أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

درس المعارضة التركية.. عبد الرزاق دياب*

أرشيف

متى نتعلم كعرب وسوريين على وجه الخصوص كيف ندير دفة قضايا المصيرية، ولا نتركها في مهب الريح رهينة لمصالح الآخرين بعد أن خسرنا، جميعاً، وطناً كان يمكن لخسائره أن تكون أقل دموية وتدميراً لولا تبعيتنا العمياء للآخرين، وتسليمنا أعناقنا للذبح؟.

لم تنجح المعارضة في إدارة مؤسساتها وصراعها ومناطقها، وفشلت بقوة في أن تكون وصية على الأرض والعباد، وحتى في الخارج حيث نهب التمويل الملوث كفاءات الشباب ومشاريعهم النقية، واستولى الانتهازيون والمارقون على كل ما يمكن أن تنتفخ به الجيوب، واعتبروا كل ما يصل إلى حساباتهم أملاكاً شخصية يديرونها بعقلية المسؤول الفاسد الذي يشتري الحاشية والموالين والأتباع، ويختارهم من بين الأكثر فساداً ولصوصية.

منذ أيام وفي ظل الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد التركي، والهجمة التي تعرضت لها الليرة التركية وتراجعها أما الدولار مما يهدد استقرار اقتصاد قوي وصاعد...في هذا الوقت راهن الكثير من المحللين على الانهيار السريع لهذا الاقتصاد وانكفائه، وعولوا على الصراع الداخلي بين أقطاب السياسة التركية، والذين سيجدونها فرصة للانقضاض على غريمهم طيب رجب أردوغان، وتحميله مسؤولية هذا التراجع، وبالتالي على الأقل تسجيل نقاط تقدم لهم على حسابه...لكن المفاجأة كانت في عكس توقعات المحللين وبعض الطامحين بأن يحصل هذا الشرخ.

في اليوم الذي شهد تراجع الليرة في حده الأقصى أعلنت المعارضة التركية عن وقوفها مع الحكومة والرئيس في هذه الأزمة الوطنية، وأن الليرة التركية هي إحدى رموز الدولة التي يجب حمايتها، وتضامنوا مع دعوة الرئيس لشعبه بالوقوف في وجه هذا التحدي القومي.

قد يقول البعض إن حال المعارضة السورية مختلف فهي واجهت نظاماً دموياً مجرماً دمر البنية التحتية بالطائرات، واستعان بعفاريت الأرض للبقاء في رأس السلطة، وهؤلاء لديهم كامل الحق في هذا القول..ولكن هذه المعارضة البائسة قيض لها في سنوات الصراع الأولى من المال والدعم ما يجعلها تكون فاعلة وداعمة للمواطنين في مناطق سيطرتها وأن لا تتركهم نهباً لتجار الأزمات وحصار النظام الخانق، ولكنها وسعت الخلافات فيما بينها، وانشطرت كل فئة في أحضان راعٍ وداعم جديد، وتوازع من هم في الائتلاف على اختلاف أهوائهم المال الدعم، وبذروه في مشاريع وهمية، وعمليات خداع، ورواتب خيالية لوزراء الحكومة وموظفيها، وإنشاء منصات إعلامية وندوات واهية ومناسبات جوفاء لغاية تغطية سرقاتهم.

في الشق السياسي ارتكبت هذه المعارضة الحماقات الجسيمة بسبب صراعاتها الداخلية، والأجسام المتوالدة من معارضات طفيلية أجهزت على بقايا الفتات المالي، وأوهنت من توحد الجسد المعارض حتى فقد كل مصداقية شعبية وعربية ودولية.

قدم الأتراك معارضة وحكومة دروساً في فهم معنى الوطن، وهذا ما فعلوه في تجربة الانقلاب التي أفشلها الشعب بكامل انتماءاته العرقية والإثنية، ورفعت شعارات تجسد فقط الوطن والشعب الواحد الراية الواحدة فيما انقسمت المعارضة السورية في شعاراتها وراياتها...إنه الدرس الوطني التركي بامتياز فهل بقي من يعتبر؟؟.

*من كتاب "زمان الوصل"
(171)    هل أعجبتك المقالة (167)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي