أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إدلب.. أحمر بالخط العريض!*

ندعو أهلنا في كل إدلب إلى عدم الاختباء وراء الأصابع، والوقوف صراحة على الوقائع ومواجهتها


مثلما كنا نقرأ من ناشطي درعا قبل عدة أشهر، أن أمريكا والأردن وإسرائيل لن تسمح للنظام بالاقتراب من حوران، وأنهم حصلوا على ضمانات بهذا الأمر، بدأ ناشطو إدلب وبعض المثقفين، يغزلون على نفس النول، بأن الدول الكبرى لن تسمح للنظام بالسيطرة على إدلب، وأنها الوحيدة التي تمتلك مواصفات الخط الأحمر.

حد هؤلاء أعرفه جيدا ويمارس السياسة من على جهاز الكمبيوتر، كتب على صفحته في "فيسبوك"، أنه حضر أحد الاجتماعات المهمة، واطلع على معلومات أكيدة، أن تركيا لن تسمح للنظام وروسيا بالاقتراب من إدلب، وطلب من الآخرين أن لا يسألوه عن مصدر معلوماته ، فهو واثق منها، ولولا خشيته لكان كشف عن المزيد من التفاصيل.

وفي منشور آخر كتبه نفس الشخص، وجه رسالة إلى أهله في إدلب و "المجاهدين "، أن لا يشعروا بالقلق والخوف، وأنه المهم في هذه المرحلة أن لا يبادروا بمهاجمة النظام، كي لا يعطوه الذريعة للانقضاض عليهم وعلى المحافظة، وعاد وأكد انه خرج للتو من اجتماع سري في أنقرة، وتلقى ذات التأكيدات بأن إدلب أحمر بالخط العريض.

في الحقيقة، هذا الشخص ذاته، كان قد تواصل معي عدة مرات، ومن فترة ليست بالبعيدة، سألني فيها عن أفضل الدول الأوروبية التي تعطي مزايا للاجئ، لأنه يشعر باليأس من الواقع، وأنه أصبح ضروريا أن يفكر بمستقبل أولاده، بعد أن نذر نفسه للثورة لأكثر من 7 سنوات دون طائل.

لذلك كان من الطبيعي أن أتصل به دون تردد، وأسأله عن مصدر معلوماته، ولماذا يفكر بالهجرة إذا كانت إدلب، كما يقول، خط أحمر ..؟ ومن ثم ،لماذا لا يعود إليها؟!

لكنه في حديثه معي، ادعى أنه يمارس الدعاية الإعلامية، وأن من واجبنا، نحن الصحافيون، أن نقوم بدور يساعد على حماية الناس وتجنيبهم الخوف والقلق وأن لا نرمي بهم إلى التهلكة.. أي بالمختصر المفيد، ليس لديه معلومات أكيدة، ولم يحضر اجتماعات، لا مهمة ولا سرية، وكل ما هنالك أنه يمارس الدعارة الإعلامية، كما قلت له.

بكل تأكيد، هذا نموذج يمكن الاستضاءة به، للدور الذي قام به البعض، وخصوصا ممن يحظون بمكانة معينة لدى الناس، وأسهموا في "وهن نفسية الثورة "، وساعدوا ، عن قصد أو عن غيره، مخابرات الدول التي يقيمون بها، في تنفيذ مصالحهم وعلى حساب الدم السوري..  وهو على فكرة ، نموذج لم تخل منطقة ثائرة منه، وبأعداد كبيرة.

نحن هنا لسنا في وارد التأكيد بأن النظام وروسيا سوف تكون وجهتهم التالية هي إدلب، لكن الوقائع تشير إلى أن هذه المحافظة لم تعد بمنأى عما حدث لشقيقاتها، من تدمير وإذعان، وهي تتعرض لنفس السيناريوهات، من حيث خضوعها بداية لمناطق خفض التصعيد، وحصولها على ضمانات برعاية دول "محترمة"، ومن ثم الانقضاض عليها بين ليلة وضحاها وسط صمت الدول إياها.

بل إن إدلب، التي لم تعد تخص أهلها فقط، وإنما كل سوريا، أمامها سيناريو ربما يكون الأكثر إيلاما، لأنها الوحيدة التي تضم صراحة من ينعتون بـ"المجموعات المتطرفة"، التي استخدمت سابقا كذريعة للانقضاض على مناطق أخرى لم تكن هذه المجموعات موجودة فيها سوى بأعداد قليلة، ومع ذلك جرى تدميرها وتهجير أهلها.

لهذا، ندعو أهلنا في كل إدلب إلى عدم الاختباء وراء الأصابع، والوقوف صراحة على الوقائع ومواجهتها، أو على الأقل الاستعداد لها، حتى لا يتكرر سيناريو المناطق السابقة.. ويكون ذلك من خلال رفع الجاهزية والتوحد من الآن، إذا كانوا ينوون المواجهة.. أما إذا كانوا ينوون الفرار وترك أهلهم يواجهون مصيرهم منفردين، فليكونوا واضحين معهم.

 أما القول بأن إدلب مختلفة عن غيرها، وأنها مضمونة تركيا، بشكل أكيد، فهو قول لا يمكن التعويل عليه، ولا يكفي وحده كي تنام الناس هناك قريرة العين.
 
نعود ونكرر: إدلب أصبحت اليوم كل سوريا، فإن ضاعت، يحق لنا عندها أن نقول: وداعا لسوريا، وليس للثورة فحسب.

*فؤاد عبدالعزيز - من كتاب زمان الوصل
(156)    هل أعجبتك المقالة (167)

مراقب

2018-07-17

صحيح.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي