب.

عصابات وقطاع طرق تنتشر في المحرر، تمارس المنكرات، حريّ بالهيئة اعتقالهم أو ضمّهم لصفوفها لأنها قد تربح من ورائهم أموالا والمزيد من الأتباع، ولا تخسر شيئا لأنها، أصلا، هي المتهمة بكل أفعالهم.

مختطف لدى جهة مجهولة، تحدث عند إطلاق سراحه مقابل فدية مالية كبيرة جدا، فأشار إلى أن خاطفيه كانوا يلقمونه يوميا عشرات المرات عبارة "نحن جبهة النصرة"، يريدونه أن يعلن أن الجبهة هي من اختطفه عند الإفراج عنه، ولو لم يفعلوا ذلك لكان أعلنها دون تردد، إلا أن إصرارهم على هذا التلقين المتشدد جعله يبحث عن حقيقة مختطفيه ووجدهم يتبعون جهة أخرى بدلالات عديدة حسب قوله.

منذ نشأته اخترقت مخابرات العالم تنظيم القاعدة وعملت على توظيف أعماله المدبّرة في خدمة بلدانها، كما سهلت له التمدد في بلدان غير مستقرة أمنيا، وأخرى يساعدها في إيجاد المبرر اللازم للتدخل فيها لتحقيق مصالحها بحجة مكافحة الإرهاب.

لم ينفع جبهة النصرة إعلانها الانفكاك عن القاعدة، واستمرت على قائمة التنظيمات الإرهابية، ورغم ذلك كانت المساعدات المباشرة وغير المباشرة تصلها من كل حدب وصوب، لأنها كما النظام لم تنته صلاحية استخدامها بعد، وإن كانت تلوح في الأفق بوادر اكتمال المهمة.

أفعال النصرة وعدم سعيها لكسب الحاضنة الشعبية، تؤكد أنه لم توجد لتستمر، وبات ارتكابها للانتهاكات نهجا تسلكه بغطاء الشريعة والدين ومقاومة النظام، وهي في الحقيقة براء من كل ذلك، فهي تعزّز من الدين ثانوياته وأطرافه الهزيلة، وتهادن النظام فتتقدم وتتراجع معه وأمامه وفقا للتسيير المخابراتي الدولي، وما كان خروجها من حلب والغوطة ودرعا إلا وفق مخطط معدٍّ مسبقا، ليؤدي إلى النتائج التي نراها اليوم.

المدنيون السوريون الذي خرجوا من نير حكمها ومن لا يزالون تحت هذا النير يدركون ذلك جيدا، كما يعرفون أنها مطية لكل الأشرار الذي يريدون من سورية مصالحهم فقط، وهم وحدهم من يدفع ضريبة وجودها وسيكونون الثمن الذي سيدفع من أجل إنهائها، مع أولئك الشباب الذين تم التغرير بهم وانضووا تحت لوائها، إن لم يبادروا سريعا للقفز من القارب الموشك على الغرق.

وعندما يتم ذلك، من هي الشماعة الجديدة التي سيعلّق العالم المجرم خرقه البالية عليها، ليستمر في إيذاء السوريين، وكيف سيعمل نظام الأسد لاستمرار قتله لهم، وما هو مصير كل الأفاقين الذين يمارسون الإجرام باسمها؟

*من كتاب "زمان الوصل"
(127)    هل أعجبتك المقالة (132)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي