هل نصر الحريري عميل..؟!*

الحريري - أرشيف

اعترف أنني لم أطق نصر الحريري ولم أحبه منذ أول مرة تعرفت عليه في العام 2012، عندما كان لازال طبيبا، وقد ألمحت كثيرا لهذا الموقف، وذلك بناء على ما بدر منه من آراء أثناء النقاشات، كانت تدل على شخص يعرف كيف يحصل على ما يريد، أو يعرف من أين تؤكل الكتف.

فيما بعد تطورت الأوضاع مع نصر الحريري وانتقل للائتلاف، وصرت أتابعه بين الفترة والأخرى، وأستمع لحديثه ومداخلاته الصحفية، وبالذات أثناء مؤتمرات جنيف، فكان يعجبني في الكثير من المواقع، وتعجبني أكثر بداهته وقدرته على إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن فكرته، وهي ميزة تفيد السياسي وتزيد من دهائه.

وبعد مؤتمر الرياض 2، وقبول نصر الحريري الابتعاد عن رفقائه في رياض1، والانفراد برئاسة الهيئة، بدأنا نشعر جميعا منذ تلك اللحظة بضعف المعارضة، وبأن هذا الانقلاب الذي حيك بليل، لم يكن لمصلحة الثورة، وما قبول نصر الحريري به، سوى لأن الأطراف الدولية درست طبيعة هذا الشخص، ووقع اختيارها عليه دون غيره، بعد أن عرفت ميوله، وحبه للسلطة والمناصب، ومن ثم فإن ذلك يسهل من عملية ثنيه، أو حتى تجاهله بالكامل، وهو ما ظهر مباشرة بعد الانتهاء من مؤتمر سوتشي.

في هذه المرحلة، كان على الشعب السوري الثائر أو المعارضة بكل أطيافها، أن تقف حائلا دون انعقاد مؤتمر رياض 2، بعد أن اتضحت توجهاته، أو أن ترفض القبول بمخرجاته، ونزع الشرعية عن كل الأسماء التي رشحت عنه والتي رضيت التفاوض ضمن شروط متدنية، لم تكن تقبل بها الهيئة السابقة.

كان واضحا، أن المجتمع الدولي يريد التخلص من الثورة السورية، من داخلها، وهو ما حصل، قبل أن يحدث أي تطور عسكري على الأرض، فروسيا انتهت أولا من المعارضة، ثم التفتت تاليا إلى الأرض، وبدأت بانتزاعها منطقة تلو الأخرى. 

كل ذلك حتى الآن، لا يبرر العنوان الذي وضعناه لهذا المقال، فلا يمكن ضمن هذه الظروف وصف أي شخص بالخيانة، إلا إذا ظهر بالوثيقة والدليل، أنه كان يخدع الثورة، وأنه كان طوال كل هذه المدة مدسوسا في أوساط المعارضة من أجل تفتيتها وتدميرها.

ولعل ذلك ما سعى إليه البعض في الآونة الأخيرة، عبر نشر محادثات لنصر الحريري مع أحد ضباط مخابرات النظام، تشير إلى عمالته.
وفي الحقيقة أنني قرأت كل تلك المحادثات، ولم أقع على ما يدل، أن هذا الشخص الذي يتحاور مع الضابط هو نصر الحريري، لأنه من السهولة بمكان اليوم، تزوير الاسم وإجراء هذه المحادثات، ويستطيع القيام بهذا الأمر أي مبتدئ في عالم الكمبيوتر والموبايل.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا قرروا الآن شن حملة على نصر الحريري واتهامه بالخيانة والعمالة...؟ ثم من هي الأطراف التي تريد تحطيمه..؟ سيما وأنه بات حاليا بلا وزن، ولم يعد بحاجة لفضيحة من هذا النوع لكي يقع.. بل الأمر أبسط من ذلك بكثير، فهو مع سقوط درعا، سقط وجميع من معه من أبناء المحافظة في هيئة التفاوض .. وأي منهم بحاجة اليوم إلى أسطول من الحماية كي يستطيع التجول في بلده، ليس خشية على حياتهم من القتل، وإنما على وجوههم من البصاق، وكما حدث مع الحريري نفسه ورئيس الائتلاف الذي لا أحد يعرف اسمه، عندما زارا مدينة الباب في حلب.

حقيقة، الأمر محزن أن ينتهي الوضع بأقطاب المعارضة، أن يصبحوا منبوذين من قاعدتهم الشعبية، أو ممن يفترض أنهم يمثلونهم. لكنهم هم من قادوا أنفسهم إلى الرذيلة، وعليهم أن يتحملوا نتائج أعمالهم.

منذ أيام، ذكرني صديق بلقاء جمعنا ونصر الحريري في العام 2012، في الأردن، وأخذ يعقد المقارنة بينه وبين شقيقه الدكتور ياسين الحريري، أو بينه وبين قريبه الدكتور الشهيد حسن الحريري.

فقلت له: المقارنة صعبة بين من فقد كامل أسرته، وظل يمارس مهنة الطب ويعالج الجرحى إلى أن فقد حياته أخيرا، وبين من غادر مهنة الطب إلى السياسة في وقت كان الداخل بأمس الحاجة إليه.

وأضفت: لولا أمثال الدكتور حسن الحريري لكنا قلنا على الدنيا السلام، وفقدنا الأمل والثقة بكل شيء .. لكن عزاءنا أن الأرض والثورة التي أنجبت هؤلاء سوف تنجب غيرهم. 

هذه الثورة يا صديقي ولادة .. وما نشهده اليوم ليس إلا جولة .. والقادم أعظم على هذا النظام.

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
(315)    هل أعجبتك المقالة (377)

ص

2019-07-18

نصر الحريري الزر من ان نفكر به فهو قد باع أقرب الناس له قبل أن يبيع عشيرته وشعبه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي