بعد نزولنا من الحافلة التي وجدت لها مكاناً في طريق فرعي ضيق يبعد عن معبر رفح حوالي 200 متر، وجدنا أنفسنا وسط أعداد كبيرة من الأطباء العرب الذين جاءوا لمساعدة إخوانهم في غزة، كانوا حوالي 37 طبيباً من الدول العربية يرأسهم الطبيب المصري المعروف محمد غنيم اختصاصي أمراض الكلى المعروف عربياً، الذي كان يتمشى على طول هذا الطريق محدثاً هذا وممازحاً ذاك، فقد بقي هؤلاء الأطباء في مكانهم حوالي أسبوع في انتظار أن يتفضل عليهم متفضل ويسمح لهم باجتياز المعبر إلى غزة.
سمعت أحد الأطباء يتحدث مع الصحفيين عن نوعية من القنابل التي تستخدمها إسرائيل تؤدي إلى تشويه الجسد وبتر الأعضاء، فلفت انتباهي الموضوع وحاولت الحصول على ما أستطيع من معلومات، حينها وجدت الدكتور عبد الوهاب المصلح رئيس الطوارئ في مؤسسة حمد الطبية الذي كان هناك مع بعض المساعدات، وجدته يتحدث مع طبيب مصري عن هذا النوع من القنابل، فقد طلب من الدكتور المصلح عدم إحضار الدواء المخدر «هالوثين»؛ لأنه يتفاعل مع الشظايا التي تتركها هذه القنابل في الجسم، مما يؤدي إلى انفجارها محدثة إصابات مروعة في جسد الجريح.
ما هذا؟ كيف يعقل أن يفكر أحدهم في هذا النوع من القتل؟ فسألت الطبيب إن كانت لديه صور أو معلومات عن هذه القنابل، فنقل لي بعض الصور من هاتفه النقال حصل عليها من طبيبين دنماركيين كانا في غزة وغادراها مؤخراً، فدونت أسماء الطبيبين والمنظمة التي جاءا عن طريقها.
حال عودتي إلى القاهرة كتبت اسم أحد الطبيبين على موقع غوغل، فظهر لي أنهما قاما بواجبهما في التحذير من استخدام هذا النوع من القنابل، فقد التقت بهما أغلب الفضائيات الغربية المعتبرة للتعريف بمهمتهما في غزة، قرأت الكثير عنهما، ولم يتبقَّ سوى الحصول على وسيلة الاتصال بهما.
بدأت هذا البحث أيضاً بإدخال العديد من الكلمات في نظام البحث وتغييرها من حين إلى آخر فلم أحصل على بغيتي، حينها تذكرت أن لي زميلاً صحفياً في الدنمارك، فاتصلت به وسألته عن هذين الطبيبين، فقال إنه قابلهما مؤخراً، وإن لديه وسيلة الاتصال بهما، فطلبت منه أن يحصل لي على التقرير الذي كتباه عن الجروح التي تسببها القنابل الإسرائيلية والصور التي التقطاها خلال وجودهما في مستشفى الشفاء في غزة.
بعد عدة ساعات وصلتني رسالة على هاتفي تنبئني بوصول ما طلبت على بريدي الإلكتروني، وصدمت لهول ما رأيت.
يقول الدكتور ماديس غلبرت في تقريره: «في عام 2004 أجرى مختبر أبحاث القوات الجوية الأميركية (AFRL) اختبارات على نوع جديد من الذخيرة المتفجرة يطلق عليه DIME Dense Inert Metal Explosive ) )، وما إن حل عام 2006 إلا وكانت إسرائيل قد استخدمتها في حرب لبنان.
عتاد هالك مركّز
تحت عنوان «عتاد هالك مركز» كتبت صحيفة سان فرانسسكو كرونيكل في عددها الصادر بتاريخ 12 سبتمبر 2006 مقالاً اقتبس منه الدكتور ما يلي:
تبحث وزارة الدفاع الأميركية عن ما يسمى بالذخيرة الهالكة المركزة، والتي يمكن أن توضع في قنابل صغيرة، وفي المستقبل تكون هذه الذخائر مغلفة بمادة مركبة، والتي بخلاف الفولاذ لن تتمزق إلى آلاف الشظايا عند انفجارها، وهذا يعني أن تأثيرها سيكون محدوداً حول نقطة الانفجار، أي لن يدمر شيء سوى الهدف المقصود، ولزيادة تأثير القنبلة على الهدف تقوم الوزارة بتجريب المتفجرات المعدنية الخامدة «دايم» والتي تستعمل مسحوق «التنجستين» في المادة المتفجرة لتقوم مقام الشظايا.
بتر الأعضاء السفلية
وقد نقل الدكتور غلبرت أيضاً قولاً لأحد أطباء غزة: «أطلق بعض أطباء غزة تحذيراً في منتصف شهر يوليو الماضي بعد أن شاهدوا جروحاً غريبة لأول مرة تسببت على الأقل في 62 حالة بتر للأطراف السفلى، وقد طلب الأطباء في أغلب الأحيان مساعدة المجموعة الدولية لفهم أسباب هذه الجروح الغريبة التي أظهرت أجزاءً صغيرة غير مرئية بالأشعة السينية.»
فهل تكون هذه الأجزاء الصغيرة هي الأجزاء المتفجرة التي تتفاعل مع دواء «الهالوثين» المخدر؟ سنترك هذا الأمر للأطباء لإفادتنا.
الدايم.. الذخيرة الإشعاعية القاتلة
إن نوع الإصابات التي أوردتها تقارير الأطباء في كل من لبنان وغزة يتطابق مع الإصابات التي تسببها ذخائر «الدايم». يستخدم «الدايم» في التدمير المباشر المنخفض، وهو نسخة من القنابل صغيرة القطر المستخدمة حالياً في العراق من قبل القوات الأميركية.
لـ «الدايم» قُطر انفجاري صغير، ولكنه فعّال، وللقنبلة غلاف معدني ليفي كربوني يتحول إلى غبار بدلاً من أن يتحول إلى شظايا خطيرة، إن مصطلح «معدن خامد» يشير إلى المعدن غير المشترك في الانفجار، حيث تُخلط حشوة المتفجرات مع خليط «التنجستين» المعدني الثقيل (HMTA) مثل الكوبالت والنيكل أو الحديد، ويتحول خليط «التنجستين» الثقيل مع الانفجار إلى شظايا صغيرة قاتلة من المسافات القريبة حتى 4 أمتار، ولكنه يفقد الزخم بسرعة جداً بفضل مقاومة الهواء له، إن الاتجاه السفلي للانفجار يعني أن الناجين القريبين من منطقة الانفجار ربما تبتر سيقانهم (قطع العظم والنسيج الناعم)، ويمكن أن يسبب السرطان بعد ذلك؛ بسبب بقايا المادة المتفجرة في الجسد.
دراسة تأثير مادة الـ «دايم» على الجسد
تمت دراسة تأثير خليط «التنجستين» الثقيل (HMTA) من قبل القوات المسلحة الأميركية منذ عام 2000 مع اليورانيوم المخصب، ووجد على إثر هذه الدراسة أن هذه الخلطات من المعادن تسبب أوراماً خبيثة في الخلايا البشرية.
وفي دراسة حديثة لوزارة الصحة الأميركية عام 2005، وجدت أن شظية «HMTA» تسبب أمراض السرطان بسرعة في الجرذان المخبرية. انتهى تقرير الدكتور غلبرت، مع أنني اختصرت منه الكثير لعدة أسباب، منها أن بعض المصطلحات الطبية يصعب فهمها، وبعضها علمي اقتبسه الدكتور من مصادر أخرى.
أرجو من السادة الأطباء في مؤسسة حمد الطبية تشكيل فريق طبي لجمع مثل هذه الأدلة بالتعاون مع زملائهم الذين استطاعوا الدخول إلى غزة، وتقديم هذه الأدلة إلى الأمم المتحدة والممثليات المعتمدة بها، بالإضافة إلى السفارات الأجنبية، ورفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، واستخدام كل ما هو متاح من وسائل قانونية لفضح إسرائيل والإدارة الأميركية التي تمدها بعتاد قذر مثل هذا.
سمعت أحد الأطباء يتحدث مع الصحفيين عن نوعية من القنابل التي تستخدمها إسرائيل تؤدي إلى تشويه الجسد وبتر الأعضاء، فلفت انتباهي الموضوع وحاولت الحصول على ما أستطيع من معلومات، حينها وجدت الدكتور عبد الوهاب المصلح رئيس الطوارئ في مؤسسة حمد الطبية الذي كان هناك مع بعض المساعدات، وجدته يتحدث مع طبيب مصري عن هذا النوع من القنابل، فقد طلب من الدكتور المصلح عدم إحضار الدواء المخدر «هالوثين»؛ لأنه يتفاعل مع الشظايا التي تتركها هذه القنابل في الجسم، مما يؤدي إلى انفجارها محدثة إصابات مروعة في جسد الجريح.
ما هذا؟ كيف يعقل أن يفكر أحدهم في هذا النوع من القتل؟ فسألت الطبيب إن كانت لديه صور أو معلومات عن هذه القنابل، فنقل لي بعض الصور من هاتفه النقال حصل عليها من طبيبين دنماركيين كانا في غزة وغادراها مؤخراً، فدونت أسماء الطبيبين والمنظمة التي جاءا عن طريقها.
حال عودتي إلى القاهرة كتبت اسم أحد الطبيبين على موقع غوغل، فظهر لي أنهما قاما بواجبهما في التحذير من استخدام هذا النوع من القنابل، فقد التقت بهما أغلب الفضائيات الغربية المعتبرة للتعريف بمهمتهما في غزة، قرأت الكثير عنهما، ولم يتبقَّ سوى الحصول على وسيلة الاتصال بهما.
بدأت هذا البحث أيضاً بإدخال العديد من الكلمات في نظام البحث وتغييرها من حين إلى آخر فلم أحصل على بغيتي، حينها تذكرت أن لي زميلاً صحفياً في الدنمارك، فاتصلت به وسألته عن هذين الطبيبين، فقال إنه قابلهما مؤخراً، وإن لديه وسيلة الاتصال بهما، فطلبت منه أن يحصل لي على التقرير الذي كتباه عن الجروح التي تسببها القنابل الإسرائيلية والصور التي التقطاها خلال وجودهما في مستشفى الشفاء في غزة.
بعد عدة ساعات وصلتني رسالة على هاتفي تنبئني بوصول ما طلبت على بريدي الإلكتروني، وصدمت لهول ما رأيت.
يقول الدكتور ماديس غلبرت في تقريره: «في عام 2004 أجرى مختبر أبحاث القوات الجوية الأميركية (AFRL) اختبارات على نوع جديد من الذخيرة المتفجرة يطلق عليه DIME Dense Inert Metal Explosive ) )، وما إن حل عام 2006 إلا وكانت إسرائيل قد استخدمتها في حرب لبنان.
عتاد هالك مركّز
تحت عنوان «عتاد هالك مركز» كتبت صحيفة سان فرانسسكو كرونيكل في عددها الصادر بتاريخ 12 سبتمبر 2006 مقالاً اقتبس منه الدكتور ما يلي:
تبحث وزارة الدفاع الأميركية عن ما يسمى بالذخيرة الهالكة المركزة، والتي يمكن أن توضع في قنابل صغيرة، وفي المستقبل تكون هذه الذخائر مغلفة بمادة مركبة، والتي بخلاف الفولاذ لن تتمزق إلى آلاف الشظايا عند انفجارها، وهذا يعني أن تأثيرها سيكون محدوداً حول نقطة الانفجار، أي لن يدمر شيء سوى الهدف المقصود، ولزيادة تأثير القنبلة على الهدف تقوم الوزارة بتجريب المتفجرات المعدنية الخامدة «دايم» والتي تستعمل مسحوق «التنجستين» في المادة المتفجرة لتقوم مقام الشظايا.
بتر الأعضاء السفلية
وقد نقل الدكتور غلبرت أيضاً قولاً لأحد أطباء غزة: «أطلق بعض أطباء غزة تحذيراً في منتصف شهر يوليو الماضي بعد أن شاهدوا جروحاً غريبة لأول مرة تسببت على الأقل في 62 حالة بتر للأطراف السفلى، وقد طلب الأطباء في أغلب الأحيان مساعدة المجموعة الدولية لفهم أسباب هذه الجروح الغريبة التي أظهرت أجزاءً صغيرة غير مرئية بالأشعة السينية.»
فهل تكون هذه الأجزاء الصغيرة هي الأجزاء المتفجرة التي تتفاعل مع دواء «الهالوثين» المخدر؟ سنترك هذا الأمر للأطباء لإفادتنا.
الدايم.. الذخيرة الإشعاعية القاتلة
إن نوع الإصابات التي أوردتها تقارير الأطباء في كل من لبنان وغزة يتطابق مع الإصابات التي تسببها ذخائر «الدايم». يستخدم «الدايم» في التدمير المباشر المنخفض، وهو نسخة من القنابل صغيرة القطر المستخدمة حالياً في العراق من قبل القوات الأميركية.
لـ «الدايم» قُطر انفجاري صغير، ولكنه فعّال، وللقنبلة غلاف معدني ليفي كربوني يتحول إلى غبار بدلاً من أن يتحول إلى شظايا خطيرة، إن مصطلح «معدن خامد» يشير إلى المعدن غير المشترك في الانفجار، حيث تُخلط حشوة المتفجرات مع خليط «التنجستين» المعدني الثقيل (HMTA) مثل الكوبالت والنيكل أو الحديد، ويتحول خليط «التنجستين» الثقيل مع الانفجار إلى شظايا صغيرة قاتلة من المسافات القريبة حتى 4 أمتار، ولكنه يفقد الزخم بسرعة جداً بفضل مقاومة الهواء له، إن الاتجاه السفلي للانفجار يعني أن الناجين القريبين من منطقة الانفجار ربما تبتر سيقانهم (قطع العظم والنسيج الناعم)، ويمكن أن يسبب السرطان بعد ذلك؛ بسبب بقايا المادة المتفجرة في الجسد.
دراسة تأثير مادة الـ «دايم» على الجسد
تمت دراسة تأثير خليط «التنجستين» الثقيل (HMTA) من قبل القوات المسلحة الأميركية منذ عام 2000 مع اليورانيوم المخصب، ووجد على إثر هذه الدراسة أن هذه الخلطات من المعادن تسبب أوراماً خبيثة في الخلايا البشرية.
وفي دراسة حديثة لوزارة الصحة الأميركية عام 2005، وجدت أن شظية «HMTA» تسبب أمراض السرطان بسرعة في الجرذان المخبرية. انتهى تقرير الدكتور غلبرت، مع أنني اختصرت منه الكثير لعدة أسباب، منها أن بعض المصطلحات الطبية يصعب فهمها، وبعضها علمي اقتبسه الدكتور من مصادر أخرى.
أرجو من السادة الأطباء في مؤسسة حمد الطبية تشكيل فريق طبي لجمع مثل هذه الأدلة بالتعاون مع زملائهم الذين استطاعوا الدخول إلى غزة، وتقديم هذه الأدلة إلى الأمم المتحدة والممثليات المعتمدة بها، بالإضافة إلى السفارات الأجنبية، ورفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، واستخدام كل ما هو متاح من وسائل قانونية لفضح إسرائيل والإدارة الأميركية التي تمدها بعتاد قذر مثل هذا.
رفح المصرية - عبد العزيز آل محمود - العرب القطرية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية