أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ردا على رسالة متأخرة.. فؤاد حميرة*

مي سكاف

لم أشأ أن أجعل منها مناسبة لفضح بعض رجال الأعمال والمتنفذين في الثورة ومؤسساتها، لأن موت "مي" أكبر، وعلي احترام ما تبقى من نفس ثوري في داخلي، وبقايا ذكريات..

هل تذكرين يا مي رحلتنا إلى قبو ذلك الطبيب الشاعر الذي عرض تقديم قبوه ليكون مسرحا لك ومختبرا لتجاربك؟؟ يومها قلت لك إني لم أحبه ولا أحب شعره ولم أحب حتى لوحاته التي رسمها بيده ونثرها في أرجاء القبو..يومها ظهر العتاب على وجهك، وأنك ترينني بعين مختلفة، أدركت ذلك وقتها ولم يكن ذلك العتاب الوحيد بيننا ولن يكون الأشد قسوة.

هل تذكرين تلك العجوز الشماء التي مرت بيننا حين وقفنا نأكل سندويش الفلافل عند مطعم دمشق القديم أنا أذكر وأذكر أنها قالت لك: (والله انت بدك شنق)، يومها ضحكتٍ يا مي ...ضحكت بعمق طفل ولكني لمحت دمعة قهر في عينيك دمعة المظلوم في أهله ولن تكون دمعتك الأخيرة ولا الأكثر مرارة وحرقة،

ويوما حين أوقفنا العسكري على الحاجز ونظر في بطاقتينا الشخصيتين ثم رماهما في وجهينا وقال: تاني مرة ...وصمت يومها قلتُ له: أخبرنا عن المرة الأولى كي لا نعيد المرة الثانية، يومها ضحكت كطفل في حضرة "توم وجيري" بعد أن تخطينا الحاجز، ولكنك صمت فجأة والتفت نحوي بعتاب قاس وحاد: "فؤاد ...أنت بتلومه لهالعسكري؟"

أنتقل بذاكرتي مع انتقالنا إلى عمان تاركين روحينا في دمشق وفي عمان كان همك تأمين أجرة البيت (الكوخ) الذي تقيمين فيه ومع ذلك قال بعضهم إنك تتقاضين عشرات آلاف الدولارات..يومها ضحكت ووضعت يدك على صدرك خشية التلعثم بالضحكة: "لك منيح فؤاد ...صيت غني ولا صيت فقر".

قفزتنا الجديدة كانت نحو باريس ...أتذكرين لقاءنا الأول هناك؟؟ أنا أذكر أن شخصا سيئا بسوء ظروفنا كان يريد الانضمام للجلسة، ولكني رفضت بشدة لأني أعرف سوء أخلاقه وتقلباته ووصوليته يومها ابتسمت لي وقلت: معليش فؤاد ...كرمى لي خليه يجي، صفحت عنه لأجلك وهو ذات الشخص الذي عاد ليطعنك في الظهر ولينشر الشائعات حولك هذا القزم الذي حاول أن يكبر باسمك الذي حاول أن يسير في ظلك ليظن أن ظلك هو ظله.

كان بيننا يامي الكثير من العتاب وأحيانا الكثير من الزعل كأي أخوين تربيا على ثدي الحرية وأسمح لنفسي أن أنشر آخر رسالة وصلتني منك بعد أن غادرت فرنسا يومها أرسلت معاتبة: "نحنا ليش زعلانين من بعض؟ ليك اذا على ..... .. فما بيستاهل صرمايتك بحبك أنا يا خيي.. حبيت قلك".

يومها كنت غاضبا منك فعلا ولم أرد ...لم أكن أتخيل أني سأرد هنا وبهذه الطريقة لم أكن أصدق أنها القفزة الأخيرة لعصفور الدوري ...عصفور النور
مي سأكتبها كما كنت تحبينها: ولك مي ...بحبك يا خيت.

*من كتاب "زمان الوصل"
(203)    هل أعجبتك المقالة (231)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي