كثير من السوريين يتذكرون تغيير ملامح طريق مطار دمشق الدولي في بعض المناطق التي تحوي بيوت الصفيح وغيرها من المشاهد المؤذية لأعين الزوار الغرباء فقط، استعدادا لاستقبال بابا الفاتيكان "يوحنا بولس الثاني" في عاصمة الأمويين أيار مايو/2001.
لقطة كهذه تتكرر في كل البلاد التي تتحكم فيها مافيات الرجل الواحد والحاكم الأوحد، وآخرها ما حدث ويحدث في روسيا التي تحاول سلطاتها تسويقها كبلد لا تنقصه الديمقراطية، في حين تحسب لها براءة اختراع الديكتاتورية بوجهي "بوتين -مدفيديف" اللذين يتبادلان الأدوار بين رئيس ورئيس حكومة على أن تنتقل الصلاحيات المفتوحة لـ"أبو علي بوتين" الديكتاتور، ليبقى "ميدفيديف" مجرد ديكور..!
يتحدث صحفيون ورواد ومشجعون عن انطباعاتهم إزاء زيارة البلاد التي ورثت شمولية الاتحاد السوفييتي بقائده "الأخ الأكبر" بطل أعظم روايات القرن العشرين (1984) لـ"جورج أورويل".
يروي زوار للمونديال نقلا عن أهل البلد كيف سارعت السلطات الروسية لاجتثاث مظاهر تسيء إلى سمعة البلاد أمام السياح الكرويين مثل اختفاء المشردين الذين كانت تعج بهم شوارع كبريات المدن الروسية، في بلد يرزح فيه الكثيرون تحت خط الفقر، فلا يتحملون الثمن الحقيقي لتذكرة دخول المباراة، وليس تذكرة السوق السوداء التي تنشط أمام ملاعب المونديال دون خوف أو رقيب أو حسيب، وكل ذلك في حدود التصرف الواجب والطبيعي لبلد يسعى لاستثمار حدث عالمي بهذا الحجم.
لكن ما يجعلك واثقا بأنك في دولة تتحكم بها مافيا ديكتاتورية لا تختلف عن ديكتاتوريات دول العالم الثالث...عشر ما نقله صحفيون عن روس أكدوا أن الحديث بالسياسة ممنوع حتى على المدرجات، حيث "هنا المخبرون في كل مكان، ومنهم عمال في بعض الملاعب للتنصت على المشجعين الروس بالتحديد"، كما نقل أحد الصحفيين.
ومن الصور البارزة التي تعيدك سنوات إلى زمن "الأخ الأكبر" ما أكده روس عن إزالة صور الرئيس "أبو علي بوتين" من شوارع عديدة في العاصمة موسكو قبيل انطلاق البطولة حتى لا يثير ذلك سخرية بعض الدول التي لا تعترف بالزعيم الواحد الأوحد، لتبدو حقيقة ما وراء الكواليس بأن كثيرا من الأشياء مزيف وكثيرا من المميزات مؤقت، وأن الحقيقة لا تظهر كاملة خارج ملاعب مونديال روسيا 2018.
جودت حسون - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية