أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين أوباما وترامب.. فؤاد حميرة*

أرشيف

رغم انتقاداته المتكررة والحادة أحيانا لسلفه باراك أوباما إلا أن الرئيس الأميركي ترامب وبعد مرور عامين على توليه السلطة لم يبد تغييرات هامة عن سلفه في كثير من القضايا الخارجية، خاصة ما يتعلق منها بالمسألة السورية وطريقة تعاطي واشنطن مع الملف السوري بكل ما يحتويه من قضايا تفصيلية ليس أولها جرائم الإبادة التي يرتكبها النظام ولن يكون آخرها قضية الالتزام بمسار جنيف الذي تعرض للتحريف والانجرار بضغط السياسة الروسية.

من كان يستمع لتصريحات ترامب وانتقاداته الحادة لأوباما كان يظن أنه سيقلب السياسة الأميركية رأسا على عقب ولسوف يعمل على الحد من نفوذ إيران في المنطقة، ويجبر النظام في دمشق على التفاوض بجدية وفقا لمسارات ومحددات جنيف، لكن الأيام التالية لم تشهد أيا من ذلك بل على العكس إذ بدا بوتين المستفيد الأكبر من الأحداث في الشرق الأوسط كما لم يتعدَّ تأثيره (ترامب) على إيران حدود التهديد الفارغ، فإيران مازالت تلعب ذات الأدوار في كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان.

في عهد أوباما عانى أصدقاء واشنطن في المنطقة من سياساته المترددة وعدم جديته في الانخراط في قضايا مصيرية هامة، ويبدو أن الأمر ذاته ينسحب على سياسات ترامب الذي سلم الملف السوري بأكمله إلى بوتين تحت عنوان تنسيق الجهود والسياسات، كما لا تزال الهوة واسعة بين تهديدات ترامب لإيران وبين سياساته على الأرض، إذ إن سوريا هي الكشاف الحقيقي لموقف ترامب اتجاه طهران وهنا تظهر صورة الموقف الـ(ترامبي) على حقيقته فلا ضغوط في هذا الاتجاه ولا عمل على الأرض يؤكد ما يقوله الرئيس الأميركي في العلن، بل إنه يظهر ابتعادا عن حلفائه في المنطقة لصالح تقدم إيراني واضح في كل الملفات، فتجديد العقوبات على طهران لم يغير شيئا في تنامي نفوذ إيران العسكري وعبر حرسها الثوري ووكلائه في كل الدول التي ذكرناها سابقا والتي كان ومايزال لإيران نفوذ قوي فيها.

في 21 الشهر الماضي أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا شديد اللهجة إلى نظام دمشق من عواقب فتح معركة في الجنوب (درعا والقنيطرة).

وأكدت على أن معركة الجنوب ستكون له عواقب وخيمة على الروس وحليفهم في قصر المهاجرين إلا أن الروس وبرغم التحذير كثفوا قصفهم على المنطقة الجنوبية، كما نجح جيش النظام بالتعاون مع الفصائل المدعومة إيرانيا وفي مقمتها حزب الله فرض مصالحات تصب في مصلحة النظام وهي لا تختلف عن المصالحات التي عقدها الروس نيابة عن النظام في مختلف المدن والبلدات مثل الزبداني والغوطة والقدم، وهنا أيضا لم تختلف سياسة ترامب عن سياسة سابقه فكلاهما سعى للخروج من الملف السري وعدم التورط فيه وذلك لصالح روسيا وحليفتها إيران وعلى حساب دماء السوريين وكرامتهم ومطالبهم في العدالة والمساواة وبناء الديمقراطية.
خ
تفاءل كثير من السوريين وتحديدا جمهور الثورة بالكلام الذي بدأ ترامب فيه عهده الرئاسي لكنهم مع الأسف أصيبوا و بعد سنتين بانتكاسة وإحباط بعيد اكتشافهم أن ترامب لم ولن يقدم إلا الخطب الرنانة والوعود الفارغة والذي يفضّل في كل منعرج يصادفه أن يلقي اللوم على سلفه اوباما وعلى الاتفاق النووي الذي عقده مع طهران معتبرا إياه السب الرئيسي في تنامي نفوذ إيران دون أن يقوم هو بأية خطوة حقيقية للحد من هذا التوسع أو تقييد حركة نظام الملالي في طهران فحق به المثل القائل "شهاب الدين أضرب من أخيه".

*من كتاب "زمان الوصل"
(175)    هل أعجبتك المقالة (185)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي