لاتزال "قوائم الموت" تتوارد إلى دوائر النفوس في المدن السورية وتفجع عائلات المعتقلين السوريين في معتقلات النظام منهيةً آخر أمل لهم في عودة أبنائهم سالمين وسط صمت دولي مريب حيال جرائم الأسد.
الأمين العام لـ"تجمع العدالة السورية" القاضي "محمد نور حميدي" الذي شغل منصب رئيس النيابة العامة في إدلب قبل انشقاقه عن سلك القضاء عزا توقيت إرسال "قوائم الموت" إلى أن محاولة روسيا وإيران "وهما الحاكمان الفعليان في سوريا اليوم" الوصول إلى حسم عسكري واحتواء كل الملفات التي خلفها النظام وطي مسؤوليته عن هذه الجرائم المستمرة إلى الآن "بالتزامن مع صمت دولي مريب".
وحمّل "حميدي" في تصريح لـ"زمان الوصل" المجتمع الدولي المسؤولية القانونية والأخلاقية، مطالباً إياها بتشكيل لجنة حيادية تقوم بمطابقة أسماء المعتقلين المتوفين بقوائم الموت التي تم إرسالها مؤخراً والتعرف على المعتقلين الذين تمت تصفيتهم والعمل على محاسبة النظام أمام المحاكم الدولية.
وتداول ناشطون في عدة مناطق سورية أنباء عن وصول قوائم بمئات المعتقلين من ضحايا الموت تحت التعذيب إلى دوائر السجل المدني (النفوس) ومخاتير القرى والأحياء، بينهم 3500 معتقل من "داريا" فقط ماتوا تحت التعذيب في السنوات الماضية وتم إسقاطهم من النفوس هذا الأسبوع.
ويدعي النظام أن هؤلاء الضحايا الذين اعتقل معظمهم في السنوات الأولى للثورة توفوا نتيجة عوارض صحية أو أمراض طارئة مثل السكتة القلبية.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن هناك أكثر من 600 ألف معتقل يُحتجز قرابة 88% منهم في الأفرع الأمنية بمدينة دمشق والسجون العسكرية ومراكز الاحتجاز السرية وغير الرسمية وتم تصفية الآلاف منهم جسدياً نتيجة التعذيب أو الجوع أو الصعق الكهربائي.
"حميدي" الذي خبر "جرائم النظام قبل توليه رئاسة النيابة العامة في إدلب عام 2012 وبقي ثلاثة أيام رئيساً لها قبل أن يعلن انشقاقه" كما يقول، أكد أن فروع الأمن في المحافظة كانت تُرسل إليه أضابير مجهزة فيها إفادات مزعومة للمعتقلين الذين تتم تصفيتهم إضافة إلى تقرير طبي من طبيب متعامل مع النظام ويتم تحويل هذه الأضابير من الفروع الأمنية إلى المحامي العام الذي يحيلها بدوره للنيابة العامة من أجل حفظ القضية، واعتبار الوفاة طبيعية.

وأضاف "للأسف لم يكن هناك من خيار أمام رئيس النيابة أو المحامي العام، إلا أن يقوم بحفظ الضبط ومحو الجريمة".
وأوضح الخبير القانوني أن النظام كان يتخوف من فتح ملف المعتقلين لما يحتويه من آلاف الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين خلال السنوات السبع الماضية، فمنذ أول صرخة لثائر بدأ النظام بحملة اعتقالات طالت آلاف السوريين مع العمل داخل المعتقلات على حرمان هؤلاء المعتقلين من كافة الحقوق التي نصّت عليها القوانين الدولية والمحلية كعدم الاعتراف بهم وإنكار وجودهم وحرمانهم من حق التواصل مع أسرهم أو توكيل محامٍ للدفاع عنهم.
وأردف "حميدي" أن هذا الملف الذي يُطرح بشكل علني الآن ليس بجديد، وإنما يعود لبداية الثمانينات بعد حملة الاعتقالات الضخمة التي قام بها النظام أثناء أحداث حماة ومعظم المناطق السورية بتهمة الانتماء لحركة الإخوان المسلمين أو تأييدها، وطالت الحملة -كما يقول حميدي- آلاف المعتقلين ممن لازال الكثير منهم مجهولي المصير إلى الآن.
وهناك -حسب قوله- الكثير من الحقوق التي ترتبت لهم وعليهم إرثاً لازالت معلقة وليس هناك وسيلة لحل هذا الموضوع كموضوع زوجات المعتقلين وأولادهم والأموال التي آلت إليهم وكلها حقوق معطلة بسبب عدم اعتراف النظام بوجود هؤلاء المعتقلين أو ما يُشعر بمصيرهم ليتم استخلاص حصر إرث لهم مثلاً أو تنظيم المعاملات التي تترتب لهم أو عليهم.
ولفت القاضي المنشق إلى أن كل من هو موجود الآن في أجهزة النظام سواء رئيس النيابة أو المحامي العام يعرفون معرفة حقيقية أن هذا المعتقل قد مات تحت التعذيب وأن الأوراق المرسلة إليهم هي عبارة عن أوراق مزورة ابتدعها النظام من أجل تغطية جرائمه.
وأوضح أن كشف ألاعيب النظام وأساليبه لا يحتاج إلا إلى إجراء بسيط من قبل المنظمات الدولية والأمم المتحدة والأشخاص الذين يهمهم الوصول إلى الحقيقة وذلك عن طريق التدقيق في قوائم الجثث التي أرسل النظام أسماء أصحابها إلى دوائر النفوس وتحليل الحمض النووي ومطابقة هذه الجثث بالأسماء، والتأكد فيما إذا كانت الوفاة طبيعية أو تمت تحت التعذيب.
فارس الرفاعي -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية