أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إسرائيل الغبية...! .. حسين الزعبي*

أرشيف

لم تكن إسرائيل غبية في يوم من الأيام كما هي اليوم، بل يمكن القول إنها أضاعت فرصة أخذ المنطقة إلى مكان آخر، على الأقل لجهة تأسيس بناء نفسي جديد لشعوبها، ناهيك عن السياسة، فهي بطبيعة الحال قادرة على التوجيه والإدارة، بل والضغط على صناع القرار في واشنطن وموسكو وغيرهما من عواصم القرار في العالم.

منح القادة العرب، لاسيما في الدول التي عاشت نسائم الربيع العربي، فرصة تاريخية لإسرائيل وجعلوا من أنفسهم جملة المقارنة الأسوأ، إذ وجد قسم من العرب إن لم يكن كلهم في إسرائيل عدوا أقل شراسة من حكامهم، فهم لم يعتادوا حتى من إسرائيل رؤية مجازر بحجم همجية وبشاعة ما ارتكبه القادة العرب بحق شعوبهم قصفا وقتلا لم يستثن كبيرا ولا صغيرا، والنموذج السوري مازال حاضراً، ومثله كان الليبي واليمني.

القادة أنفسهم الذين تاجروا بالقضية الفلسطينية، للاحتيال على الشعوب، لأنهم يعلمون أن فلسطين بأقصاها قبلتهم الأولى مثلما هي قضيتهم الأولى، هؤلاء القادة أنفسهم منحوا إسرائيل فرصة لا أعتقد أنها ستتكرر في خلق التحول الحقيقي في طريقة تفكير أبناء المنطقة تجاه التكوين الاساسي لإسرائيل نفسها، وهنا لسنا بوارد صحة ما ذهبت إليه تلك التوجهات من عدمها، فهي ميول نشأت "تحت التعذيب"، تعذيب مارسه القادة على شعوبهم بالمعنى الجسدي وبالمعنى النفسي، وساعد على ذلك بروز إيران أو انكشافها كعدو لايقل وجودية عن خطر إسرائيل.

القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها في ذكرى النكبة، والمجزرة التي ارتكبتها اسرائيل بالأمس وارتقى فيها أكثر من ستين شخصا، وهي مجزرة برقمها هذا ربما لا تشكل الصدمة المناسبة عند السوريين، فهم اعتادوا هذه الأرقام في المجازر التي ارتكبها ويرتكبها النظام وميليشياته وحلفاؤه بحقهم، وهنا لا نشير لا من قريب ولا من بعيد إلى تبرير السيء بالأسوأ، ولكن ما كان لإسرائيل أن تجرؤ على مثل هذا العمل لولا أنها تشاهد ما يرتكب بحق الشعوب العربية من قبل ولاة أمرهم، وسبق لأكثر من مسؤول إسرائيلي أن أشار إلى ذلك.

القدس وفي قلبها الأقصى كان دائما المعيار الأساسي لنهضة أبناء المنطقة، فهو ما كان خارج عباءتهم إلا في فترات الانحطاط الكامل، انحطاط القادة والشعوب، وما عاد إلى حكمهم إلا فترات النهوض المجتمعي من رأس هرمه إلى أدنى قاعدته، سياسيا وعسكريا وقبل هذا وذاك أخلاقيا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(185)    هل أعجبتك المقالة (182)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي