أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التغيير الديموغرافي يؤسس لحرب طويلة*

غوطة دمشق - جيتي

يوما ما، سيعود سكان كفريا والفوعة إلى ديارهم منقوصا عددهم، وكذلك سكان غوطة دمشق الغربية والشرقية، وكل من تهجر من بيته وأرضه في الجنوب والشمال والشرق، حيث إن التاريخ يقف لصالح الجغرافية، ولن تستطيع حماقات عابرين تغيير نواميسه.

الأمر ليس من باب مشروعية التفاؤل، أنه قانون الحياة، وسيكون لإرادة المهجرين قسرا الدور الأهم في استمرار تطبيقه، لن يتنازل الدوماني عن أشجار المشمش التي زرعها في بستانه، وسيكون على الأدالبة الوقوف إلى جانب سكان كفريا والفوعة في طريق عودتهم إلى بيوتهم التي ولدوا وترعرعوا فيها، ولهم مع جدرانها وإطلالاتها ذكريات الطفولة وأحلام الغد.

فوق ذلك، سمة السوري المتشبث بجذوره وأغصان حياته وبراعم مستقبله التي لا يمكن التفريق بينها، إنه السوري المنكوب مرحليا، لكنه الصامد أزليا، فمن هاجر طوعا أو قسرا مطلع القرن الماضي إلى الطرف الآخر من العالم حيث أمريكا الجنوبية، عاد ولو مؤقتا وجدد ماضيه فبنى وزرع في السويداء والقلمون والشيخ بدر.

سيعود كذلك، ولكن بحماس أكبر، اللاجئون في دول الجوار وأوروبا الذين غادروا هربا من مذبحة الأسد عندما تقوم ديموقراطية طالما حلموا بها وعملوا لها وإن تأخرت، وليس لامتداد الفترة أثر على رغبتهم وإرادة العودة لديهم، إنهم سوريون، تبقى سوريا بلدهم الأول والخامس عشر.

هذا الحال مع من خرج من الوطن، فكيف هو الحال مع من تهجّر على أيدي النظام المارق داخليا لهدف طائفي شيطاني، هؤلاء لن يستطيع العابرون المؤقتون في ظلمة سوريا أن يأخذوهم من أحضان منابتهم، عائدون، وليس في ذلك نقاش، إنها حتمية.

في الشهور والسنوات التي تعقب الهدوء الذي يأتي به الحل في سوريا، ستشهد مواقع النزوح القسري تصفيات دموية، لأن هناك شاذين يريدون كسر النواميس وتغيير التاريخ والجغرافية، وهؤلاء هم من سيسقطون صرعى الحق الطبيعي لعودة كل ذي بيت وأرض وحلم إلى مكانه الحقيقي الذي لا يمكن لسفلة كهؤلاء ومن أحضرهم من خارج البلاد أو أكسبهم ما ليس لهم أن يستمروا فيه.

النظام المجرم ومع إيران الطائفية وروسيا البوتينية الناهضة من مزبلة الإجرام والمافياوية، كانوا الأداة التنفيذية للغرب الذي لا يقل إجراما في عملية التهجير والتغيير الديموغرافي للتأسيس لصراعات تدوم طويلا في البقعة الجغرافية السورية، تكون مبررا لهم لاستمرار تدخلهم وهيمنتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

عار على الأمم المتحدة بمجموع دولها، التي قامت من أجل تنظيم الغاب والقضاء على شريعته أن تقف متفرجة على مشهد التغيير الديموغرافي الذي يؤسس لحرب سورية طويلة، لكن سلبيتها هذه لن تمنع ما هو بديهي للسوريين في استعادة الحقوق ومعاقبة المارقين.

سورية، ومن قبل إشهارها بهذا الاسم كانت جنينة يتقاسم أريجها سكانها على اختلاف قومياتهم ودياناتهم وطوائفهم، وتمنح من ذلك الأريج كل من قصدها، ما عدا المحتلين والقتلة، الذين لم يستطيعوا تغيير قانونها الطبيعي الإنساني، ولن يتمكن كل المجرمين والمحتلين اليوم من تغيير هويتها المناطقية والعامة، وسيعود الشيعي والسني والمسيحي، التركماني والكردي والعربي إلى حيث كانوا، إنهم الآن فقط يدفعون ضريبة تكالب العالم على طالبي الحرية والديموقراطية في منطقة محظور عليها ذلك.

*عبد السلام حاج بكري - من كتاب "زمان الوصل"
(108)    هل أعجبتك المقالة (132)

marwan homsi

2018-07-22

مقال مفرط بالتفاؤل فهل عاد مهجرو نكبة فلسطين 1948.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي