أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سينما ... هنادي أبو هنود

لقد عاصرَ الجيل السابق السينما، وكان الناس إلى عهدٍ غير بعيد يتابعون أفلام السينما ويُدهشون لها ويستمتعون بها، وكانت العائلة تذهب لتحضر فيلماً جديداً.. لقد كان نجوم السينما يتألقون في حياة الناس، وكان الناس يحبون نجماً خاصاً ويفضّلونه على آخر ويتابعون حضور فيلم ذلك النجم...

الجيل القديم نسبياً يذكر السينما بحنينٍ كبير، ويذكر تلك الشاشة الكبيرة التي جذبت الناس إليها على مدى سنواتٍ عديدة، كما يذكر التقاليد المرافقة لعرض فيلم سينما كإشعال (البيل) الكهربائي لمن تأخّر عن العرض، وحجز الطابق الأول (الصالة) أو البلكون وكانوا يسمّونه (اللوج) والسعر الذي يتفاوت بينهما ..

لقد أسرت الشاشة الكبيرة قلوب الناس فشغفوا بها وتواصلوا معها، وانتظروا قدوم الأفلام الجديدة ليستمتعوا بها وبنجومهم المفضَّلين، فليس هناك متعة كمتعة مشاهدة الشاشة الكبيرة والجلوس في صالة السينما لحضور فيلم جميل، هذه المتعة التي لا تساويها اليوم متعة حضور التلفزيون أو الفيديو أو أقراص الـ (dvd).

... حمص كانت على صلة بالسينما إذ لا يزال عالقاً في أذهان الجيل السابق أسماء صالات حمص التي زال معظمه وبقي بعضها شاهداً على حقبةٍ زمنيةٍ احتفلت بالسينما فناً وإبداعاً وحضوراً.

لقد شهدت حمص ظهور السينمات فيها منذ منتصف الثلاثينات مثل سينما أمبير التي تقع في أول شارع الدبلان والتي تحولت فيما بعد إلى سينما فاروق، وسينما الحمراء مكان "سيتي سنتر"، وسينما روكسي خلف مقهى الروضة، وسينما أمير قرب مبنى المحافظة، وسينما أوبرا مقابل مديرية الآثار، وقربها سينما ريفولي، وسينما القاهرة، ثم سينما حمص التي لا تزال إلى وقتنا الحاضر. وسينما الحرية في شارع الحميدية.

أغلب هذه الصالات بقي صامداً حتى طغى التلفزيون والفيديو على السينما وبقوة فزال معظمها وبقي بعضها صامداً، ومؤخراً ومنذ ثلاث سنوات شهدت حمص تجديداً وإحياءً لبعض دور السينما وللأفلام التي بدأت تستحوذ على اهتمام المشاهدين، فجدَّد القائمون على الأمر بعض دور السينما في حمص مثل: الكندي والأمير وحمص. وبدأت تعرض أفلاماً جميلة ومهمّة.

فهل ستستعيد السينما ألقها مع هذا التجديد؟

 وهل سيعيش الجيل الجديد أجواء السينما القديمة؟ وهل ستعوِّضهم عن المعطيات الحالية؟...

أظنَّ أنَّ الإجابات معروفة لديكم مسبقاً، فالسينما جميلة جداً دائماً وأبداً، قديماً وحديثاً، ولكن أعتقد أن زمنها قد ولَّى، فحينما يأتي فيلم جميلٌ إلى حمص نتلهف لحضوره، ولكن إن لم نحضره فلا بأس، لن يزعجنا ذلك ولن نظنّ أنه قد فاتنا أمرٌ مهم لأننا سنراه في السنة القادمة على شاشة التلفزيون بواسطة إحدى القنوات الفضائية المختصة بالسينما.

ألا ترون معي أنَّ لكلِّ زمن معايير وتصرفات وعادات؟

 فما كنا نستمتع به في القديم ربما لن يمتعنا اليوم، وما كنا نراه ضرورياً سابقاً ربما لن ينفعنا اليوم.. وكما يقال "لكل زمان دولة ورجال"..

رحم الله الزمن الماضي ليرحمَ معه أيام السينما الجميلة التي لم يبقَ منها في حمص سوى ثلاث صالات فقط ...

(160)    هل أعجبتك المقالة (160)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي