أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إنهم يطالبون برأس رغد!! .... د. عوض السليمان

أصدرت الشرطة الدولية"الانتربول"، اليوم أمراً بإلقاء القبض على الماجدة العراقية، رغد صدام حسين، حفظها الله، وذلك بناء على طلب حكومة المنطقة الخضراء في العراق، بمحاكمة السيدة رغد، بتهم تتعلق " بجرائم ضد حياة وصحة الأبرياء".

لم أفهم الخبر من الوهلة الأولى، وشدتني خاصة عبارة" صحة الأبرياء" التي لا أفهم كنهها ولا مغزاها على وجه التحديد. وتساءلت: هل هناك أشد براءة من الأطفال والرضع؟ بالطبع لا. فتساءلت مرة أخرى، فلماذا لا يقوم، موفق الربيعي، بمحاكمة أمريكا التي قتلت مليون ونصف طفل من أبناء الشعب العراقي؟. لماذا لم تثر نخوة ما يسمى الحكومة العراقية، عندما دمرت الطائرات الأمريكية بغداد فوق أهلها من نساء وأطفال وشيوخ. لماذا صمتت تلك الحكومة صمت القبور، لما قام الأمريكيون باغتصاب عبير ذات الأربعة عشر ربيعاً، ثم حرقوها وأهلها، وأين كان لسانه، لما رأى صور سجن"أبي غريب"، أو ربما أن الأخبار لا تصل إلى المنطقة الخضراء، أو أن هذه الحكومة، وحاش لله أن تكون حكومة، لا تملك الوقت الكافي لمعرفة ماذا فعل أسيادها بالشعب العراقي من تقتيل وتنكيل وتشريد.

أحب أن أذكر الربيعي والخريفي أيضاً، بصور الأطفال الرضع، الذين قضوا دون ذنب تحت أنقاض بيوتهم، بالأسلحة المحرمة شرعاَ ووضعاً. وأحب أن أذكره بالأجنة التي استشهدت في بطون أمهاتها، قبل أن تولد بفضل هذه الحكومة وأسيادها صناع الموت الأمريكان.

هل رأى "الربيعي"، صورة الطفل الذي قطعت القذائف الأمريكية ذراعيه كلتيهما، ولما استفاق في المستشفى طلب من أمه إعادة يديه ليلعب بهما مع أقرانه؟. ربما رأى مع حكومته ذلك المشهد ولكنه لم يفهمه جيداً فقد كان مشغولاً يشرب الكوكاكولا وتذوق الكنتاكي.
ثم تستفيق الحكومة المعينة أمريكياً، لتخاف على حياة الأبرياء وصحتهم، فتطالب بإحضار الماجدة رغد صدام حسين حفظها الله، لتحاكمها وربما لتعدمها، في عيد الفطر المبارك أو ربما في العيد الكبير، فقد فعلت ذلك بوالدها الشهيد صدام حسين على مرأى ومسمع من أمة عربية وإسلامية مهزومة لا تتطاول إلا على بعضها البعض ولا يعرف بعضها إلا لعن بعضها الآخر.

المسألة ليست في رغد، بل في صدام حسين وإرثه الخالد يريدون أن يتخلصوا منه ومن كل ما يذكر به أو يمت إليه بصلة، ولهذا أسرعوا في إعدامه يوم عيد المسلمين، ولقد قتلوا ولديه من قبل وحفيده الصغير أيضاً، ثم قتلوا أقاربه من بعده، ولكن دونما فائدة، فبعد استشهاد صدام، ظهر على ما يبدو شبحه، الذي بدأ يؤرق هذه الحكومة ويطارد أعضاءها، فأرادوا أن يتخلصوا حتى من ابنته، وهاهم منذ عام أو يزيد يطالبون بها لمحاكمتها على " جرائمها ضد صحة الأبرياء".

قلت ربما يفكرون بإعدامها أيضاً، وربما يأتي حبل المشنقة من فلسطين المحتلة ويكون طوله ستة وثلاثين متراً بعدد الصواريخ التي أطلقها والدها الشهيد على فلسطين السليبة. كل ذلك ممكن، طالما أن هذه الحكومة تخدم أعداء الحضارة في الإدارة الأمريكية.

لا أعرف إذا سمعت هذه الحكومة بكلمة نخوة، أو كرامة، على الأقل مرة في عمرها، هل تعرف هذه الحكومة "أبا دجانة" رضي الله عنه، أم أنها تريد إعدامه هو الآخر!!.

فقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه لأبي دجانة، ليقاتل فيه في معركة بدر. يقول أبو دجانة" رأيت إنساناً يخمش الناس خمشاً شديداً، فصمدت له، فلما حملت عليه السيف وَلْول، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة". الكلام هنا عن أبي دجانة رضي الله عنه وليس عن حكومة المنطقة الخضراء، التي جاءت بالعربات والمجنزرات الأمريكية ولتساهم مع الإرهابيين الأمريكان بقتل أبرياء العراق وشرفاءه.

أخشى ما أخشاه، أن تقوم المملكة الأردنية بتسليم السيدة رغد صدام حسين حفظها الله إلى موظفي المنطقة الخضراء، فقد اطلعت على تصريحات سابقة لأعضاء في الحكومة الأردنية ولم أرَ أنها واضحة الرفض لهذه المسألة، وأريد أن أذكر الحكومة في الأردن، أن السيدة رغد ضيفة على الأردن كلها، حكومة وشعباً، وأنها دخيلة، وقد أجيرت من قبلكم، وليس بعد هذا نكث لعهد أو تراجع أمام ضغوط. فليس أقل من أن نكون كما كان هانئ بن مسعود الشيباني، الذي أجار هند بنت النعمان ولم يكن في قبيلته أكثر من مائتي فارس، وقال نموت كلنا دون أن تسلم هذه المرأة إلى فارس.

أما حكومة خيال الظل في العراق، فإنها لن تنام هانئة ولن ترتاح يوماً حتى لو تخلصت من صدام ومن إرث صدام، فقد أحيت بقلة فطنتها صداماً بدل قتله، ونسخت منه آلافاَ مؤلفة، وقد قالها الشهيد قبل موته لأزلام هذه الحكومة وأسيادهم "ستخافون مني ميتاً أكثر مما تخافون مني الآن وأنا حي". ولقد صدق إذ قال وأحسن. وإن غداً لناظره قريب.


دكتوراه في الإعلام – فرنسا
(190)    هل أعجبتك المقالة (286)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي