أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إليك هي.. الرواية المفقودة بخصوص أضخم نصب للواء القتيل "عصام زهر الدين" واسرائيل

ريس يقدم للوزير الإسرائيلي المتطرف "ليفن" لوحة زيتية له رسمها بنفسه وقدمها عربون تقدير - زمان الوصل

*اليد التي رسمت لوحة لخليفة "بيغن" هي نفس اليد التي نحتت تمثال عصام
*"بكل إخلاص".. كلمة تجمع "زهر الدين" وأمثاله بمجموعة التي نذرت شبابها لحماية إسرائيل
*رجل جعل عودة الجولان أكثر استحالة، وسنّ على الأقل 78 قانونا، لكن صيته غير ذائع لدى أصحاب نظرية "اعرف عدوك"
*حلفنا حلف حياة وتضامن ومساواة وحياة مشتركة ونضالات مشتركة، لقد كان ابنكم يحمينا من المتطرفين.
*تاريخ "المغار" الحديث جدا، يكمل صورة مشهد أثار دهشة السوريين قبل 9 أشهر.
*"ليفن" رجل تفوق على "سانديك" الذي أمسك رجليه يوم ختانه.

انتصب في إحدى بلدات شمال فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.. انتصب مؤخرا تمثال ضخم للّواء القتيل "عصام زهر الدين" المعروف بوحشيته وإجرامه، ودعوته العلنية لقتل وعقاب كل من يفكر بالرجوع إلى سوريا من السوريين.

وقام بنحت التمثال نحات يدعى "حكمت خريس" يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويتحدر من قرية "المغار" ذات الغالبية الدرزية، وهي إحدى بلدات الجليل المحتل في شمال فلسطين.

والتقط "خريس" صورا لنصب "زهر الدين" معلنا إتمامه قبل ساعات، في نفس اليوم المصادف لذكرى مرور 9 أشهر على مصرع الضابط الذي أذاق السوريين ويلات المجازر والدمار، في مختلف المحافظات، ولاسيما محافظة دير الزور، حيث قضى معظم سنواته الأخيرة في تلك المحافظة ينفذ وبكل إخلاص سياسة بشار الأسد الدموية.

وقتل "زهر الدين" في منطقة "حويجة صكر" في دير الزور في خريف 2017، وسط ظروف ما زالت ملتبسة، ورواية روجها النظام تقول إن مصرعه كان نتيجة "لغم أرضي" زرعه تنظيم "الدولة".


ومما زاد حدة الجدل حول قصة مصرعه، ومدى مصداقيتها، أن مقتل هذا الضابط جاء بعد مرور شهر وبضعة أيام فقط، على تصريح نقله له تلفزيون النظام الرسمي، توعد فيه كل من يفكر بالعودة إلى سوريا، مخاطبا كل سوري غادر البلاد بالقول: "لاتعد لأن إذا الدولة سامحتك، نحن عهدا لن ننسى ولن نسامحك.. نصيحة من هالذقن لحدا يرجع منكم"، وهو ما كشف يومها حقيقة سياسة النظام تجاه ملايين اللاجئين السوريين، حاول طويلا التعمية عليها بإطلاق دعوات "نظرية" لهم من أجل العودة.

*يفنى
ليس في سيرة "عصام زهر الدين" كضابط، ولا في سجله الأسود ما هو خفي تقريبا، فقد كان الرجل وحتى مماته مجاهرا بكثير من أفعاله الشنيعة، مثل مجاهرته بالولاء المطلق لبشار، لكن مقتل هذا الضابط العام الماضي وضع السوريين أمام مشهد كان مغيبا إلى حد ما عنهم، جسدته فعاليات العزاء والتمجيد التي أقيمت له في فلسطين المحتلة، وتخطت في عددها وكثافتها ونوعيتها مثيلاتها المقامة في محافظة السويداء نفسها.

وقد جاءت إقامة أضخم نُصب لـ"زهر الدين" لتعيد تظهير المشهد من جديد، وتفصح عن جوانب إضافية ومثيرة، تولت "زمان الوصل" توثيقها، على أمل أن تتضح الصورة الكاملة، بجميع أجزائها وأبعادها.

من هذه الجوانب ما يتعلق بشخصية "حكمت خريس" الذي تولى نحت النصب، ومنها ما يتعلق بالبلدة التي يتحدر منها، والمحيط الذي يفترض أنه ينتمي إليه هو و"زهر الدين".

فـ"خريس" الذي أخذ على عاتقه نحت تمثال بطول 3 أمتار لضابط كبير من نظام "المقاومة والممانعة"، هو نفسه "خريس" الذي شارك وما زال في منتديات النحت المختلفة تحت علم الدولة العبرية وباسمها، ومن آخر مشاركاته، ملتقى دولي للنحت أقيم في "يبنا" غرب وسط فلسطين، البلدة التي حوّل الاحتلال اسمها إلى "يفنى"!.

وقد يقول قائل إن مشاركات هذا النحات أمر طبيعي وتحصيل حاصل لرجل ربما يحمل مكرها جنسية الدولة العبرية، ولكن هذا سرعان ما يسقط مع الاطلاع على نبذة من تاريخ "خريس" القريب جدا، ففي أواسط آب/أغسطس من العام الماضي، قام وزير السياحة الإسرائيلي "ياريف ليفن" بزيارة إلى بلدة "المغار" في الجليل، حظي فيها بترحيب واستقبال لافتين.


وكان ممن حرص على استقبال الوزير في منزله "حكمت خريس"، الذي أكمل طقوس "الضيافة والكرم" بتقديم لوحة شخصية للوزير "ليفن"، رسمها "الفنان" بنفس الأنامل التي نحتت لاحقا تمثال زهر الدين، تعبيرا عن تقديره ومحبته لهذا الوزير ولدولته.

وكأي وزير في حكومات الاحتلال المتعاقبة، فإن "ليفن" ليس مجرد سياسي وحسب، بل هو رجل مخابرات له تاريخه، الذي ربما يتفوق على تاريخ سياسيين جرى ذكرهم على الألسن باعتبارهم "صقور" الدولة العبرية وحاملي لواء سياساتها المتشددة.

بل إن تاريخ "ليفن" يبدأ من ولادته، وتحديدا من يوم ختانه (تعرف عملية الختان لدى اليهود باسم ميلا)، حينما تولى الزعيم الإسرائيلي "مناحيم بيغن" بنفسه دور "سانديك"، أي عراب ختان الطفل "ليفن"، حسب نبذة من السيرة الذاتية لـ"ليفين"، اطلعت عليها "زمان الوصل".

و"سانديك" في الموروث اليهودي هو الشخص الذي يتم تكريمه من قبل عائلة المختون، ليقوم بحمل الطفل واحتضانه أثناء ختانه، كما إن "سانديك" عادة ما يساعد "المطهر" في تثبيت ساقي الطفل أثناء هذه العملية، كما تقول بذلك تعاليم اليهودية وتوجيهات حاخاماتها.

وتنص التعاليم التي تعقبتها "زمان الوصل" في المراجع اليهودية الموثوقة.. تنص بصرامة على وجوب أن يكون "سانديك" ذكرا يهوديا حصرا، وعلى أن يبذل أهل الطفل المختون جهدهم لاختيار "سانديك" موثوق متدين، له "أفكار طاهرة" تؤهله لمصاحبة "النبي إيليا".

هذا التشدد والتحرز بشأن اختيار "سانديك"، تُرجعه تعاليم الأحبار إلى خطورة التكليف والتشريف اللذين يحظى بهما أي رجل يتم اختياره للقيام بهذا الأمر، فـكل ما يحمله "سانديك" من صفات يتم نقله وتمريره إلى الطفل المختون، حسب عقيدة الحاخامات.

*جمع التطرف من أطرافه
يبدو أن عائلة "ليفين" لم تجد "سانديك" وعرابا لطفلها "ياريف" المولود سنة 1969، أفضل من "مناحيم بيغن" الرجل الذي لم يمر على تاريخ الدولة العبرية (المليء بالمتعصبين والعدائيين) رجل متعصب وعدائي مثله، ومن أعماله العدائية على سبيل الاختصار الشديد: تدمير المفاعل العراقي النووي، اجتياح لبنان واحتلال جنوبه، إعطاء الأوامر الصريحة باحتلال القدس الشرقية، حيث يقول موقع "الكنيست" في وصف دور "بيغن" هنا: "وفي صباح الثامن والعشرين من أيار 1967، بعد مرور يومين، سمع بيغن عن العملية السياسية الجارية في الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى هدنة، وخشي أن يتم تفويت الفرصة التاريخية، وتنتهي الحرب وتبقى القدس القديمة مرة أخرى عبر الحدود (خارج حدود الكيان). وبناء عليه تشاور مع ديان (موشي)، وأيقظ إشكول (ليفي) الذي كان نائما لإطلاعه على الصورة. وبعد أن اتفقت كل الجهات المعنية بالأمر، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي المدينة، وحررت الحرم الشريف وحائط المبكى".

أما فيما يتعلق بسوريا، فإن الخطوة الأخطر لـ"بيغن" تتمثل في الدفع بقرار "ضم الجولان" إلى الكيان، حيث صادق "الكنيست" على ما قدمه "بيغن" حينها (سنة 1981)، وأصدر القرار الذي يعتبر الجولان "أرضا إسرائيلية" لا يجوز التخلي عنها، وهو القرار الذي يطيل إعلام الأسد الحديث عنه في كل مناسبة، شاجبا ومنددا، وتاركا المجال لضابط جيشه من "زهر الدين" وأمثاله؛ ليدبجوا كل حين خطبة في وجوب تحرير "الجولان" واسترجاعه من "الكيان الغاصب".

ويبدو أن صفات السانديك "بيغن" وأفكاره قد سرت فعلا وبشكل لافت إلى الطفل المختون "ياريف ليفن"، الذي وجد نفسه يرتقي مناصب ويتولى مهام، يعيد بها سيرة "بيغن"، بل ويتفوق عليه.

ومن أهم ما شابه فيه "ليفن" عرابه "بيغن"، بل وطابقه، كان دفعه لاعتماد "الكنيست" قانونا يوجب إجراء استفتاء عام قبل أي موافقة تعطيها حكومة تل أبيب لـ"نقل سيادتها" عما تحتله من أراض عربية، بما فيها الجولان، وهكذا أكمل "ليفن" مهمة "بيغن" وجعل عودة الجولان -عبر "تسوية سياسية"- أمرا أكثر استحالة.

فالقرار الذي كان "ليفن" عرابه، وتم تصديقه خريف 2010، ينص صراحة على أن أي موافقة يمررها الكنيست بأقل من ثلثي أعضائه، وتقضي بـ"نقل أراض تقع تحت سيادة إسرائيل"، تتطلب إجراء استفتاء شعبي" حتى تكون نافذة، ومن هنا فإن أي قرار لبرلمان الدولة العربية بشأن "التنازل" عن أرض عربية مهما صغرت مساحتها هو قرار بلا قيمة، ما لم يوافق عليه "الشعب" في استفتاء عام.

ولـ"ليفن" مواقف وتصريحات متطرفة و"خدمات" قدمها للدولة العبرية من الصعب حصرها، منذ أن خدم في استخبارات جيش الاحتلال كقائد لوحدة الترجمة من العربية إلى العبرية، مرورا بترقيه في صفوف حزب "ليكود" (حزب بيغن وشامير وشارون ونتنياهو).

ويكفي لإدراك حجم "ليفن" وتأثيره وخطورته، أن نذكر رعايته الشخصية وتقديمه لـ78 مشروع قرار إلى البرلمان الإسرائيلي تم اعتمادها كلها، مستغلا رئاسته وعضويته في عدد من اللجان الحيوية في الكنيست، خلال دورتيه 18 و19.

أما مواقف "ليفين" وتصريحاته، فتنم عن شخصية تفوق بن غوريون وبيغن وشارون وشامير ونتنياهو وأمثالهم من قادة الكيان العبري مجتمعين، ومنها وقوفه القاطع في وجه أي محاولة محتملة من تل أبيب لإطلاق الأسرى في معتقلاتها، ووصفها بأنها "خطوة غير أخلاقية وغير عادلة"، ودعوته الصريحة إلى فصل المسيحيين الفلسطينيين عن عروبتهم، قائلا: "إنهم ليسوا عربا"، ومدعيا أن "المسيحيون حلفاء طبيعيون لنا، ثقلٌ مقابل المسلمين الذين يريدون القضاء على الدولة من الداخل"، دون أن يخجل إطلاقا من تفسير مقصده من دعوته لسن تشريع يميز "المسيحيين" عن العرب في فلسطين، حيث أقر بأنها دعوة تهدف لإحداث شرخ بين أتباع الديانتين في البلد الواحد حتى يستتب الأمر أكثر لسلطة الأمر الواقع، قائلا: "سيمنح تشريعي تمثيلا منفصلا للجماهير المسيحية التي سيتم عزلها عن الجماهير المسلمة... إنها خطوة تاريخية ومهمة من شأنها ضمان توازن دولة إسرائيل".

تغيير ديموغرافي
كل التفصيل المعروض أعلاه حول الوزير "ليفن" وتاريخه، إنما كان للإضاءة على الشخصية التي استحوذت على إعجاب "حكمت خريس" (ناحت تمثال زهر الدين)، ودفعته لرسم صورة زيتية لهذا الوزير وتقديمها له عربون تقدير.

ولكن هذه المعلومات حول "ليفن" وإعجاب "خريس" به تبقى مجرد جزء من الصورة، لا يكمله سوى الحديث عن "المغار" مسقط رأس "خريس"، والبلدة التي نحت ونصب فيها تمثال "زهر الدين".

وحتى لا يُقال إن هناك من ينبش في دفاتر تاريخ قديمة أو يتكلم عن أحداث أكل الدهر عليها وشرب، وأصبح أهلها وشهودها رمماً.. فقد اخترنا الاستدلال بحادثتين قريبتي العهد جدا، لدرجة أنه لم يمض عليهما سوى أقل من عام، وقد كانت بلدة "المغار" حاضرة فيهما بكل قوة، بل إنها كانت محركهما الرئيس.

ففي آب/أغسطس من 2017، نفس الشهر الذي زار فيه وزير السياحة ليفن بلدة المغار!، عقد المئات من "وجهاء" الدروز في البلدة اجتماعا اتخذوا فيه قرارا حاسما وصريحا بمقاطعة كل شخص من البلدة يبيع أرضه لـ"العرب المسلمين" من خارج "المغار"، العرب المسلمون حصرا، أيا تكن هوية البائع، سواء كان درزيا أو مسيحيا أو حتى مسلما (يعيش في "المغار" خليط من الدروز يمثلون نحو 60% إلى جانب المسلمين والمسيحيين الذين يمثل كل منهما 20% تقريبا).

وبنى دروز "المغار" قرارهم على ما اعتبروه أدلة قاطعة تثبت قيام أشخاص من طائفتهم ببيع مئات الدونمات في القرية عبر وسطاء مسلمين، وبدعم ورعاية من الحركة الإسلامية بقيادة "رائد صلاح".

وبرر دروز "المغار" قرارهم القاضي بفرض حظر على البيع للعرب المسلمين حصرا، بأنه نابع من قلقهم –أي قلق الدروز- على "التوازن الديموغرافي" للبلدة، التي يعد سكانها نحو 20 ألف نسمة، ويخدم كثير من أبنائها الدروز في جيش الاحتلال وقوات شرطته.

واللافت أن هجوم دروز "المغار" على "العرب المسلمين" واتهامهم الصريح بمحاولة "التغيير الديموغرافي"، جاء بعد نحو أسبوعين فقط من هجومين إرهابيين تعرض لهما مسجدان لـ"العرب المسلمين" في القرية نفسها، حيث ألقيت قنبلة باتجاه مسجد وأطلقت النار باتجاه مسجد آخر.. وكأن هناك من يقول لهؤلاء "العرب المسلمين" إن مهاجمتكم ومهاجمة مساجدكم ليست كافية، ولابد من إرفاقها بمحاصرة وجودكم في القرية، ولا بد من اتهامكم حتى وأنتم ضحايا، على مبدأ "ضربني وبكى، سبقني واشتكى".

لم يكن أهل "المغار" بحاجة إلى معرفة هوية الجهة التي نفذت الاعتداءين، حيث إنهما جاءا في ظل احتقان بين الدروز والمسلمين في القرية، عقب عملية في المسجد الأقصى أودت بحياة عنصرين في الشرطة الإسرائيلية ينتميان إلى الطائفة الدرزية (هايل ستاوي، كميل شنان) ، أحدهما (ستاوي) ضابط يتحدر من قرية "المغار".

يومها استشاطت فئة من دروز فلسطين غضبا، وأخرجت كل ما في جعبتها تقريبا، حيال المسلمين وحيال اليهود الإسرائيليين أيضا، فاعتبرت ودون مواربة أن عملية الأقصى التي نفذها في 14 تموز/يوليو 2017 عدد من الشبان العرب، إنما هي "عملية إرهابية تستحق الإدانة" بلا أي تردد، حسب قول كبير الزعماء الروحيين لدروز فلسطين "موفق طريف".

*أفضل دولة
كلام "طريف" يومها لم يكن رد فعل اعتباطيا على عملية الأقصى، بل جاء في إطار "بيان رسمي" له، دَرَس كل عبارة فيه بعناية، واصفا العملية بأنها "جريمة نكراء"، ومعقبا: "على المجتمع بأسره، قيادات وأفراد، نبذ واستنكار العملية الإرهابية بصريح العبارة دون تردد ودون تأتأة ودون ربط الجريمة بالوضع السياسي أو الأمني ومحاولة إيجاد تبريرات لها. على المجتمع أن ينبذ من داخله القتلة والمجرمين والإرهابيين وأن يرفضهم بوضوح".

وخلافا لما يحاول البعض الإيحاء به من إكراه الدولة العبرية، وسوقها شباب الدروز في فلسطين قسرا للخدمة في جيش الاحتلال، أكد "طريف" في بيانه أن "أبناء الطائفة الدرزية يخدمون وبكل إخلاص دولتهم، ويحافظون عليها وعلى كل مواطن حر في البلاد نبذ الإرهاب وقلعه أينما كان".

وزاد "طريف" في حدة كلامه ووضوح موقفه، حينما سمى من قاموا بالعميلة "قتلة"، ونعتهم بأنهم "أعشاب ضارة... تهدد المجتمع العربي بكامله في البلاد".

أما موقف عموم دروز فلسطين من اليهود الإسرائيليين ودولتهم، وموقف الأخيرة من الدروز، فقد عبرت عنه الأفعال إلى جانب الأقوال، حيث استنفر كل مسؤولي الدولة العبرية الكبار (من رئيس الدولة مرورا برئيس الحكومة وانتهاء بالوزراء والضباط ذوي الرتب العالية).. استنفروا وبشكل قل مثيله للمشاركة في جنازة وعزاء "ستاوي" و"شنان".

ولم يعمد هؤلاء المسؤولون الكبار إلى إيفاد من ينوب عنهم في "واجب" الدفن والعزاء، بل "تجشموا" الحضور شخصيا إلى عائلتي القتيلين ليسمعوا من هاتين العائلتين ويُسمعوهما أقصى ما يستطيعون من عبارات التضامن والتعاضد بل والتماهي.

ففي تشييع الضابط "ستاوي" بقرية المغار، حضر وفد كبير من الجانب الرسمي للدولة العبرية تقدمهم كل من: وزير الأمن الداخلي، وزير التربية والتعليم، وزير الاتصالات، فضلا عن القائد العام للشرطة، الذي قال إن القتيل كان "شجاعا وخدوما"، وإنه رقي قبل فترة -لقاء خدماته- إلى ضابط مسؤول عن مجموعة قوامها 20 شرطيا.

لاحقا قام كل من رئيس الدولة "رؤوفين ريفلين" بزيارة تعزية لعائلتي القتيلين: ستاوي وشنان، حيث خاطب "ريفلين" ذوي "ستاوي" بالقول: "ابنكم أغلى شيء على الدولة، كان حارس أسوار دولتنا.. إن حدادكم حداد الشعب بأسره".

أما في منزل القتيل "شنان" فكان الكلام أكثر استفاضة، حيث خاطب والد "شنان" ضباط الأمن والجيش والمسؤولين الذين رافقوا "ريفلين"، قائلا لهم: "لتكن لكم دائما اليد الطولى لأن نجاحكم درع كياننا الحقيقي".

والد "شنان" الذي كان عضوا سابقا في برلمان الدولة العبرية، تابع حديثه في مراسم عزاء ابنه، قائلا: "لقد اكتشفت شعبا يهوديا كنت أحبه وأصبحت الآن أموت فيه"، وعبارة "أموت فيه" تدل في القاموس الشعبي على أقصى درجات الوله والإعجاب والهيام.

وعقب والد "شنان" مؤكدا: "شاهدنا طيبة قلب الشعب اليهودي في الأيام الماضية، فهو شعب يحترم الحلفاء. دولة إسرائيل هي أفضل دولة في العالم للشعب الدرزي".

ولم يكن من رئيس الدولة العبرية إلا أن رد على هذا الإطراء، فقال: "شعبك وشعبي نفس الشعب... حلفنا مع إخواننا الدروز حلف حياة وتضامن ومساواة وحياة مشتركة ونضالات مشتركة... لقد كان ابنكم يحمينا من المتطرفين... وقد جئنا إليكم معزين وشاكرين للبطل حامي أسوار أورشليم القدس وحامي أسوار دولة إسرائيل من الشر والتشدد"..

ورغم كل مشاغله والتزاماته، فإن رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" اصطحب زوجته "سارة"؛ ليقدما بنفسيهما واجب العزاء إلى عائلتي "ستاوي" و"شنان"، وبهذه المناسبة عاد والد "شنان" ليقف بين يدي "نتنياهو" مؤكدا له وبلغة عبرية "فصيحة": "دولة إسرائيل هي أفضل دولة في العالم للشعب الدرزي".

إيثار عبد الحق-زمان الوصل
(215)    هل أعجبتك المقالة (283)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي