أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إيران "كش مات".. عبد السلام حاج بكري*

أرشيف

الجديد المهم على صعيد الحراك السياسي فيما يتعلق بالساحة السورية أن يُسمِع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأس النظام " بشار الأسد" كلاما من قبيل "ضرورة انسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا" رغم أنه ليس جديدا، فقد قاله في لقائه السابق معه، ولكن هذه المرة الأولى التي يخرج فيها للإعلام، ويحمل دلالات لم تعد مواربة، إلى حد كبير، بأن المستهدف الأول بهذا الكلام هو الميليشيات الطائفية الإيرانية وتلك التي تدعمها.

هذا يؤكد أن بوتين رضخ راضيا للرغبة الإسرائيلية بلُي الذراع الإيرانية في سوريا التي طالت كثيرا، لا سيما مع هيمنتها على الجيش السوري والتحكم المطلق بقراراته وتحركاته خصوصا في دمشق ومحيطها، وإدخالها لعشرات الصواريخ البالستية إلى سوريا والمحاولات الدؤوبة لنقلها إلى حزب الله في جنوب لبنان مع كميات من مخزون السلاح الكيماوي التي يخفيها نظام الأسد.

تحاول روسيا منذ عام، أو يزيد، لجم التمدد الإيراني لأنه بات يهدد مساحة نفوذها، ويغضب إسرائيل التي لا تسمح بتراكم السلاح الفعال على حدودها، عدا عن رفضها لتضخم نفوذ إي دولة في إقليم شرق المتوسط، وروسيا تسعى لإلغاء المبرر الإسرائيلي لقصف مواقع في سورية، حيث تتواجد قواتها تجنبا لتكرار الإحراج الذي أصابها مع الضربات السابقة، وهي من أجل ذلك قد تكون قصفت موقعا إيرانيا في مطار حماة ومحيطه يوم الجمعة، بسبب رفض إيران إخراج ميليشياتها، وقبله مواقع أخرى.

تستند إيران برفضها الخروج من سورية إلى عدم اليقين الكامل بجدية إسرائيل بمسعاها لتحجيم دورها في لبنان وسوريا بناء على توافق المصالح الدائم بين الطرفين، ورفضها هذا يأتي في إطار المساومة على مصالح استراتيجية لها في سوريا، وأهمها الحفاظ على المعبر المفتوح من طهران إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، هذا في حال استمرت إسرائيل في التصعيد ضدها، وهي لا شك طرحت مثل هذا الأفكار على روسيا وإسرائيل.

عندما تتشدد إيران في حوارها مع الروس برفض الخروج من سوريا، تقصف صواريخ إسرائيل وطيرانها مواقع لهم، ولكن هذا الاستهداف، حتى اللحظة، يتم بعد إعلام الروس به، وهؤلاء بدورهم يخبرون الإيرانيين، وتاليا تكون الخسائر الناجمة عنه محدودة، ولن يطول صبر إسرائيل كثيرا وستتحوّل ضرباتها إلى مدمرة للميليشيات الإيرانية وحزب الله، بما يهدد بتوسع رقعة الحرب ومشاركة أطراف أخرى فيها.

استشعرت روسيا ذلك وزادت من تواجدها العسكري، لا سيما البحري، قبالة الشواطئ السورية، ولا يخرج عن هذا الإطار إرسالها طائرات متطورة إلى شرق سيبيريا قريبا من مضيق بهرنغ، ويأتي ذلك متزامنا مع الإعلان عن اشتباك غير كامل مع طائرات أمريكية هناك.

ولتجنّب المواجهة، تضاعف روسيا جهدها لإقناع إيران بالحد من تواجدها في سوريا، وقد يخدمها إلى حد كبير فوز أحزاب عراقية في الانتخابات الأخيرة أقل ميلا لإيران، الأمر الذي يسهم بزيادة الضغط عليها ويرغمها للتعامل بواقعية سياسية مع تمددها في سوريا ولبنان، وتسحب بعض ميليشياتها من سورية، ويمكن أن يُصنّف سحب حزب الله لبعض عناصره في هذا الإطار.

قريبا، وربما جدا، سيظهر بشار الأسد على وسائل الإعلام، ويعلن الانتصار في حربه على الإرهاب، ويقدم الشكر "جزيلا" لكل من شاركه فيها، ويطلب منهم مغادرة الأراضي السورية لانتفاء مبرر وجودهم، وبهذا يُرفع الغطاء كاملا عن أي شرعية للتواجد الميليشياوي الإيراني، ويفتح الباب واسعا للراغبين باستهدافها إن لم تمتثل. 

كل الدول الفاعلة في المنطقة لا ترغب بمواجهة عسكرية كبيرة، لذلك ستسهم بالضغط على إيران لسحب قواتها من سورية، ولا تخلو هذه الخطوة من بعض المغريات الاقتصادية تقدمها الدول الأوربية التي رفضت الخروج من الاتفاق النووي، ولن يكون ترامب غاضبا إن سوّيت الأمور بهذه الطريقة رغم تصعيده الإعلامي ضد الشركات الأوربية التي تتعامل مع إيران.

*من كتاب "زمان الوصل"
(108)    هل أعجبتك المقالة (107)

عدنان بدوي

2018-05-19

تحليل مهم للوقائع ومشفوع بمعلومات دقيقة وهذا ليس بجديد علىالكاتب القابع وسط دمشق والعارف بكل تفاصيل اللعب السياسي .احييك على هذه الرؤية استاذ عبد السلام حاج بكري ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي