أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المعتقل إسلام... في "قيد النفوس" تفاجأت عائلته بموته منذ 5 سنوات

صاحب مبادرة المياه والورود إسلام الدباس - ارشيف

مثل رفيقه "غياث مطر" دفع الشاب الجامعي "إسلام الدباس" حياته ثمناً للمطالبة بالحرية أشهرا من الاعتقال أفضت إلى وفاته إعداماً في سجن "صيدنايا" العسكري رغم أنه لم يحمل لجلاديه سوى الورد والماء، ولم يبادلهم إلا الوداعة والسلام كدليل على سلمية المظاهرات.
ونعى ناشطون منذ أيام الناشط الشاب الذي كان ألمع طلاب كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق وصاحب أول صيحة حرية في مدينة "داريا" وأول شبان الثورة في بداية ألقها السلمي.

شارك "إسلام" الذي اعتاد رفاقه على تلقيبه بـ"أبو الهدى" في أولى مظاهرات دمشق السلمية ومنها المظاهرة التي أطلق عليها ناشطون اسم "جمعة الغضب" ودُعي إليها على مواقع التواصل الإجتماعي.

ويروي الناشط "أحمد حلمي" لـ"زمان الوصل" أن صديقه الشهيد شارك بتاريخ 22 و23 / 5/ 2011 في مظاهرة نُظمت بجانب السفارة الليبية وتعرض خلالها –كما يقول- للضرب بالعصي على ظهره من قوات حفظ النظام، كما شارك بعد ذلك في مظاهرة ساحة "المرجة" حين تقاطر مئات من طلاب جامعة دمشق إلى الساحة مشياً على الأقدام على دفعات كي لا يثيروا انتباه قوات النظام.

وقبل أن تبدأ المظاهرات في مسقط رأسه "داريا" بدأ "إسلام" (مواليد 1989) مع عدد من الناشطين بتشكيل مجموعات للتنسيق والتخطيط لها وتم الاتفاق على أن تخرج أول مظاهرة من جامع "العباس".

وكان المتظاهرون -كما يروي محدثنا- يُعدون على الأصابع وحينها صدح "إسلام" بشعارات الثورة، وكان أول صوت ينادي بالحرية في "داريا". 

وبسبب نشاطه السلمي وتحريكه للمظاهرات في "داريا" وغيرها من مناطق دمشق تم تعميم اسم "إسلام الدباس" على فروع وحواجز النظام، إذ كانت المخابرات الجوية تعرف أن مجموعته -كما يقول محدثنا- الأكثر تأثيراً على مسار الثورة، والأكثر تأثيراً في بقائها سلمية، وهذا ما كان يرعب النظام ويفقده شرعية بقائه. 

بعد تغوّل قوات النظام في التعامل مع المتظاهرين السلميين آثر الثائر الشاب البقاء في "داريا" رغم أن الكثير من رفاقه انتقلوا إلى دمشق وضواحيها واختبأوا فيها، وبتاريخ 22/ 7/ 2011 خرج من تبقى من المتظاهرين في مظاهرة قرب جامع الرحمن على أطراف "داريا"، ورغم التواجد الأمني الكثيف أصر "إسلام" -كما يقول حلمي- على الخروج وبدأت قوات النظام حينها بإلقاء الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين ومحاصرتهم في زاوية ضيقة.

وذهب "إسلام" حينها إلى مكان تواجد قوات النظام، وهو يحمل وردوداً وزجاجة ماء مصحوبة بعبارة "كلنا سوريون فلماذا تقتلون"، فأقدم عناصر النظام على ضربه، وألقوا الورود والماء على الأرض ودعسوا عليه واعتقلوه، وحينما رأوا هويته فوجئوا بكونه (إسلام الدباس) الذي كان مطلوباً للكثير من فروع الأمن وبخاصة المخابرات الجوية. 

وأكد محدثنا نقلاً عن رفاق اعتقلوا مع إسلام وأُفرج عنهم فيما بعد، أن مخابرات النظام اقتادوه إلى فرع الجوية في مطار المزة العسكري، وخضع للتحقيق على يد مدير "الجوية" حينها "جميل الحسن"، وتنقّل المعتقل الشاب بعدها في العديد من الفروع الأمنية كـ"الـصالات" و"الإدارة" و"باب توما" قبل أن يودع في سجن "صيدنايا".

وأشار محدثنا إلى أن ذوي "إسلام" زاروه في السجن سيئ الصيت منتصف العام 2012 وسألهم عني قائلاً لهم: "شو صار بمزرعة الورد يلي كنا عم نزرعها أنا وأحمد". 

في سجن "عدرا" التقى "حلمي بوالد "إسلام" السيد "خيرو الدباس" الذي كان قد اعتقل من منزل أحد أصدقائه في "داريا" مطلع يوليو/تموز 2011، أي قبل ابنه بـ20 يوماً.

وروى له -كما يقول- أنه اقتيد مع شبان "داريا" المعتقلين إلى المحكمة الميدانية في شهر أيلول سبتمبر/ 2012 في سيارة براد لحمة، وكانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، وبعد أن تمكنوا من إزالة "العصبة" فوجئ بـ"إسلام" إلى جانبه وكان حديثهما سريعاً وعاطفياً. 

وتمكنت "زمان الوصل" من التواصل مع شقيقة الشهيد التي روت نقلاً عن شاب كان معتقلاً معه في نفس المهجع أن "إسلام" كان بكامل صحته وعافيته عندما أُخرج من الزنزانة بتاريخ الثلاثاء 8/ كانون الثاني ديسمبر/2013، ومن المعروف أن من يتم إخراجه يوم الثلاثاء مصيره الإعدام، مضيفة أن تاريخ وفاته سُجل يوم الثلاثاء 15 كانون الثاني يناير/2013 أي بعد أسبوع.

وكشفت محدثتنا أن عائلتها عندما زارت "إسلام" في سجن "صيدنايا" كان يرتدي (كنزة) بلون "موف" كُتب عليها باللغة لإنكليزية كلمة "فريدوم"–حرية- وكانت الكتابة كبيرة وواضحة ومكررة بشكل دائري، ومن غباء عناصر النظام أنهم لم يعرفوا معنى الكلمة.

وأضافت أن شقيقها الآخر عندما نظر إليه أشار الثاني إلى ما هو مكتوب على (الكنزة) وضحك شقيقي عندما قال له "إسلام" (إي لكن يا معلم ونحن هون).

واستعادت محدثتنا موقفاً إنسانياً لإسلام الذي طلب إذن والديه بالخروج في مظاهرة اتفق عليها مع رفاقه في ساحة الأمويين بتاريخ 15 شباط 2011، وحينها قالت له والدته إن قوات الأمن سيعذبونك إذا اعتُقلت عذاباً لا يشبه ما قرأت عنه في الروايات ولم يُعرض في الأفلام، وأضافت شقيقة الشهيد أن والده قال له (اذهب وأنا راض عنك)، وكان الأربعة –كما تروي– يبكون معاً، وقبل أن يخرج إسلام وقف أمام المرآة ليمشط شعره وحينها التقطت له آخر صورة بعد أن مسح دموعه ونشرتها على صفحتها.

بتاريخ 17/ 7/ 2018 ذهبت عائلة "إسلام" إلى قيد النفوس بدمشق لاستخراج قيد لأحد أفرادها ففوجئوا بأنه متوفى بتاريخ 15/ 1/ 2013 أي بعد محاكمته بأقل من شهر، ويبدو -حسب محدثنا- أن "إسلام" حُكم عليه بالإعدام في المحكمة الميدانية التي لا تقبل الطعن أو الدفاع أو إخلاء السبيل وتم تنفيذ الحكم فوراً دون تهمة محددة سوى المشاركة في المظاهرات السلمية لينضم إلى عشرات الآلاف من الشبان ممن قتلهم النظام بشكل منظم في سجونه.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(281)    هل أعجبتك المقالة (229)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي