أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إيديولوجية الدم وسوالف رفيق نصر الله*

نصر الله

نعم..يعود رفيق نصر الله إلى بيع بضاعته الرثة للسوريين، وبنفس الأدوات التي ظهر فيها لأول مرة على الشاشة، ونفس اللغة المستعارة من ثقافة التدليس والعبث بالمفردات التي صنعت فيما بعد كل المغامرات الزائفة لمحور "مقاومة إسرائيل"، والنضالات المستعارة من زمن الكفاح المسلح الفلسطيني حينما كانت البندقية مستأجرة في أدنى أسعارها.

بضاعة رفيق نصر الله الجديدة كانت مدعّمة بالأمس -على الشاشة التي احتكرها مع مجموعة المحللين الكذبَة- بمفردات النصر على الإرهاب، والدعم البوتني القيصري الأسطوري، والحذر من الخونة في البيئات المصالِحَة، والسخط على التدين السني المتوحش، وحكايات الرهان التي شهد عليها وئام وهّاب حول النصر الأكيد كما لو أنها لعبة قمار مضمونة النتائج.

كما لو أنه في مقهى بيروتي يمرر رفيق نصر الله (سوالف) الممانعة دون التفات إلى عقول السوريين التي انتفخت من كذبة (خلصت) إلى دعوته وتحريضه على العائدين إلى مناطقهم المدمرة كخيار طوعي أو حتى قسري بسبب ضغط حكومات الجوار.

الفكرة الأهم التي مررها نصر الله هي ضرورة تتويج النصر بأيديولوجية (الدم) أي أن يتم استثمار الدم السوري المسفوح في إنتاج أجيال جديدة، والانتباه إلى أولئك القادمين من تحت جناح داعش والنصرة والذين تربوا في كنفها حتى أولئك العائدين من مخيمات لبنان والذين ربما يحملون فكراً دينياً متوحشاً يجب إعادة تربيتهم، وتطويعهم وإلا كانت النتائج سلبية على النصر المؤزر.

يجب حسب نصر الله عدم الثقة بمناطق المصالحات وهي دعوة فاضحة للانتقام من أبريا سوريا تحت نفس المسمى "الإرهاب الديني"، وهنا كما يريد يجب أن نعيد تعريف المسجد وبناءه، وكأن السوريين ولدوا وهم يحملون سلاح الموت، وليسوا أبناء ثقافة وحضارة مسالمة انتهكها التطرف الدخيل سواء المقاوم والممانع أو ذاك الذي حملته صيحات الجهاد.

يروي نصر الله حكايات الاختراق بعد نصر 2006 وكل حروب المقاومة، والجواسيس التي خرجت من بقية الطوائف لتجهض نصر الوافدين الجدد لساحة لبنان الذي تحول بفضله إلى مصدّر لثورات الثأر الديني.

الروسي حاضر في سوالف صاحب نظرية (خلصت) عندما يتغزل برقصة القيصر بوتين على بقايا الإرث السوفيتي، وهو اليوم يصنع مع المقاومة والجيش السوري فلسفة جديدة في هزيمة التطرف وداعميه، وهنا ستذكر إحدى رهاناته بحضور الممانع الآخر وئام وهاب وايمانه بالنصر في سوريا وهو هنا يدفع بورقته (القص) التي كسب فيها الرهان عندما قال لمتحديه: سنتحدث بعد خمس سنوات؟.. بالزمن المناسب والايمان المطلق يراهن نصر الله وبعشرة آلاف دولار سيدفعها في حال خسر الرهان...هكذا يفكر هؤلاء بسوريا كبلد.

لا بد من ثورة على التعليم الديني ومراقبة المساجد التي تعلم التطرف وهي إحدى ثمرات ايديولوجيا الدم الجديدة، ولا مانع من نشر التطرف الذي تبثه الحسينيات وسواها فهي تدعو للتسامح مع القتيل.

إدلب ستهزم بدون حرب، وستتشظى بين الفصائل، وانسحاب أمريكي قبل راس السنة سنحتفل به في الأمويين ...وهنا لا ينسى نصر الله أن يسجل ابتسامة شماتة...وبنفس الثقة التي ردد بها عبارته الشهيرة (خلصت)...ولكن خلف كل هذه السهرة التي أطربت متابعي سوالف نصر الله ثمة ريبة وخشية من تكرار مشهد الدم الذي سال بعد تنبؤاته الشهيرة، وثمة عقلاء يدركون تماماً ما تخفيه قادمات الأيام بعد مواسم الدم.

*عبد الرزاق دياب - من كتاب "زمان الوصل"
(221)    هل أعجبتك المقالة (227)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي