أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فنان من إدلب يجسد انتفاضة الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي

الأسمر: تعلمنا من الإخوة الفلسطينيين دروس الثورة - زمان الوصل

على أحد الجدران المهدّمة في مدينة "بنش" بريف إدلب تصافح عينا العابر لوحة جدارية تجسد الشاب الفلسطيني المقعد "فادي أبو صلاح" الذي قضى إثر استهدافه برصاص قناص اسرائيلي منذ أسابيع ليتحول إلى أحد رموز المظاهرات الأخيرة في غزة.

ويظهر "أبو صلاح" في اللوحة جالساً على كرسيه المتحرك وهو يوجه مقلاعه إلى قوات الاحتلال وخلفه صورة لطفلين يرتدي أحدهما علم فلسطين وفوقهما عبارة "مقلاعك أرعبهم فقتلوك"، وإلى جانبهما صورة للرئيس الأمريكي ترامب وهو يرفع يده وأمامه عبارة "العرب نايمين" وإلى يمين الجدارية صورة "حنظلة" -شخصية الفنان الفلسطيني "ناجي العلي" المميزة- وفوقها عبارة "يا حيف عالعرب".

اعتاد الفنان الغرافيكي "عزيز الأسمر" 45 عاماً على رسم جداريات تمثل يوميات الثورة السورية على جدران بلدته "بنش" المهدمة خلال السنوات الماضية، ومع اندلاع انتفاضة الشعب الفلسطيني من جديد ضد الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة المحتلة وجد نفسه مدفوعاً باللاشعور إلى رسم لوحات من عمق الجرح الفلسطيني تعكس قسوة وبطش الاحتلال وبالمقابل ترسم الأمل في دحره ونيل الحرية منه.

وسبق للأسمر أن رسم لوحة جدارية احتجاجا على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من "تل أبيب"، ويهدف من خلال لوحتيه هاتين وغيرهما إلى إيصال رسائل تضامن للفلسطينيين الذين يتقاسمون الوجع والمأساة مع السوريين قتلاً وتهجيرا وخذلانا. 

ولأن فلسطين قضية الأمة فهي لم تغبْ عن بال السوريين الأحرار حتى في أحلك ما يعيشونه من مآسِ –كما يقول الفنان الشاب- لـ"زمان الوصل" مضيفاً أن "الظلم تشابه علينا مع فارق كبير بين من يقتل إخوتنا الفلسطينيين منذ 70 عاماً هو عدو مغتصب للأرض والمقدسات وبين من يقتل أهلنا في سوريا، ممن كنا نظنهم أهلنا وأبناء جلدتنا". 


"الأسمر" أشار إلى أن السوريين الذين عاشوا الظلم والتشريد والاعتقال والنزوح على مدار السنوات السبع الماضية كان من الطبيعي أن يستحضروا عذابات الفلسطينيين على مدى عقود.

وأردف أن اختبار هذا الظلم الذي عاشه الفلسطينيون دفعه للتعبير عن المأساة التي واجهوها ولا زالوا إن لم يكن من باب إسلامي وعربي، فمن باب إنساني وعدالة قضيتهم وحقهم، فاتجه -كما يقول- إلى رسم لوحات على الجدران المدمرة في إدلب لإيصال رسالة تعبيرية بالألوان مفادها أننا نشعر بكم. 

وشبّه الفنان الإدلبي صورة الطفل "محمد درة" الذي قتله الإسرائيليون وهو محتمٍ بأبيه بشكل المقعد الفلسطيني "فادي أبو صلاح" ومقلاعه وبما مثله هذا الشاب من أيقونة إصرار على المقاومة والدفاع عن الحق مهما كانت الظروف الصحية، وقد أصابه ما أصاب الشيخ "أحمد ياسين" من إجرام فاستشهد على كرسيه المتحرك.

ولفت "الأسمر" إلى أنه مع زملائه الفنانين السوريين الأحرار تعلموا من الإخوة الفلسطينيين دروس الثورة في العسكرة وحتى في الفن فهم سباقون في كل المجالات وخير دليل جدران غزة المليئة بالرسوم التي تحاكي الأمل وكسر القيود، ولكن للأسف لم نتعلم منهم عدم الوثوق بالقرارات الدولية التي انحازت للقتلة ولم تُطبق بمعظمها.

واستدرك أن رسومات الفلسطينيين أثرت في أجيال طويلة من الفنانين وهو واحد منهم وخاصة رسومات الفنان "ناجي العلي" التي يمكن إسقاط معظمها على واقعنا في الثورة اليوم.

وأبان محدثنا أن "الرسومات قد لا تصرف المؤامرات أو تحرف وجهتها ولكنها توثق جرائم الطغاة وتحولها إلى رسائل على الورق أحياناً وعلى الجدران أحياناً أخرى". 

يعمد "الأسمر" إلى اختيار الفكرة التي تعبر عن حدث فيدرس الشكل الأكثر تأثيرا والأقدر على إيصال الرسالة، محاولاً نقلها إلى الجدار بمهارة وبراعة فنية لا تخفى عن عين الناظر.

ولفت "الأسمر" إلى أنه يختار غالباً الجدران المهدّمة لتتكلم عن ذاتها وما طالها من قصف وإجرام، مفضلاً كما يقول استخدام الألوان الصاخبة كالأحمر والأصفر لتخلق لدى المتلقي مزيداً من المشاعر والانفعالات. 

ويؤمن الفنان الشاب أن "الثورة فكر والفكر لا يموت مهما حاول الإسرائيليون في فلسطين والنظام في الشام وأدها"، مضيفاً أن "تلك الثورات قد تمر بانتكاسات لكنها حتما لا تموت".

وكشف محدثنا أنه يعمل في المناطق المحررة تحت سقف لا يمكنه تجاوزه لاعتبارات مناطقية وفصائلية ويحترم هذا السقف ويراعيه طالما كان عمله موجهاً بالمحصلة لخدمة قضيتنا وقضايا العرب جميعاً، آملاً –كما يقول- في أن تتحسن الأوضاع في سوريا وفلسطين ليرسم أفكاراً عن النصر والحرية بعد تحقيقهما على أرض الواقع.

فارس الرفاعي -زمان الوصل
(199)    هل أعجبتك المقالة (227)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي