أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دستور الضحك على اللحى.. فؤاد عبد العزيز*

أرشيف

محزن جدا أن يتم اختصار مطالب الثورة السورية، وبعد مئات آلاف الشهداء والمعتقلين وملايين المهجرين، بلجنة دستورية، ودستور جديد، يقوم بكتابته أشخاص مصنفون على أنهم من ألد أعداء الثورة.

ما لهذا ثار الشعب السوري يا سادة..! هذا ضحك على اللحى، لأنه لم تكن مشكلتنا في يوم من الأيام مع هذا النظام، بالدستور، وإنما بتعطيل الدستور عبر القوانين والمراسيم الاستثنائية، وعبر الأجهزة الأمنية التي كانت فوق الدستور وفوق الحكومة والجيش وجميع أجهزة المجتمع المدني.

مشكلتنا يا سادة مع هذا النظام، كانت ومازالت مع المساعد أول في الأمن العسكري، أبو جعفر، والرقيب في المخابرات الجوية، أبو حيدرة .. فمادام هؤلاء يملكون صلاحيات تفوق صلاحيات رئيس الحكومة وجميع الوزراء، وقادرين في أي لحظة على "شحط " أي مسؤول أو مواطن، إلى أقبية تعذيبهم، دون حسيب أو رقيب، فهذا يعني أن أي دستور لا يمكن أن يحل المشكلة السورية، ما لم يتم وضع حد لهذه الأجهزة وممارساتها القمعية، وهذا أمر لا يمكن للنظام القائم أن يفرط به، لأنه يعلم أنه في اللحظة التي يتخلى فيها عن هذه الأجهزة فإنه لن يستمر بعدها يوما واحدا.

مشكلة المعارضين المتورطين في المشاركة في كتابة هذا الدستور، أنهم يحاولون تجاهل هذه الحقائق، على الرغم من أن أكبر رأس فيهم، يموت رعبا من عريف في المخابرات، ويحسب له حساب ربما أكثر من رب العالمين. وإلا لما حرموا أنفسهم من دخول بلدهم لعشرات السنين .. ! وأحد هؤلاء المعارضين، ونقصد "قدري جميل"، غادر سوريا وهو يحمل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، لكنه آثر عدم العودة واحتمى بروسيا، لأنه يعلم أن منصبه لا يمكن أن يشكل حصانة له .. فأي دستور يسعى هؤلاء لكتابته، ويعتقدون أنه سوف يحل المشكلة، إذا لم يلحظ تعطيل سطوة هذه الأجهزة..؟!

البعض يتحدث عن أن روسيا، سوف تضغط نحو إلغاء الأجهزة الأمنية أو تجميعها في جهاز واحد، وتحديد سلطاتها، بعد كتابة الدستور الجديد، لكن حتى الآن لا يوجد ضمانات على هذا الكلام، والبعض الآخر يتحدث عن أن شكل الحكم في سوريا سوف يتغير بالكامل مع هذا الدستور، بحيث يتحول إلى نظام أقاليم غير مركزية، هي من تتولى إدارة شؤون مناطقها، لكن النظام يصر في هذه الفكرة أن يكون التمويل مركزيا، لأنه يعلم أن الرجال قوامون على النساء بما أنفقوا، أو بصيغة أخرى، من يمول يوجه، وبالتالي، و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت"..!

أفكار كثيرة يتم تسريبها حول ماهية الدستور الجديد وتوجهاته، والأهم فيها، أن الأشخاص الذين تم انتخابهم لكتابة هذا الدستور باسم المعارضة، هم أبعد ما يكونون عن روح الثورة السورية وجوهرها، وأبرز واحد فيهم، وهو هيثم مناع، لا يخطط للعودة إلى سوريا ولو ملكوه إياها من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب .. أما أحمد الجربا، فجل طموحه هو أن يؤكد زعامته على عشيرته، وحبذا لو أن الدستور يلحظ هذه النقطة.

أما ميس كريدي، فهي تحمد الله ليلا نهار كون النظام سمح لها أن تعود إلى حضنه دون أن يعتقلها، وهي أكثر ما تتمناه أن تشكل مساهمتها في كتابة الدستور المزيد من الحصانة لها من عمليات الانتقام مستقبلا. 

وعلى نفس المنوال، لؤي حسين ومجموعته المشاركة في كتابة الدستور، فهم أعلنوها صراحة وبصوت مرتفع أكثر من مرة، أنهم لا يرون سوريا إلا من زاوية مستقبل العلويين فيها، وهم سوف يسعون جهدهم لأن يكون لهذه الفئة الحصة الأكبر في السلطة.

إذا، وكما يقول المثل: "المكتوب واضح من عنوانه"، وكل من يتأمل أن تغدو سوريا مختلفة، من خلال كتابة دستور جديد لها، كأنما ينتظر أن يلد البغل..!

إننا بشكل أكيد، أمام مرحلة الهدف منها هو تمويت ما تبقى من روح الثورة وجذوتها في نفوس الشعب السوري .. إنه الحل على الطريقة الروسية، التي لم يعد يعنيها من كل سوريا، سوى كيفية المحافظة على مكتسباتها، ومثلها تركيا وإيران وأمريكا وباقي الدول، التي وضعت يدها على قطعة الأرض التي تريدها من سوريا، وتركونا نتقاتل على قطعة الورق المسماة الدستور.. ويريدون منا أن نقتنع أن هذا هو الحل.

*من كتاب "زمان الوصل"
(217)    هل أعجبتك المقالة (223)

عبود السراج

2018-06-23

اجزم انك لم تقرأ يوما الدستور وكل ما قرأته بيانات الاعلانات في سانا.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي