أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تركيا..شهادات جامعية في مهب التزوير والجناة والضحايا سوريون

ينشر في بعض الأماكن بتركيا إعلانات لبيع شهادات مزورة..!

عادت قضية تزوير الشهادات الجامعية من قبل طلاب لاجئين في الجامعات التركية لترخي بظلالها الثقيلة من جديد بعد أن فصلت جامعة "غازي عينتاب" منذ أسابيع مجموعة من الطلاب السوريين الذين تقدموا لمفاضلة البكالوريوس في اختصاصات عدة، بعد اكتشافها بأنهم تقدموا بأوراق ثبوتية مزورة.

ودأبت بعض مكاتب السمسرة في عدد من المدن التركية على إصدار شهادات مزورة، وتحول الأمر إلى مجال تكسب وارتزاق من قبل بعض ضعاف النفوس من السوريين والأتراك على حد سواء في المدن التركية وبعض المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

ورأى المدرس في جامعة "ماردين" الدكتور "عبد الناصر الجاسم" أن موضوع تزوير الشهادات الجامعية بات موضوعاً خطيراً وشائكاً وتكمن خطورته -كما يقول لـ"زمان الوصل"- في أكثر من جانب، ومنها على الفرد ذاته الذي يرتضي تزوير شهادته أو يقبل على نفسه أخذ شهادة مزورة لسبب ما قد يراه هو مناسباً ويتفق مع قيمه وأخلاقياته، وهو موضوع سيتم اكتشافه عاجلاً أم عاجلاً وسيفشل صاحب التزوير، وكذلك على صعيد الجامعة المانحة للشهادة المزورة، حيث يؤثر هذا الأمر على سمعتها سواء كان التزوير حقيقياً (قانونياً) أو حصل بواسطة الفساد. 

وتتوزع في العديد من المدن التركية وبخاصة في المناطق لشمالية (الحدودية) وفي الداخل السوري مكاتب متخصصة بالتزوير وتقليد الوثائق قدر الإمكان، ويطال التزوير الشهادات الجامعية وشهادات البكالوريا التي تبدو نسبة التزوير فيها كبيرة والجهة الأخرى التي تقوم بتزوير الشهادات -حسب الجاسم- هي مجموعة من الموظفين الفاسدين في الجامعات نفسها الخاصة والعامة على حد سواء، وهناك كذلك تزوير لشهادات الدراسات العليا كالماجستير والدكتوراه.

وكشف "الجاسم" أنه لمس وجود مجموعة من المؤسسات التي أسسها سوريون وعرب أشبه بدكاكين لبيع الكرتون تحت اسم جامعات، وهي ليست جامعات وليست مرخصة من أي جهة ولا تقدم أي مستوى من مستويات جودة التعليم، تقبل أي وثيقة ممهورة ولو بخاتم مختار حي، وبعض الناس وجدوا في هذه الجامعات -كما يقول- فرصة للحصول على شهادة مزورة، وهذا من شأنه أن يقودهم إلى أوهام جديدة بإمكانية تحسين أوضاعهم بعد الحصول عليها كالحصول على فرصة عمل مثلاً، ومنهم من ربط الموضوع بالحصول على الجنسية بعد تزوير شهادات الماجستير والدكتوراه وتقديمها للجهات الحكومية في تركيا لهذا الغرض.

وكشف "الجاسم" أنه تواصل مع الحكومة المؤقتة في عينتاب من خلال مكتب الخدمات، وعلم أنه تم ضبط أكثر من ألف شهادة بكالوريا مزورة خلال عام 2017 تم اكتشافها بوسائل بدائية بالرجوع إلى قاعدة بيانات وزارة التربية المتاحة على الانترنت، وثمة نقطة –كما يقول– وهو أن بعض الأشخاص يتواصلون مع مكاتب الوساطة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعي قدرتها على جلب الوثائق السورية من الداخل مقابل رسوم محددة، وبعض الناس وقعوا في هذا الفخ حيث تم الحصول على معلومات من الشخص كتاريخ التخرج ورقمه الجامعي وفي أي دورة الخ وبهذه الطريقة يتم تزوير الشهادة، ولكن الطامة الكبرى -بحسب محدثنا- أن التزوير طال الشهادات التي تخوّل مزاولة المهنة، كشهادات تخصص الهندسة أو التمريض وبعضها تخصصات خطيرة كشهادة اختصاص طبيب وهذا ينعكس على سوق العمل بشكل عام، والأخطر من ذلك تخصصات التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس. 

وبدوره أشار الناشط "جودت الجيران" إلى أن إعلانات بيع الشهادات المزورة المنتشرة في العديد من المدن التركية بشكل علني تدل بالدليل القاطع على أننا بحاجة لألف ثورة على أنفسنا المريضة والفاسدة قبل الثورة على النظام، والمفارقة –كما يقول الجيران- أن أصحاب مكاتب التزوير عندما يُسألون عن سبب قيام الثورة في سوريا يقولون إنها بسبب الفساد قبل أن يشرحوا بقية الأسباب وكأن التزوير والتدليس الذي يقومون به ليس تزويراً بل أنه تسبيح، حسب تعبير "الجيران".

والتقت "زمان الوصل" اللاجئ سمير–اسم مستعار- أحد أصحاب مكاتب التزوير في مدينة "غازي عينتاب" الذي أشار إلى أنه اختار هذا العمل المربح لأسباب مادية وكان عمله يقتصر على تزوير البطاقات الشخصية وإخراجات القيد وشهادات السواقة، ولكنه طوّر عمله فيما بعد وبدأ بصناعة أختام خاصة بالجامعات والوزارات السورية.

وجلب -كما يروي- طابعات ملونة حديثة لتزوير الجوازات والشهادات الجامعية والحقوقية والوكالات القانونية وغيرها من الوثائق القانونية السورية الخطيرة والتي قد تغير مصير أشخاص بشكل شبه كامل. 

وكشف "الجيران" أن أغلب مكاتب التزوير في مناطق المعارضة فكت ارتباطها بمكاتب تركيا بعد طمع أصحابها بالمردود حيث وجدوا أن مبلغ 15 ألف ليرة سورية فقط هو مبلغ كافٍ لصناعة ختم أي وزارة وبالتالي بيع أي وثيقة مختومة بهذا الختم يومياً ولذلك عليهم تقاضي مبلغ ٥٠ دولاراً فما فوق كما في بعض الشهادات الجامعية.

ولفت محدثنا نقلاً عن أصحاب مكاتب التزوير إلى أن الحكومة التركية تساهلت في بداية الثورة مع نشاطهم ظناً منها بأن هذا النشاط يقتصر فقط على إخراجات القيد وشهادات السواقة وكروت السيارات وذلك لصعوبة التواصل مع الوزارات السورية وبحجة أن أصحابها يتعيّشون من هذه المكاتب.

ولكن الحكومة التركية -حسب الجيران- أحست بالخطر من هذه المكاتب بعد أن طورت عملها وبدأت بصناعة وثائق أكثر خطورة وأهمية فبدأت بحملات مداهمة واعتقال، وكشفت عن شبكات ومافيات وطالت حتى بعض الفاسدين من الائتلاف وكانت فضيحة الجوازات المزورة قبل سنوات عديدة خير شاهد على ذلك.

وتابع أن هذا التزوير كان من أهم الأسباب التي دعت بعض الدول إلى التنسيق مع الوزارات السورية فيما يخص المستندات والثبوتيات بعد أن اكتشفت هذه الدول بأن أغلب مؤسسات المعارضة لا يمكن الوثوق بوثائقها خشية من التقليد والتزوير فرفضت الاعتراف بها لأن أغلبها فاسدة -حسب قوله- مثمناً الحملة التي قامت بها الحكومة التركية لبعض أصحاب هذه المكاتب وفصل عشرات الموظفين الوهميين الذين توظفوا بهذه الشهادات المزورة وأخذوا مكان من يستحقها من الجامعيين السوريين. 

فارس الرفاعي -زمان الوصل
(515)    هل أعجبتك المقالة (485)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي